حـــــــ1 / نوميديا Numidia الجزائر و تاريخها
====================
تاريخ الجزائر History of Algeria دولة عربية ظلت تُعرف باسم المغرب الأوسط حتى دخولها تحت الحكم العثماني في العقد الثاني من القرن العاشر الهجري (السادس عشر الميلادي).
======
نوميديا Numidia
نوميدْيا منطقة في إفريقيا الشمالية، وجدت أثناء العصور القديمة في جزء مما يعرف بالجزائر الآن. كانت نوميديا متحالفة مع قرطاجة المجاورة عندما بدأت الحرب البونية الثانية، بين قرطاجة وروما عام 218 ق. م. ولكن مسينيسا، زعيم نوميديا، أيد القائد الروماني بوبليوس كورينليوس سيبيو. وفي المقابل، بصفته حليفًا لسيبيو، كوفئ مسينيسا بالإقليم، وأصبح ملكًا على كل نوميديا حوالي عام 200 ق. م. وفي السنة التالية، ساعد النوميديون سيبيو على هزيمة القرطاجيين، الذين كان يقودهم هنيبعل، في زاما بإفريقيا الشمالية.
وقد استولى مسينيسا على أرض من قرطاجة، عدة مرات بعد الحرب. وأخيرا قاومته قرطاجة، مما ساعد على نشوب الحرب البونية الثالثة (149 - 146 ق. م). ولقد دمرت روما قرطاجة في الحرب، ولكنها أيضًا أوقفت التوسع النوميدي. وبحلول 112 ق. م، تمكن يوجورثا، حفيد مسينيسا المُتَبَنى، من الاستيلاء على نوميديا كلها من غير اعتبار لروما. ولكن ألحق القائد الروماني ماريوس الهزيمة سنة 106 ق. م. وفي عام 46 ق. م، قام ملك نوميديا جوبا الأول بمحاربة يوليوس قيصر ولكنه هزم. وضم يوليوس قيصر نوميديا وجعل من معظمها مقاطعة رومانية. وفي عام 25 ق. م، وضع الإمبراطور الروماني أوغسطس، الجزء الغربي من نوميديا تحت حكم جوبا الثاني، ملك موريتانيا.
=======
الحروب البونية Punic Wars
الحروب البونية صراعات ثلاثة نشبت بين روما القديمة وقرطاج، ويطلق عليها أيضًا الحرب القرطاجية انتصرت روما فيها جميعًا. وجعلت هذه الانتصارات من روما القوة الكبرى في غربي البحر المتوسط، ومكنتها من السيطرة التامة على دول منطقة البحر المتوسط. واشتقت كلمة قرطاجي من كلمة فينيقي وإليها نسبت الحروب، لأن الفينيقيين هم الذين أسسوا قرطاجة.
الحرب البونَّية الأولى (264 - 241 ق. م). بدأت هذه الحرب عندما تدخلت روما بالقوة لتمنع قرطاج وسيراقوسة (مدينة في جزيرة صقلية) من السيطرة على بوغاز مسينا وهو الخليج الواقع بين صقلية وإيطاليا، وأصبحت روما، حينئذ، قوة بحرية مكافئة لمحاربة قرطاج. وخسر الطرفان كلاهما العديد من الأساطيل والكثير من الرجال، ولكن الحرب حُسمت لصالح روما بعد هزيمة صقلية وفوز روما في المعركة البحرية النهائية.
الحرب البونَّية الثانية (218 - 201 ق. م). نشبت إثر الحرب الأولى، وترجع جزئيًا إلى التنافس الإقليمي في أسبانيا بين روما وقرطاجة. عبر القائد القرطاجي الشهير هانيبال، جبال الألب واجتاح إيطاليا. ولكن الرومان هزموه عام 202 ق. م، وتحملت قرطاج دفع غرامة كبيرة، كما تخلت عن أسبانيا.
الحرب البونيَّة الثالثة (149 - 146 ق. م). نشبت عندما تمردت قرطاج على القيود التي فرضتها معاهدة السلام الرومانية عام 201 ق. م. وفي هذه الحرب الثالثة تحطمت قرطاج تمامًا.
ويرجع انتصار روما في تلك الحروب إلى أن لديها أفضل الموارد والكثير من الجنود. أما قرطاج فعلى الرغم من أنها كانت الأكثر ثراء في البداية، غير أنها اعتمدت على المرتزقة وقد أكد هانيبال أن المرتزقة قاتلوا ببسالة، ولكن لم يتوافر العدد الكافي منهم.
=======
هانيبال Hannibal
هانيبال حارب الرومان في حرب قرطاج الثانية. يصور هذا المنظر الجنرال سيبيو الروماني، في مقابلة مع هانيبال، وهما يتباحثان حول السلام. وقد هزمت قوات سيبيو هانيبال في موقعة زاما في شمال إفريقيا عام 202 ق. م.
****
سيبيو أفريكانوس، بوبليوس كورينليوس
Scipio Africanus, Publius Cornelius
سيبيو أفريكانوس، بوبليوس كورينليوس (236 - 183 ق. م). جنرال روماني هزم الجنرال القرطاجي هانيبال في الحرب القرطاجية الثانية (218 - 201 ق. م).
وقعت المعركة الحاسمة في زاما بشمالي إفريقيا، وأعطى الرومان سيبيو اسم أفريكانوس بسبب انتصاره. كما سُمي أيضًا سيبيو الأب.
ينتمي سيبيو إلى عائلة غنية ماديًا وقوية سياسيًا في روما، تُعرف بعائلة كورنيلي. في عام 199 ق. م، انتُخب مراقبًا لإحصاء السكان، والآداب العامة. في عام 184 ق. م وأثناء خوضه الانتخابات مرة أخرى، اتُهم بالرشوة وواجه الخزي، فاعتزل الحياة العامة.
*****
هانيبال (247 - 183 ق. م). قائد ورجل دولة في قرطاج، وهي مدينة قديمة في شمالي إفريقيا ساعدته استراتيجيته العسكرية الممتازة وقدرته القيادية على تجاوز المعوقات الكبيرة، وهزم جيشًا أكبر بكثير من جيشه ووحَّد الناس من مختلف الجذور الاجتماعية تحت قيادته وتمتع بحب الجيش وثقته.
بداية حياته. وُلد هانيبال في قرطاج ووالده هميلكار باركا كان أيضًا قائد جيش. كره هميلكار باركا الرومان وكانت مدينته العدو الرئيسي لهم. ونظرًا للتقاليد جعل هميلكار يُقْسِمُ دائمًا بأن يكون عدوًا للرومان. ذهب هانيبال مع أبيه إلى أسبانيا وهو طفل، وهي أرض حكمتها قرطاج جزئيًا. وعندما كان هانيبال شابًا قاد الجنود ضد القبائل الأسبانية وساعد في زيادة القوة القرطاجية. وأصبح هانيبال القائد القرطاجي في أسبانيا عندما كان عمره خمسًا وعشرين سنة. وفي عشرينيات القرن الثالث قبل الميلاد، تطورت المشاكل بين قرطاج والروم بسبب توسع هانيبال وهاجم ساجونتم الحليف الأسباني للروم، في 219 ق. م، وأعلنت الروم الحرب ضد قرطاج، وهي الحرب البونية القرطاجية الثانية في 218 ق. م.
حملاته العسكرية. في بداية الحرب، أدهش هانيبال الرومان بمناوراته الجريئة. بدأ من أسبانيا بجنود يصل عددهم إلى 60,000 وعبر بهم الراين وفرنسا وجبال الألب ودخل روما الإيطالية، وقد قتل الجليد والبرد وقبائل الجبال الضارية العديد من القرطاجيين في الألب. ووصل هانيبال إلى وادي ألبو في شمالي إيطاليا ومعه 26,000 جندي وستة آلاف حصان. وجلب أيضًا بعض الفيلة لأنها تشتت بعض الأحيان صفوف الأعداء كما تفعل الدبابات في المعارك الحديثة. بعد ذلك، جنّد ما بين ألف وخمسمائة وألفين من الغاليين. والغاليون أيضًا يسمون بالسلت، وهم من وادي ألبو حيث أعداء الرومان.
وأُحضرت جيوشٌ رومانية من صقلية كمحاولة لوقف تقدم هانيبال ولكنه خدع الرومان في كمين وهزمهم في معركة نهر تربيا. وتحرك هانيبال إلى وسط إيطاليا في 217 ق. م، وهناك خدع الجيش الروماني لملاحقة جيشه، بعد ذلك حطم هانيبال الرومان في كمين على شواطئ بحيرة تراسيمينو.
وفي 216 ق. م، وجد هانيبال نفسه أقل عددًا من الرومان بكثير في كاني في جنوبي إيطاليا ونظم هانيبال جنوده في شكل قوس. وعندما هاجم الرومان المركز أحاط فرسان هانيبال الأقوياء بهم وسحقوهم.
وقتل القرطاجيون 50,000 من جنود الأعداء في يوم واحد يعد أسوأ انهزام تكبده الجيش الروماني.
نقطة التحول. بعد كاني، أصبح مستقبل هانيبال جيدًا لكن التيار انقلب حالاً ضده وضد قرطاج. كسب هانيبال حلفاء في شمالي إيطاليا ومقدونيا وسيراقوسة وصقلية، لكن بعض حلفائه أصبحوا مشغولين عن مساعدته ولا يزال للرومان حلفاء في مراكز إيطاليا مع العديد من جنودهم، فأصبحوا قادرين على منع التعزيزات من الوصول إلى هانيبال. وأثناء ذلك، طرد القائد الروماني بوبليوس كورينليوس سيبيو القرطاجيين خارج أسبانيا. وفي 204 ق. م، غزا إفريقيا، مما دعا هانيبال إلى العودة لبلاده إفريقيا في 203 ق. م. وأخيرًا هُزِمَ على يد سيبيو في زاما شمالي إفريقيا في 202 ق. م، وانتهت الحرب عام 201 ق. م بانتصار الروم على الرغم من محاولات هانيبال الجريئة.
بعد الحرب. سمح الروم للقرطاجيين بحكم أنفسهم وترأس هانيبال الحكومة واستعادت قرطاج وضعها سريعًا تحت قيادته. لكنه فر شرقًا في 195 ق. م، بعد أن سمع أن الرومان سوف يقومون بطلب تسليمه. ووجد حماية من أنطيوخوس الثالث ملك سوريا الذي كان يهم بدخول حرب مع الروم. ولم يستفد أنطيوخوس من خبرات هانيبال العبقرية إلا قليلاً وخسر الحرب في 189 ق. م، وهرب هانيبال إلى بثينيا مكان تركيا الحالية وانتحر عندما طلب الروم تسليمه.
=======
قرطاج Carthage
قرطاج مدينة قديمة في شمالي إفريقيا، كانت قد هيمنت على أجزاء واسعة في البحر المتوسط.
قرطاج كانت واحدة من أعظم المدن في العصور القديمة، ومركزًا تجاريًا ثريًا يقع على شبه جزيرة في شمالي إفريقيا بالقرب من مدينة تونس الحالية. وكانت قرطاج واحدة من المستعمرات التي أسسها البحارة الفينيقيون مركزًا تجاريًا وملاحيًا. والاسم الفينيقي لقرطاج هو كرتاداشت، ومعناه العاصمة الجديدة أو المدينة الجديدة.
أهمية قرطاج. نمت قرطاج بسرعة نظرًا لموقعها في شبه جزيرة، ولميناءيها الممتازين. وكان أحد الموانئ ـ وهو الذي كان يقع داخل جدران المدينة ـ كبيرًا بما يكفي لإيواء المئات من السفن الحربية. وخضعت معظم أنحاء الشَّطر الشمالي الغربي لإفريقيا وجنوبي أسبانيا وسردينيا وكورسيكا والشطر الغربي من صقلية لحكم قرطاج. وكان سكان قرطاج أكثر اهتمامًا بالتجارة من غيرها كالفتوحات، ومع ذلك فإنهم كانوا يستخدمون القوة العسكرية متى ما شعروا بأن ذلك كان ضروريًا.
أطلال قرطاج تتضمن بيوتًا كهفية تقع خارج مدينة تونس الحالية.
نبذة تاريخية. وفقًا للمؤرخين، فإن مستعمرين من صور أسسوا قرطاج في عام 814 ق. م. غير أن علماء الآثار الذين نقبوا في أنقاض قرطاج لم يعثروا على آثار يزيد عمرها على حوالي 750 سنة قبل الميلاد.
أصيبت صور والمدن الفينيقية الأخرى بالضعف نتيجة هجمات الآشوريين والبابليين (أو الكلدانيين) المتكررة، ومن ثم أصبحت قرطاج مستقلة دون حرب بعد حوالي سنة 600 ق. م وتحولت إلى زعيمة للأراضي الفينيقية الغربية.
هذه الزعامة أضافت إليها مسؤوليات جديدة؛ فقد خاضت قرطاج حروبًا مستمرة مع القوات الإغريقية في صقلية. وتحالفت قرطاج مع الأترسكانيين، وهم شعب عاش في أواسط إيطاليا. بيد أن قوة الأترسكانيين اضمحلت بعد سنة 500 ق. م. ومن عام 480 ق. م. سحق الإغريق جيش قرطاج في هيميرا بصقلية. ولم تستطع قرطاج الحصول على عون من الفينيقيين الشرقيين الذين فقدوا العديد من سفنهم خلال اشتراكهم في الغزو الفارسي لليونان.
بقايا مبانٍ شيدها الرومانيون بعد فتحهم قرطاج في القرن الثاني قبل الميلاد. وحكم الرومانيون قرطاج حتى القرن الخامس الميلادي، عندما اجتاح الواندال المدينة.
ثم مرت قرطاج بفترة من العزلة والتدهور، وتحول نظام الحكم فيها من حكم الرجل الواحد إلى حكم الأقلية وكان هناك برلمان من المواطنين، ولكن السلطة الحقيقية كانت في أيدي القضاة وجنرالات الجيش ومجلس النبلاء.
وتوسعت قرطاج في صقلية مرة أخرى في حوالي سنة 410 ق. م وحكمت معظم صقلية بين حين وآخر. وخاضت قرطاج وخسرت ثلاث حروب سميت الحروب البونية مع روما، بين عامي 264 و 241 ق. م، وبين 218 و 201 ق. م، وبين 149 و 146 ق. م. وكاد العبقري هانيبال، وهو جنرال قرطاجي، ينتصر في الحرب الثانية لصالح قرطاج، ولكن قرطاج دُمِّرت في الحرب الثالثة. وفيما بعد أصبحت قرطاج مدينة مهمة من مدن الإمبراطورية الرومانية، وكان القديس أوغسطين واحدًا من أشهر سكانها. واجتاح الواندال قرطاج حوالي سنة 430 م.
=======
السلوقية، الأسرة Seleucid dynasty
السلوقية، الأسرة. الأسرة السلوقية مجموعة من الملوك الذين تعاقبوا على حكم جنوب غربي آسيا من عام 312 ق. م. إلى عام 64 ق. م. وقد عمل الجنرال المقدوني سلوقس الأول تحت إمرة الملك المقدوني الإسكندر الأكبر. ومع حلول العام 323 ق. م. وعند وفاة الإسكندر، حكم سلوقوس معظم جنوب غربي آسيا، فأقام إمبراطورية على جزء من هذه المنطقة. وفي قمة مجدها، امتدت الإمبراطورية السلوقية من آسيا الصغرى (تركيا حاليًا) إلى الهند شرقًا. وقد أنشأ السلوقيون مدنًا عديدة وشجعوا انتشار العادات والمعتقدات الدينية الإِغريقية.
وخلال القرن الثالث قبل الميلاد احتل البارثيون الجزء الشرقي الأقصى من الإِمبراطورية. وفي العام 188 ق. م. أجبر الرومانيون الملك السلوقي أنطيوخوس الثالث على التخلي عن معظم آسيا الصغرى. وفيما بعد وخلال القرن الثاني قبل الميلاد، فقد السلوقيون السيطرة على فلسطين، فاحتلها اليهود وعلى بلاد ما بين النهرين فاحتلها البارثيون. أما سوريا، آخر معقل للسلوقيين، فقد وقعت تحت سيطرة الرومانيين في العام 64 ق. م.
=======
يهوذا المكابي Judah Maccabee
يهوذا المكابي من زعماء اليهود في القرن الثاني قبل الميلاد، وهو ابن قسيس يُدعى ماتاثياس من مدينة مُدين. يُنطق اسم يهوذا أيضًا يوداس مكابيوس وتُعرف عائلته بالحشمونيين في النصوص العبرية القديمة. ووردت قصته في الإنجيل في سفر المكابيين وذلك في الأبوكريفا (أربعة عشر سفرًا) وتُلحق أحيانًا بالعهد القديم من الكتاب المقدس، ولكن البروتستانتيين لا يعترفون بصحتها.
في ذاك الوقت كان اليهود خاضعين لإمبراطورية السلوقيين، وهي إحدى الدول التي تشكلت خارج إمبراطورية الإسكندر الأكبر. كان أنطيوخوس الرابع ملك سلوقية ويدعى إيبيفانيس يريد أن تتبنى الشعوب الخاضعة له الثقافة والعادات الإغريقية واستجاب العديد من اليهود لذلك، ورفض بعضهم هذا المنهج.
منع أنطيوخوس تطبيق القانون اليهودي، ودُمرت نسخٌ من ذلك القانون، وقتل اليهود الذين لم يظهروا له الولاء والطاعة. حقق يهوذا انتصارات عديدة على أنطيوخوس، لكنه توفي في إحدى المعارك عام 160 ق. م وواصل أخواه جوناثان وسايمون مسيرته.
======
Dido ديدو مؤسِّسة قرطاجة الأسطورية وملكتها. كانت ابنة بيلوس ملك صور، وزوجة سكايوس، أو أسيرباس. وتسمى أيضًا أليسا.
هربت إلى إفريقيا مع كثير من أتباعها المخلصين بعد أن قُتل زوجها على يد أخيها بيجماليون. وهناك قُدِّمت لها قطعة أرض حددت مساحتها بأقصى ما يمكن إحاطتها بجلد ثور. قطعت الجلد إلى شرائح رقيقة، ووصلتها معًا، ومدتها لتحيط بمنطقة كبيرة. أصبحت هذه المنطقة موقع قرطاجة. وفي الأسطورة الأصلية، انتحرت ديدُو لتنجو من الأمير الإفريقي أيارباس أو هايرباس الذي أراد الزواج بها. إلا أنها في ـ الملحمة الشعرية الرومانية الإنيادة ـ قتلت نفسها بعد أن هجرها البطل الطروادي إينياس.
Phoenicia فينيقْيَا الاسم الذي أطلقه قدماء الإغريق على الإقليم الذي تحتله الآن المناطق الساحلية من سوريا ولبنان وفلسطين المحتلة، ويمثل النَّهر الكبير الحدود الشمالية له، بينما يشكل جبل الكرمل حدوده الجنوبية. كذلك تحده جبال لبنان من الشرق والبحر المتوسط من الغرب.
لا يُعرف تحديدًا أصل كلمة فينيقيا؛ ويبدو أنها قد تطورت من كلمة كنعان، التي تعني بلاد الأرجوان وهو الاسم الذى أُطلق في البدء على بلاد سوريا وفلسطين. كانت كنعان مصدرًا مهمًا للأرجوان الأحمر. يعتقد بعض الناس أن الإغريق ربما استخدموا لفظة فوينيك التي تعني الأرجوان الأحمر إشارة إلى المجموعة التي كانت تُتاجر معهم في هذا الأرجوان لكن هناك من لا يقبل هذا التأويل. وفي النهاية أصبحت لفظة فينيقيا، اسمًا للشريط الساحلي لبلاد كنعان.
كان الفينيقيون من أشهر شعوب العالم القديم، فقد كانوا بحارةً مهرة وملاّحين وتجارًا. وقد سجل لهم التاريخ إنجازين: كانوا من أوائل من أرسلوا مكتشفين وأقاموا مستعمرات على امتداد منطقة البحر الأبيض المتوسط وماوراء مضيق جبل طارق.
تطورت الأبجدية الإغريقية من الأبجدية (الألفباء) الفينيقية، ثم تطورت الأبجدية الرومانية وكل الأبجديات الغربية عن الإغريقية.
أنماط المعيشة
ليس من السهل التمييز بين الفينيقيين والشعوب الأخرى التي عاشت في بلاد كنعان قبل أن يفِد بنو إسرائيل هناك. ولهذا السبب يُعرف الفينيقيون في العهد القديم أحيانًا بالكنعانيين. وكثيرًا مايُشار إليهم بالصيداويين نسبة لمدينة صيدا الفينيقية. ويُعرف العلماء أن أوغاريت رأس شمرا الحالية، مدينة الفينيقيين الشمالية، والتي تقع في غربي سوريا، كانت على اتصال بحضارة كريت منذ 1900 ق. م. وفي مابين عامي 1400 م، و 1200 ق. م. ازدهرت مُستعمرة مسينية في أوغاريت.
اللغة. تحدث الفينيقيون لهجة إحدى اللغات السامية، واللغة الفينيقية قريبة جدًا من اللغة العربية، وتَبعُد نسبيًا عن الآرامية واللغات السامية في وادى الرافدين كالآشورية والبابلية. وقد كان العلماء في الماضي يعتقدون أن الفينيقيين قد ابتكروا أبجديتهم دون تأثير من أية جهة، إلا أن الاكتشافات الأخيرة أشارت إلى أنهم قد أخذوها من كتابات سابقة. تتكوّن الأبجدية الفينيقية من 22 صامتًا (حرفًا ساكنًا) ولما استعار الإغريق الأبجدية الفينيقية وضعوا خمسة رموز لأصوات ليست في لغتهم (كالعين والحاء ... إلخ) لإعطاء الصوائت، أي الحركات وحروف المد.
ومع بداية التاريخ الميلادي أصبحت الآرامية هي لغة فينيقيا، لكن أهل شمال إفريقيا حول قرطاج، المستعمرة الفينيقية، ظلوا يتحدثون اللغة الفينيقية حتى القرن السادس الميلادي، بلهجةً تُعرف بالبونيّة. وهناك بعض أسماء المناطق في جنوب أسبانيا التي استعمرها الفينيقيون في القرن الثامن ق. م. أو قبل ذلك، انحدرت من اللغة الفينيقية. فالاسم قادش (قادس، بالأسبانية الآن) جاء من الكلمة الفينيقية الحائط. وكلمة بايبل جاءت من الكلمة الإغريقية الكتاب والإغريق أخذوا الكلمة من مدينة بيبلوس (جبيل) الفينيقية والتي كانت مركزًا لتجارة البردي.
هناك بقايا من الأدب الفينيقي ظلت في التراجم الإغريقية. ومنذ عام 1929 م تمت اكتشافات مهمة في موقع أوغاريت القديمة. وقد أوضحت بعض المخطوطات الدينية التي وجدت على ألواح طينية، بعض الفقرات الغامضة في العهد القديم. وكانت هذه الألواح قد كُتِبت بالخط المسماري بأبجدية تختلف في طرازها عن الأبجدية الفينيقية المعهودة.
التجارة والتصنيع. كان الفينيقيون منذ بداية تاريخهم المعروف تُجارًا يركبون البحر؛ وكان المصريون على علم ¸بسفن جبيل· منذ 2,900 ق. م، إلا أن فينيقيا لم تصل قمة مجدها بوصفها قوة بحرية إلا في القرن الحادي عشر قبل الميلاد وماتلاه.
اشتهرت مدينة صيدا بصبغة الأرجوان وبتطوير نوعٍ من الزجاج. كذلك عرفت صور تصنيع صبغة الأرجوان واشتهرت بالروائح الكريهة التي تُسببها أعمال الصباغة. كانت فينيقيا إحدى جنان الإمبراطورية الرومانية، وكانت تُصدر النبيذ والزيوت والغار وخشب الأَرز والمنسوجات ومصنوعات أخرى.
تعلم الفينيقيون معظم طرق التصنيع من المصريين. فعرفوا السبك (الصب) والطرق وحفر المعادن، كالذهب والفضة، ونحتوا عدة أشياء من العاج منها قطع الأثاث. ومنذ أقدم العصور عرف الفينيقيون نسج الملابس من الصوف والكتان. وكان الحرفيون يصبغون الأقمشة، وكثيرًا ما يخيطونها ثيابًا قبل بيعها. وفي وقت لاحق استعار الإغريق الكيتون وهو ثوب فينيقي يشبه القميص.
الدين. كان لدى الفينيقيين عدة معبودات، أطلقوا عليها اسم بعل (للسيد) و بعلت (للسيدة). وقد عبد كل الفينيقيين نفس المعبودات الرئيسية، رغم أن المعبودين قد عُرفوا بأسماء مختلفة في مدن مختلفة. فالمعبود ملقارت معبود صور يمكن أن يكون بعل صور. وقد مارس الفينيقيون تقديم القرابين تمامًا كما فعلت الشعوب السامية الأخرى. إلا أنهم قدموا قرابين بشرية في فينيقيا ومستعمراتهم الأخرى، الشيء الذي أكسبهم شهرة في القسوة.
وكانت قصة عشتروت ومحبوبها أدونيس معروفة في فينيقيا، ثم وجدت طريقها إلى اليونان حيث أصبحت عشتروت هي المعبودة الإغريقية أفروديت. وعرفها الرومان لاحقًا بفينوس. وقد عرفت قصة موت أدونيس المأساوية، بأنياب خنزير بري، وانتحاب محبوبته عليه، من الأدب الإغريقي، إلى اللاتيني، ثم الإنجليزي عبر قصة فينوس وأدونيس.
الحكومة. عاش الفينيقيون مثل الإغريق في عدد من الدول ـ المدن، ولم توحَّد تلك المدن في قطر واحد. وكانت أرستقراطيات يحكمها ملوك. وبدءًا من القرن التاسع ق. م ظهرت مجالس الحكماء لتحكم إلى جانب الملك، وكان بعض هذه المجالس أكثر نفوذًا من الملوك. وفي وقتٍ لاحق أصبحت مُعظم هذه المدن تحكمها حكومة مدنية تُسمى الشوفيت. وقد هبط مُعظم سكان الجبال الفينيقيين إلى البحر حيث بُنيت معظم المدن القديمة على جزر مثل صور وأرواد، أو احتلوا مواقع موانئ صغيرة على الساحل على منحدرات التلال. ومن أهم تلك المدن الساحلية، من الشمال إلى الجنوب: أرواد وجبيل وبيرتوس (بيروت الحالية) وصيدا وصور وعكا. والمدينة الوحيدة التي احتفظت بأهميتها حتى وقتنا الحالي هي بيروت عاصمة لبنان وأهم ميناء فيه.
نبذة تاريخية
السيطرة الأجنبية. كانت فينيقيا تُعد الملتقى الطبيعى للحضارات الوافدة، لأنها تقع على الطريق الرئيسي للحركة بين مصر في الجنوب وآسيا الصغرى وبلاد الرافدين في الشرق. لقد فرضت مصر تأثيرات مبكرة على الفينيقيين. فمنذ عهد المملكة المصرية القديمة، منذ نحو 2686 إلى 2181 ق. م، كانت مصر تستورد خشب الأرز المشهور من لبنان. في عهد المملكة المصرية الوسطى أنشأتْ الدولتان علاقات تجارية مُنتظمة. كان الفينيقيون يُصدرون الأخشاب ويستوردون الذهب والمصنوعات. وخلال القرن الخامس عشر قبل الميلاد أصبحت فينيقيا مقاطعة حدودية لمصر، وبقيت كذلك لنحو مائة عام. وفي هذه الأثناء تأثرت مصر بالمدن الفينيقية مثلما أثرت فيها. فكثيرًا مازار النبلاء الفينيقيون البلاط المصري كما أثّرت العبادات والأفكار الدينية الفينيقية في الفكر المصري.
كذلك تأثرت فينيقيا القديمة بالحضارة البابلية، فخلال القرن الرابع عشر قبل الميلاد كان أمراء فينيقيا يكتبون بالخط المسماري. وتعلم الفينيقيون ختم مستنداتهم بأختام بابلية. كذلك تعلم الفينيقيون من البابليين الكثير من قصصهم الأسطورية عن بداية العالم، ومولد آلهتهم، وخلق البشر. ويرى بعض العلماء أن فينيقيا كانت الممر الذي عبرت من خلاله الأساطير البابلية التي تَحكي عن الخلق وعن الطوفان، إلى العبرانيين في الجنوب وإلى الإغريق.
ولفترة قصيرة خلال القرن الثالث عشر دخلت فينيقيا في دائرة النفوذ الحيثي، إلا أنها استعادت حريتها حين انهارت الإمبراطورية الحيثية.
انتشار التأثيرات الفينيقية. نالت المدن الفينيقية استقلالها في القرن الثاني عشر الميلادي، ولمائتين وخمسين عامًا بعدها بقيت على قمة السلطة والثراء. وكانت هناك مستوطنات فينيقية في قبرص من قبل القرن الثاني عشر قبل الميلاد. وبعد ذلك التاريخ وصل البحارة الفينيقيوّن إلى كل سواحل البحر الأبيض المتوسط وسيطروا على تجارته. ثم أنشأوا مستعمرات على امتداد الساحل الجنوبي لأسبانيا والساحل الشمالي لإفريقيا والساحل الغربي لصقلية. وربما يمكن القول أن غرب البحر الأبيض المتوسط أصبح بحيرة فينيقية في تلك الحقبة التي سبقت مجيء الإغريق.
أثّر الفينيقيون في الحضارة الغربية عبر مستعمرتهم قرطاج التي تُعد كبرى المستعمرات الفينيقية في الغرب. أنشأ هذه المستعمرة جماعة من مدينة صور نحو 750 ق. م وكانت الملكة ديدو من بين الشخصيات الأسطورية التي أنشأت المدينة. كانت هذه المستعمرات، بما فيها قرطاج، تُشابه المدن الفينيقية، وكان يعيش فيها عدد من الحرفيين والعمال والتجار والبحارة.
يرى بعض الباحثين أن التأثير الفينيقي، أو ربما المستعمرين الفينيقيين قد وصلوا، إلى كورنث وطيبة في بلاد الإغريق. إن مسألة الاستعمار الفينيقي لبلاد الإغريق أمر تغلب عليه المبالغة، إلا أن الفينيقيين قد ورد ذكرهم عند هومر حرفيين مهرة وتجارًا وبحارة. كذلك وصلت الأبجدية الفينيقية إلى بلاد الإغريق بعد بداية القرن التاسع قبل الميلاد بفترةٍ وجيزة.
أعطى التحكم على جانبي مضيق جبل طارق الفينيقيين مدخلاً إلى المحيط الأطلسي. وتمكنوا من التحكم في تجارة سواحل إفريقيا الشمالية وغرب أوروبا. ويذهب بعض الباحثين إلى أن الفينيقيين ربما يكونون قد وصلوا إلى كورنوول في جنوب غربي بريطانيا، واشتغلوا بالتعدين في مناجم القصدير هناك.
أبحر الفينيقيون حول إفريقيا في القرن السابع قبل الميلاد، أي ألفي عام قبل البرتغاليين الذين لم يتحقق لهم ذلك الإنجاز إلا في عام 1497 م. يحكي هيرودوت المؤرخ الإغريقي هذه القصة في المجلد الرابع من كتابه التاريخ.
التدهور. سقطت المدن الفينيقية في قبضة الآشوريين في عام 842 ق. م، ولمائتي عام بعد ذلك بقي الفينيقيون تحت حكم آشور. كانت تلك الحقبة فترة شدة وتمرد وقمع. وبعد سقوط الآشوريين في 612 ق. م، خضعت فينيقيا لفترة وجيزة لحكم البابليين. بعد ذلك أصبحت المنطقة جُزءًا من الإمبراطورية الفارسية التي أنشأها الملك داريوس الأول. في هذه الفترة أصبحت صيدا أكثر أهمية من صور؛ وازدهرت المدن الفينيقية تحت حكم الفرس، وبقي الفينيقيون بُناة سفن وبحارة متميزين. وأثناء الحروب الفارسية (490 - 479 ق. م) كان الأسطول الأول الفينيقي هو الساعد الأقوى للبحرية الفارسية في هجومها على بلاد الإغريق. يقول هيرودوت. إن ملك صيدا كان يحتل المرتبة الثانية بعد أحشورش ملك الفرس (أحشورش الأول) في هذا الأسطول. إلا أن الإغريق دمروا الأسطول الفينيقي عن آخره تقريبًا في معركة سلاميز في عام 480 ق. م.
وقعت فينيقيا تحت الحكم الإغريقي المقدوني حين احتل الإسكندر مدينة صور في عام 332 ق. م. أما خلفاؤه، حكام مصر وسوريا، فقد تصارعوا حول السيطرة على المدن الفينيقية والتحكم في مناعة بناء السفن وفي مصادرها التجارية. تبدلت الحضارة الفينيقية في هذه الفترة. وأصبحت اللغة الإغريقية لغة الأدب والمعرفة. أما الآرامية التي احتلت مكان اللغة الفينيقية في الماضي، فقد أصبحت لغة السوقة والعامة. وهناك عدد من فلاسفة تلك الفترة، انحدروا من أصول فينيقية، مثل زينو من صيدا وديودوروس من صور.
وفي عام 64 ق. م، قام الإمبراطور الروماني بومبي العظيم بضم فينيقيا لتصبح جُزءًا من مقاطعة سوريا الرومانية. وكان الرومان قد أنشأوا مدرسة اشتهرت بتدريس القانون في بيروت. أصبحت صور وصيدا مركزين مهمين للمعرفة وواصلتا ازدهارهما التجاري. كذلك اشتهرت صور بصناعة الزجاج. وفي القرن السابع الميلادي فتح المسلمون فينيقيا وبقية سوريا.
Gaul بلاد الغال، في أوج قوَّة الإمبراطورية الرومانية، كانت تغطي المساحة المبيّنة أعلاه.
بلاد الغال كانت تضم المناطق التي تشمل الآن فرنسا وبلجيكا، والجزء الألماني الواقع غرب نهر الراين. تَحَدّث قاطنو هذا الإقليم، والمسمون الغاليين، أشكالاً من السلتية، وهي مجموعة لغوية منها اللغتان الأيرلندية والولزية المعاصرتان. كان زعماؤهم الدينيون قساوسة يدعون درويديين. وكان لهم تأثير كبير في السياسة. أطلق الرومانيون على بعض الغاليين لقب ذوي الشعر الطويل لأنهم لم يكونوا يحلقون رؤوسهم أولحاهم.
في عام 390 ق. م، عبرت قبائل الغال جبال الألب واكتسحتها إلى إيطاليا، حيث نهبت روما وأحرقتها. وانسحب الغاليّون من روما، ولكنهم بقوا في الجزء الشمالي من شبه جزيرة إيطاليا. أصبح الإقليم الواقع جنوب جبال الألب معروفاً عند الرومانيين بغال سيسالبين أو جانب جبال الألب الغالي وأطلقوا على إقليم شمال جبال الألب جبال ألب ترانسالبين أو ما وراء جبال الألب الغالي. في القرن الثالث ق. م، اجتاحت القبائل الغاليّة ثريس (تراقيا) ومقدونيا وأخيرًا آسيا الصغرى.
كان الغاليّون رجال حرب، لكنهم لم يكونوا أندادًا للرومانيين المتدربين تدريباً عالياً. فهزم الرومانيون الغاليين في إيطاليا في القرن الثالث قبل الميلاد، وأدخلوهم ضمن رعايا روما. ثم بدأت الغارات الرومانية تتوالى على غال سيسالبين. ونجح الرومانيون خلال القرن الثاني قبل الميلاد في السيطرة على الشريط الغالي المطل على البحر الأبيض المتوسط. والآن يُسمى هذا الإقليم بروفِنس. لم يسيطر الرومانيون على جميع دولة الغال إلا في عصر يوليوس قيصر، بين عامي 58، 51 ق. م.
قسّم الإمبراطور أوغسطس بلاد الغال إلى أَربع مناطق بهدف سهولة إدارتها. واستمر هذا التقسيم 400 سنة. وقد عانت بلاد الغال فيما بعد من الحروب الأهلية والغارات الهمجية. كان الفرنكيون على رأس المغيرين، الذين قدموا في نهاية القرن الخامس الميلادي. ومنذ ذلك التاريخ سُمِّيت معظم بلاد الغال فرنسا على اسم الفرنكيين.
Hun الهون مجموعة من الشعوب دائمة الترحال المحبة للقتال والذين غزوا الإمبراطورية الرومانية حوالي القرن الخامس الميلادي تحت قيادة أتيلا قائدهم الشهير. ودمروا تقريبًا الإمبراطوريتين الرومانيتين الشرقية والغربية.
وكان الهُون قد نزحوا غربًا عبر نهر الفُولجا حوالي عام 350 م، وهزموا الشعب الألاني، ثم هزموا بعد ذلك القوط وطردوهم، كما غزوا بلاد الغال، تحت قيادة أتيلا مستعينين بالشعوب التي خضعت لهم.
ولكن في النهاية ضعف الهون عام 451 م، وفشلوا بعد ذلك في محاولات الغزو الأخرى. وبعد موت أتيلا عام 453 م، ثارت الشعوب الخاضعة للهون وألحقوا بهم الهزائم، وبعد ذلك تلاشى الهون وذابو في سلالات أوروبا المختلفة.
Goths القوط تحالف قبائل جرمانية قامت بغزو الإمبراطورية الرومانية في القرن الثالث الميلادي عندما ساعد القوط وقبائل بربرية أخرى (همج) على إسقاط الإمبراطورية الرومانية الغربية. وكانوا من أوائل الشعوب الجرمانية التي اعتنقت النصرانية.
من المحتمل أن يكون أصل القوط هو ما يعرف الآن بالسويد الجنوبية، ثم هاجروا إلى منطقة شمال البحر الأسود في القرن الثاني الميلادي. وفي القرن الثالث الميلادي أغاروا على حدود الإمبراطورية الرومانية الشمالية الشرقية. استوطن بعض القوط في داسيا (جزء من رومانيا والمجر الآن) عام 272 م. وفي القرن الرابع الميلادي انقسموا إلى قبيلتين. وصار القوط الذين استقروا في داسيا يعرفون بالقوط الغربيين، بينما عُرف الذين استقروا في شمال البحر الأسود بالقوط الشرقيين.
تعرّض القوط الغربيون لتهديد القبائل الهونية من ناحية الشرق عام 376 م. فاضطروا لعبور نهر الدانوب ولجأوا إلى مقاطعة بانونيا الرومانية، وقاموا بثورة واستطاعوا هزيمة الجيش الروماني عام 378 م في أدريانوبل (تُعرف الآن أدرنة - تركيا) وقتلوا الإمبراطور الروماني فالنس. وبحلول عام 382 م صار القوط الغربيون أول أُمّة بربرية مستقلة في الإمبراطورية الرومانية. قاموا بغزو إيطاليا بقيادة ملكهم ألارك في بداية القرن الخامس الميلادي ونهبوا روما عام 410 م.. انتقل خلفاء ألارك إلى بلاد الغال (فرنسا الآن) وأسبانيا. إلا إنهم هُزموا في بلاد الغال على يد قبائل الفرنجة (أو القبائل الجرمانية التي احتلت فرنسا) في أواخر القرن الخامس الميلادي، لكنهم استمروا في أسبانيا حتى عام 711 م.
قامت القبائل الهونية بهزيمة القوط الشرقيين في السبعينيات من القرن الرابع الميلادي، ومن ثم عاش القوط الشرقيون تحت سيطرة الهون حتى موت أتيلا ملك الهون القوي عام 453 م. وبعد ذلك انتقلوا إلى وسط أوروبا حيث انضم لهم الثيدوريك عام 471 م. قام الثيدوريك بغزو إيطاليا عام 489 م، واحتلوها عام 493 م، واستمر القوط الشرقيون فيها حتى هزمتهم الإمبراطورية البيزنطية (الرومان الشرقيون) عام 550 م.
Merovingian الميرُوفنْجيّ الاسم الذي تحمله سلسلة ملوك الفرانكيين (الفرنجة) الأوائل الذين حكموا بلاد الغال. أسس هؤلاء الملوك الدولة الفرنسية. وقد سمي ميرُوفنْجيّ ميرُوُفك، وهو اسم أحد قادة الفرنجة القدماء.
كان كلوفيس الأول، أول ملك ميروفنجي، قويًا. وعند موته عام 511 م، كانت المملكة الميروفنجية تضم شمال بلاد الغال، وأكيتيّن، وبعض الأقاليم شرق نهر الراين. لكن أولاده الأربعة اقتسموا المملكة التي توسعت أثناء حكمهم لتشمل برْغنْدي، وبرُوفنْس، وتورنجيا، وبافاريا. غير أن المملكة كانت مخلخلة الروابط.
ضعف الحكام الميروفنجيون في النهاية حتى كانوا يُسمَّوْن الملوك الذين لا يعملون. وبعد معركة تسْتري عام 687 م، دحرهم الكارولنجيون أجدادُ السلالة الملكية الجديدة.
Celts شعب السلت هو الشعب المتحدث باللغة السلتية وأحفادهم. وتشمل اللغات السلتية البريتانية والكورنية والأيرلندية والأسكتلندية الغيلية وهي فرع من أسرة اللغات الهندية ـ الأوروبية.
عُثِرَ على أقدم الشواهد على السلت في هولستات بالقرب من سالزبيرج بالنمسا. فقد كشفت الحفريات هناك المئات من قبور السلت التي يرجع تاريخها إلى نحو القرن الثامن قبل الميلاد. يُعَد سلت الهولستات من أول الشعوب التي صنعت الحديد في أوروبا الشمالية. وبحلول القرن السادس قبل الميلاد انتشر السلت في فرنسا والبرتغال وأسبانيا والجزر البريطانية واستوطنوا أيضًا شمالي إيطاليا وغزوا البلاد جنوبًا حتى روما التي نهبوها في 390 ق. م. خلال القرنين الرابع والثالث قبل الميلاد، انتقلت مجموعات من السلت إلى منطقة البلقان في ما يعرف الآن ببلغاريا واليونان. خلال الفترة الواقعة من القرن الرابع قبل الميلاد إلى القرن الثاني الميلادي احتل الرومان أجزاء واسعة من أوروبا، وكانت المجموعات السلتية الوحيدة التي حافظت على ثقافتها هي تلك التي سكنت أيرلندا وأسكتلندا وويلز جنوب غربي إنجلترا، وبريتاني في شمال غربي فرنسا.
تكوّن مجتمع السلت القديم من ثلاث طبقات: الأرستقراطيون والعامة والمثقفون. وتضم هذه الأخيرة المحامين والشعراء والرهبان. انقسم السلت إلى قبائل صغيرة يدّعي أفرادها أنهم ينحدرون من جد واحد، وقد نمت العشائر الأسكتلندية من مثل هذه القبائل. وعلى أي حال، فإن السلت الأوائل لم يكونوا أمة موحدة قط. شيد السلت القليل من المدن ولكن معظمهم كان يعيش في مستوطنات ريفية صغيرة يزرع المحاصيل ويربي الماشية.
استخدم بعض السلت الأوائل الألفبائية الإغريقية لكتابة لغتهم الخاصة، غير أنه لم يعثر على نماذج منها. لذلك جاءت المعلومات عن السلت الأوائل من كتاب قدماء الإغريق والرومان ومن الأشياء التي اكتشفها علماء الآثار. استخدم السلت الأيرلنديون خلال القرون الأولى للنصرانية شكلاً بدائيًا من الكتابة سُمي أوقام وقد عُثِرَ عليها في النقوش الحجرية. وقد تبنى السلت خلال بداية العصور الوسطى الحروف الهجائية اللاتينية وطوّروا نوعًا من الأدب المكتوب بما في ذلك بعض الأساطير.
في حوالي القرن السادس الميلادي طوّر السلت ما عُرف بأسلوب لا تين الأدبي الذي استقى اسمه من موقع سويسري عند الطرف الشرقي من بحيرة نيوشاتل حيث عثر على كثير من الأعمال التي نُقشت بذلك الأسلوب. يبرز ذلك الأسلوب أشكالاً متقنة من الأقواس والحلزونات المحبوكة. كما أنه صوّر بوضوح بعض الحيوانات والنباتات بأسلوب فني معين، قلما وجد له شبيه في الطبيعة. عاش أسلوب لاتين حتى العصور الوسطى حيث أصبح عنصرًا رئيسيًا في الآداب السلتية لتلك الحقبة.
صنع الفنانون السلتيون مخطوطات بديعة وأعمالاً معدنية للزينة ونحتوا أشكالاً حجرية.
Druids الدروديون مجموعة كانت تمثل طبقة الكهنة، والطبقة المتعلمة بين طائفة من سكان أوروبا القدماء، عُرفوا بالسَّلتِيِّين. وكانت توكل إليهم وظائف القضاء، والتشريع، والكهانة. وكانوا يتولون تنظيم الطقوس العقائدية، وفض النزاعات القانونية، ويقومون بمهمة قيادة الناس وتوجيههم.
كان الدروديون يدينون بالعقيدة الدرودية. وطبقًا لأحكام هذه العقيدة كانوا يعبدون عددًا من الآلهة، ويعتقدون أن نبات الهدال (نبات طفيلي)، وشجر البلوط من الكائنات المقدسة. وقد استقر في اعتقادهم أيضًا، بعض المزاعم التي تقول أن الروح خالدة، وأنها بعد وفاة الشخص، تدخل جسمًا آخر. وكانوا يقومون بذبح الحيوانات قرابين، وربما ذبحوا الإنسان لنفس الغرض. وللتنبؤ بالمستقبل، كانوا يدرسون حركة الطيور، وبقايا الحيوانات المذبوحة كقرابين. وقد حاول الرومان، الذين حكموا أوروبا بين حوالي عام 300 ق. م و 100 م، القضاء على الدرودية إلا أنها بقيت حتى القرنين الخامس والسادس الميلاديين عندما تحول السلتيون إلى النصرانية.
وخلال القرن السابع عشر الميلادي بدأ أحفاد السلتيين يهتمون بموروثاتهم الدرودية. واليوم توجد جماعات عديدة في بريطانيا، وأيرلندا تمارس طقوسًا وشعائر هي في اعتقادهم طقوس وشعائر الدرودية القديمة. ويقيم هؤلاء الاحتفالات الدرودية عند بداية فصول الربيع، والصيف، والخريف، والشتاء. ويُقام الاحتفال الرئيسي في مبنى ستونهينج، وهو مبنى تذكاري بالقرب من مدينة سالسبوري بإنجلترا، يُقال أن الدروديين كانوا يستخدمونه. وفي ويلز تقام مهرجانات موسيقية وشعرية تُسمى آيستدفودس تشتمل على الطقوس الدرودية.
======
التاريخ المبكر للجزائر
دلت الآثار التي تم اكتشافها بولايات مستغانم وتبسة (بئر العاتر) وقسنطينة (مشتى العربي) على أن الجزائر كانت آهلة بالسكان قبل 500,000 عام. ومع بداية الفترة الألفية الأولى قبل الميلاد، انتظم سكان المنطقة في قبائل استغلت الأراضي والمراعي جماعيًا، وكونت إمارات مثلت المراحل الفينقية الأولى. ثم تأسست الدولة الجزائرية الأولى في القرن الثالث قبل الميلاد بقيادة سيفاكس ثم مسينيسا، وكانت الحروب البونية قد بدأت بين روما وقرطاج في ذلك الوقت. وقد فتح سقوط قرطاج عام 146 ق. م الطريق أمام روما للتوسع خاصة وأنها كانت لا تستطيع تحمل وجود دولة قوية مستقلة وموحدة كالتي تركها مسينيسا. وقد ساعد تفتت الدولة النوميدية وانقسامها بين الحلفاء المتنافسين روما لاحتلال نوميديا رغم المقاومة الطويلة التي أبداها يوغرطة (يوجورثا) وجوبا الأول، وكان ذلك في عام 25 ق. م. لم يهادن شعب نوميديا الاحتلال لفترة خمسة قرون، وفشلت روما في التوغل أكثر من 150 كم من ساحل نوميديا، رغم قوتها في الفترة البيزنطية، وتمكنها من طرد الوندال في عهد جستنيان حتى انحنت أمام الفتح الإسلامي.
كانت الجزائر جزءًا من ولاية بلاد المغرب، التي كانت مدينة القيروان قاعدة لها، ضمن الدولة الإسلامية في العهد الأموي وفي مطلع العهد العباسي. لكن استقلال الأندلس عن بني العباس، ولجوء أصحاب المذاهب المناوئة لهم إلى الشمال الإفريقي، فتح الباب لظهور دويلات مستقلة في تلك الربوع النائية عن مركز الخلافة، وقد عرف تاريخ الجزائر في فترة ما بين منتصف القرن الثاني ومطلع القرن العاشر الهجري (آخر القرن التاسع إلى مطلع القرن السادس عشر الميلادي) بوقوعه تحت حكم دويلات مستقلة بالمغرب.
إمارات الخوارج. في سنة 160 هـ، 777 م نشأت في وسط المغرب الأوسط دولة صغيرة خارجية إباضية، خارجة عن القيروان التي كانت تحت حكم بني الأغلب الذين ظلوا مخلصين لبغداد. واستمرت هذه الدويلة قائمة بذاتها حتى سنة 296 هـ، 909 م، ليدخل المغرب الأوسط بعدها ضمن الدولة الفاطمية، التي ظهرت دعوتها قبيل هذا التاريخ في شرقي المغرب الأوسط نفسه، وامتدت إلى المغرب الأدنى لتخضع القيروان ثم تتخذ من مدينة المهدية عاصمة لها. وبقي المغرب الأوسط جزءًا من الدولة الزيرية التي انفصلت عن الخلافة الفاطمية سنة 435 هـ، 1043 م بعد انتقال مركزها إلى القاهرة المعزية. وقد دامت هذه الحالة من سنة 296 هـ، 909 م إلى 405 هـ، 1014 م، لينفصل فرع من بني زيري وهم بنو حماد بجزء من شرقي المغرب الأوسط عن القيروان، ويستقلوا بدويلة استمرت إلى سنة 547 هـ، 1152 م. وفي هذه الفترة كان الجزء الغربي من المغرب الأوسط قد دخل تحت سلطة المرابطين، الذين قامت دولتهم في المغرب الأقصى وامتدت شرقًا بهدف ضم كل بلاد المغرب وحمايته من الأخطار الأوروبية النصرانية، التي بدأت تهدد وجوده الإسلامي، وبخاصة من النورمنديين والأسبان والبرتغاليين. وقد واصلت دولة الموحدين هذا الدور، وكانت قد نشأت هي الأخرى بالمغرب الأقصى حوالي سنة 518 هـ، 1124 م، ونجحت في ضم كل المغرب العربي تحت سلطانها سنة 555 هـ، 1160 م. واستمرت هذه المرحلة إلى سنة 633 هـ، 1235 م، حيث قامت بتلمسان دولة بني عبد الواد، وهي دويلة انفصلت عن الدولة الموحدية واستمرت باسم الدولة الزيانية إلى حدود سنة 796 هـ، 1394 م. وتلت ذلك فترة من الاضطرابات امتدت إلى نهاية الثلث الأول من القرن العاشر الهجري (السادس عشر الميلادي) وانضواء البلاد تحت الخلافة العثمانية. وفي تلك الفترة خضعت أجزاء من بلاد المغرب الأوسط إلى الحفصيين تارة وإلى المرينيين تارة أخرى، واستعاد بنو زيان استقلالهم بتلمسان أحيانًا.
الدولة الرستمية. . عندما بلغت آراء أصحاب النِّحَل من الخوارج بالمشرق العربي إلى الشمال الإفريقي، اغتنمت بعض القبائل البربرية، فرصة انشقاق كلمة المسلمين لحمل راية العصيان في وجه أمراء القيروان. وقد انتشرت حركة الخوارج بسرعة في كافة بلاد المغرب والأندلس التابعة لإمارة القيروان إذ ذاك، ومن أشهر انتفاضاتهم في العصر الأموي انتفاضة عكاشة الأصفري سنة 124 هـ، 771 م التي حاصرت مدينة القيروان.
وفي سنة 160 هـ، 777 م أسس الخوارج دولتهم على جزء من المغرب الأوسط، متخذين من مدينة تاهرت عاصمة لها. وقد اختاروا عبد الرحمن بن رستم الفارسي الأصل إمامًا لهم، فسار سيرة حسنة وعرفت البلاد في عهده استقرارًا وازدهارًا. فلما مات سنة 171 هـ، 788 م اختارت القبائل الإباضية ابنه عبد الوهاب إمامًا، وخرجت عن تأييده بعض القبائل البربرية. وتولى بعده ابنه أفلح سنة 190 هـ، 807 م فحكم خمسين سنة رأى فيها الناس ما رأوا في عهد جده عبد الرحمن. وازدهرت الحركة الصناعية والتجارية.
...يتبع 👌👏
حــــــ٢ / نوميديا Numidia الجزائر و تاريخها
====================
وقد أقام بنو رستم علاقات حسنة مع بني أمية بالأندلس وعقدوا معهم اتفاقيات، لكن علاقاتهم مع جيرانهم السنة بإفريقية والأدارسة بالمغرب الأقصى كانت مضطربة. وقد نازع بنو رستم الأدارسة عندما أعلنت قبيلة زناتة عصيانها للرستميين واحتماءها بالأدارسة، كما حاربوا الأغالبة الذين لم يكفوا عن محاولاتهم لإعادة توحيد بلاد المغرب العربي تحت سلطتهم باسم العباسيين. وتمكن الفاطميون من التغلب على تاهرت واحتلالها سنة 297 هـ، 909، فتفرق الخوارج في مناطق مختلفة من إفريقيا والمغرب الأوسط كجبال نفوسة وجزيرة جربة وورفلة ومزاب.
الدولة الرستمية دولة أقامها الخوارج في المغرب العربي في الفترة من 137 ـ 297هـ، 754 ـ 909م عندما قدم عبدالرحمن بن رستم بن بهرام الفارسي إلى المغرب جنديًا فاتحًا مع جيوش المسلمين التي كانت ترسلها الخلافة العباسية في بغداد. وكان يدين بمذهب الخوارج. وكان من الذين فر بهم القائد أبو الخطاب عبد الأعلى بن السمح المعافري وولاه على القيروان.
اهتمت الدولة العباسية بخطر تيار الخوارج بالمغرب، فبعثت جيشًا للقضاء عليه قبل استفحال أمره. واضطر عبدالرحمن إلى أن يترك قاعدته في القيروان إلى موضع مدينة تاهرت الحالية. ثم ما لبث أن أعلن قيام دولته في هذه المنطقة، فتقاطر إليه الخوارج الإباضية من جميع أنحاء المغرب والمشرق. وأعلنوا عدم تبعيتهم للعباسيين، وانتقدوا الأسس التي قامت عليها الخلافة العباسية، مما جعل الخلافة العباسية تدخل معهم في حروب قاسية.
مكنت هذه الدولة من الصمود في وجه العباسيين وتغلبت على مشاكلها الداخلية في عهد مؤسسها عبدالرحمن وخليفته ابنه عبدالوهاب ثم خليفتهما الثاني ميمون بن عبدالوهاب.
بدأ الضعف يدب في الدولة الرستمية، لأسباب منها: إصرارهم على أن يكون الحاكم منهم، وتميز الفرس على غيرهم من الناس في الدولة، وانصراف الحكام المتأخرين إلى اللهو وإهمال الإصلاح. هذه الأسباب وغيرها أدت إلى الفساد، ثم تصدع بناء الدولة التي انهارت باغتيال يقظان بن أبي اليقظان آخر الحكام من الأسرة الرستمية، سنة 296هـ ، 908م وأتت الدولة الفاطمية على البقية الباقية منها سنة 297 هـ ، 909م.
قامت الدولة الرستمية بدور بارز في دعم الحضارة الإسلامية بالمغرب ونشر الإسلام في بلدان غربي إفريقيا عبر الطرق التجارية الصحراوية، التي تربط مدن شمالي إفريقيا بمدن غربي إفريقيا.
دولة بني عبد الواد. ظهرت هذه الدولة في نهاية الثلث الأول من القرن السابع الهجري (نهاية الثلث الأول من القرن الثالث عشر الميلادي)، واتخذت من تلمسان حاضرة لها. وأول من استقل بها أبو يحيى يغمراسن بن زيان، الذي بويع بعد مقتل أخيه زيان سنة 633 هـ. وكانت الدعوة في تلمسان للموحدين، وقد ضعف أمرهم وثار عليهم صاحب إفريقية أبو زكرياء الحفصي ووصل بجيشه تلمسان، فخرج منها أبو يحيى يغمراسن ثم انتهى الأمر بينهما بالصلح. وأقبل بعد ذلك السعيد المؤمني من مراكش سنة 646 هـ، 1248 م يريد حرب الحفصي بإفريقية، فقاتل أبا يحيى يغمراسن لكن النصر كان لهذا الأخير، فقتل السعيد وغنم ما كان معه من ذخائر الدولة الموحدية وما كان لجيشه من متاع ومال. وكان ذلك بدء استقلال بني عبد الواد في تلمسان وما حولها من وسط غربي المغرب الأوسط. وكان يغمراسن أول من خلط زي البداوة بأبهة الملك في تلك الدولة، فكان محبًا للعلم ومجالسة العلماء، وقد استمرت إمارته أكثر من أربع وأربعين سنة (ت سنة 681 هـ، 1283 م).
برزت تلمسان في ظل دولة بني عبد الواد كمركز ثقافي له أهميته، كما اشتهرت ببساتينها الغناء التي كانت منتجاتها تصدر عن طريق الموانئ الساحلية. وقد طمع جيرانها المرينيون والحفصيون في الاستيلاء عليها، فقد حاصرها أبو زكرياء الحفصي ودخلها سنة 640 هـ، 1042 م، وفرض عليها الولاء للحفصيين. وضمها المرينيون فعلاً بعد ذلك في سنة 737 هـ، 1337 م إلى أن أحيا الدولة أبو حمو الثاني 760 هـ -791 هـ، 1359 - 1389 م وأصبحت تُعرف بالدولة الزيانية، نسبة لبني زيان.
وفي الوقت الذي كانت فيه تلمسان حاضرة المغرب الأوسط، كانت المدن الساحلية تكوّن دويلات مستقلة شبيهة بالدويلات القائمة بإيطاليا. وقد أدى ذلك إلى طمع القوى الأوروبية النصرانية في البلاد، فغزا الصقليون بعض مدنها الساحلية واحتلوها فترة خلال القرن السابع الهجري (الرابع عشر الميلادي)، واشتد الخطر الأسباني عليها منذ بداية القرن العاشر الهجري (نهاية القرن الخامس عشر الميلادي). وقد كان الأسبان آنذاك يحتلون سبتة ومليلة، فاتجهوا بحملاتهم البحرية العدوانية شرقًا من ساحل الجزائر إلى طرابلس الغرب. وترجع هذه الحملات، بالإضافة إلى تمكن الروح الصليبية في الأسبان، إلى هجرة مسلمي الأندلس إلى موانئ المغرب العربي ومساهمتهم في تنشيط حركة الجهاد البحري وفي شن الغارات على ساحل أسبانيا. وقد شنت القوات البحرية الأسبانية حملة على ميناء المرسى الكبير في غرب الجزائر سنة 1505 م، واستولت على حجر باديس سنة 1508 م، وعلى وهران وبجاية سنة 1509 م، وأجبرت ميناءي دلس والجزائر على دفع إتاوة، وأقام الأسبان أمام هذه الأخيرة حصنًا على صخرة مواجهة عُرف بالبينون. وعجزت مملكة تلمسان الزيانية عن مواجهة الخطر الأسباني، بسبب ضآلتها وتعرضها في تلك الفترة لتفكك جديد واضطرابات داخلية. فانتهى بها الأمر إلى عقد صلح مع الأسبان سنة 1512 م، اعترفت فيه باستيلائهم على عدة موانئ في غربي البلاد. ولم ينقذ هذه الأخيرة من الهاوية التي تردت فيها، إلا ظهور الأسطول العثماني في غربي البحر المتوسط، كقوة قادرة على وقف الخطر الأسباني وعاملة، فيما بعد، على توحيد المغرب الأوسط سياسيًا.
الجزائر ولاية عثمانية
اجتذب الصراع بين الإسلام والنصرانية (الأسبانية خصوصًا) في الحوض الغربي للبحر المتوسط في أوائل القرن العاشر الهجري (السادس عشر الميلادي) عددًا كبيرًا من البحارة المغامرين، الذي نشأوا في خدمة الأسطول العثماني، ثم راحوا يكوّنون أساطيل صغيرة تعمل لحسابهم الخاص وتجاهد ضد أعداء الدين. ومن هؤلاء الأخوان عروج وخير الدين الذي عُرِف ببربروسة، أي (ذي اللحية الحمراء). فقد بدأ الأول نشاطه في غربي البحر المتوسط حوالي سنة 916 هـ، 1510 م، وفتح له الأمير الحفصي موانئ إفريقية. ولما سمع أهل المغرب الأوسط بغاراته الناجحة على الأسبان استقدموه إلى بلادهم، ليساعدهم على استرداد بجاية أكبر موانئ شرق الجزائر آنذاك. ثم استدعاه حاكم ميناء الجزائر، فنجح مع قوة عثمانية صغيرة في صد هجوم أسباني عن المدينة سنة 922 هـ، 1517 م. وحين خان بعض أهل تلمسان عروجًا اضطر للفرار فتتبعته القوات الأسبانية وقتلته وهو في طريقه إلى الجزائر.
تحرّج موقف خير الدين بالجزائر، فاستعان بالسلطان العثماني سليم سنة 924 هـ، 1518 م. فأرسل له السلطان ألفي إنكشاري وسمح لرعاياه بالتطوع في جيش المغرب، ودخلت الجزائر ضمن الولايات العثمانية. لكن كان على خير الدين أن يجاهد في جبهتين إحداهما ضد دول أوروبا وأسبانيا بخاصة، والأخرى توحيد البلاد في قوة إسلامية تواجه خصومه في المتوسط، فنجح في صراعه مع أوروبا وإلى قدر كبير في طرد الأسبان من الموانئ التي كانوا يحتلونها على سواحل المغرب الأوسط، باستثناء وهران التي ظلت تحت السيطرة الأسبانية حتى القرن الثامن عشر. وقد واجه في سبيل ذلك مؤامرات الحفصيين بإفريقية وبني زيان وغيرهم من القوى المحلية. لكن نجاحه سنة 936 هـ، 1529 م في القضاء على حصن البينون الأسباني، كان بداية حقيقية لتأسيس ولاية الجزائر وتحول ميناء الجزائر إلى عاصمة للمغرب الأوسط.
وأصبحت الجزائر عاصمة للولايات العثمانية في شمالي إفريقيا، بعد انضواء كل من تونس وطرابلس الغرب تحت لواء السلطنة العثمانية. فكان ممثل الدولة فيها يحمل لقب بيلرباي أي (رئيس البايات)، لكن هذا الإشراف لم يدم طويلاً. على أن تبعية ولاية الجزائر وغيرها من ولايات لم يقف عند حد الإدارة المحلية، بل تجاوز ذلك إلى التحكم في اختيار الولاة. فقد شهدت الجزائر تغيرات عدة في نظام الحكم، بحيث يمكن تمييز أربع مراحل هي: عهد النيابة (922 ـ 977 هـ، 1516 ـ 1588 م) حكم فيه البيلربايات فسيطروا على جند الإنكشارية والبحرية، عهد الباشوات (997 ـ 1070 هـ، 1588 ـ 1659 م) أصبحت فيه الجزائر ولاية عادية، وفقد الباشوات السيطرة على الإنكشارية، فانتقلت السلطة الفعلية إليهم في عهد حكم الأوجاق وهو المجلس الأعلى للجند (1070 ـ 1082 هـ، 1659 ـ 1672 م)، وقد انتشرت الفوضى مما جعل رؤساء البحر يضعون حدًا لسيطرة الإنكشارية فبدأ عهد الدايات (1082 ـ 1246 هـ، 1672 ـ 1830 م). وقد كانت الخلافة العثمانية تصادق على جميع هذه التغييرات، وظلت مستمرة على إرسال الباشوات الذين يمثلونها في الجزائر، حتى قرر علي داي سنة 1122 هـ، 1710 م إخراج الباشا من البلاد، ومنذ ذلك الوقت حمل الدايات لقب الباشا مع لقب الداي.
لم يقم نظام الحكم المحلي بالجزائر العثمانية على إدارة مباشرة، فاعتمد خارج المدن على تحالفات مع القبائل. وتركت الإدارة المركزية بعض التكتلات القبلية القوية دون التدخل في شؤونها، مكتفية بتلقي إتاوة غير منتظمة من بعضها. كما اشتهرت بعض القبائل بالتخصص في الخدمة العسكرية لدى العثمانيين مثل قبيلة زواوة. وظهرت طبقة خاصة من الجند العثمانيين تُعرف بالكورغلي، ناتجة عن زواج جند الأتراك من نساء محليات، عهد لها بالمحافظة على الأمن في الأقاليم. ولما استقر نظام الدايات تكون في مدينة الجزائر ديوان شبيه بمجلس الوزراء. وكان الداي يتخذ مقره في أعلى مدينة الجزائر بضاحية تُعرف بالجنينة، إلى أن انتقل عمر باشا سنة 1815 م إلى القصبة في أسفل المدينة على البحر ليكون في مأمن من الاضطرابات.
وقد تجمعت لدى الدايات ثروة ضخمة من الهدايا التي كان يقدمها قناصل الدول الأجنبية، ومن نصيبهم من غنائم البحر، ومما يتلقونه من إتاوات لقاء تعيين حكام الأقاليم والنواحي. وازدهرت مدينة الجزائر وخاصة في القرنين العاشر والحادي عشر الهجريين (القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين)، وبلغ سكانها حوالي مائة ألف نسمة. ولكن شأنها أخذ يتضاءل خلال القرن الثاني عشرالهجري (القرن الثامن عشر الميلادي)، حتى وصل عدد سكانها إلى ثلاثين ألفًا سنة 1246 هـ، 1830 م عندما احتلها الفرنسيون.
كانت علاقات الجزائر مع أوروبا سيئة في معظم فترات حكم الدولة العثمانية، وذلك بسبب الروح الصليبية التي تزعمتها أسبانيا وحركة الجهاد في البحر التي تزعمتها الجزائر، وهي ما ينعتها الأوروبيون بالقرصنة ظلمًا وقد هيأ موقع الجزائر وطول سواحلها لحكومتها تفوق بحري تجلّى خلال القرنين العاشر والحادي عشر الهجريين (القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين) في امتلاكها أسطولاً ضخمًا من أحدث أساطيل العالم وأقواها، تجاوز نشاطه البحر المتوسط إلى بحار الشمال، وكان يدر أرباحًا طائلة على المساهمين فيه بسبب ما يأتي به من غنائم وأسرى، حتى عدت مسألة استرقاق الأسرى وافتدائهم من أهم المسائل التي شغلت العلاقات بين الجزائر وأوروبا. وأذل أسطول الجزائر كثيرًا من الدول الأوروبية وأجبرها على دفع إتاوات وهدايا لحكامها نظير تأمين ملاحتها في المتوسط، ولا تكاد تخرج دولة منها عن هذا الالتزام. واستمرت بعض الدول تدفع ما عليها من إتاوات بصورة منتظمة حتى تدهورت قوة الجزائر البحرية قبيل الغزو الفرنسي، أما فرنسا فقد كفت عن تقديم الهدايا منذ عهد نابليون. ورغم ما بدا على تلك القوة البحرية من علامات الضعف منذ مطلع القرن الثاني عشر الهجري (نهاية القرن السابع عشر الميلادي)، فإن الدايات لم يكفوا عن العمل من أجل تخليص البلاد من الاحتلال الأسباني. لكن ذلك لم يتحقق نهائيًا إلا على يد الداي محمد باشا (1183 - 1203 هـ، 1769 - 1788 م) الذي اشتهر بجهاده البحري ضد الأسبان، وقد تكلل جهاده بخيبة ملك أسبانيا شارل الثالث في ثلاث حملات بحرية متتالية شنها على الجزائر في عهد ذلك الداي بين سنتي 1189 - 1200 هـ، 1775 - 1785 م، وبتسليم ميناء وهران إلى حسان داي سنة 1206 هـ، 1791 م.
الجزائر مستعمرة فرنسية
جمعت الدول الأوروبية قواها لإرغام الجزائر على التوقف عن تعرضها لسفن تلك الدول، فهاجمت البحريتان البريطانية والهولندية الأسطول الجزائري سنة 1231 هـ، 1815 م فأصبحت سواحل الجزائر مكشوفة لهجمات الأعداء.
وقد دفعت فرنسا لاحتلال الجزائر عدة أسباب، منها فقدان فرنسا لمستعمراتها خلال حروب نابليون ورغبتها في تكوين إمبراطوريتها من جديد، وقد لقيت في ذلك تأييد دول أوروبا من وجهة نظر صليبية. كما أن الملك الفرنسي تشارل العاشر كان يعاني من تفاقم المعارضة الداخلية ضده، فرأى أن يصرف أنظار شعبه إلى الخارج بافتعال الحرب ضد الجزائر ويكسب نصرًا سهلاً. أما السبب المباشر فيكمن في أن فرنسا كانت قد مرت بضائقة اقتصادية شديدة إبان حروب نابليون وعداء الدول الأوروبية لها، فساعدتها الجزائر بأن باعتها حبوبًا بأثمان مؤجلة، وكان التاجران اليهوديان الأخوان بوشناق قد قاما بدور الوساطة في تلك الصفقة، فتآمرا وتلكأت فرنسا في دفع ما عليها، وألح داي الجزائر في الخلاص، فكانت حادثة المروحة التي اتخذتها فرنسا مبررًا لاحتلال الجزائر. لقد ادعت فرنسا أن قنصلها أهين من قِبَل الداي حسين في موكب رسمي، عندما جاء يهنئ هذا الأخير بعيد فطر سنة 1242 هـ (28/ 4/1827 م) فخاطبه بشأن الدين وغضب لرد ذلك القنصل، فضربه بكشاشة الذباب على وجهه. وجرت أحداث عدة وتهديد من فرنسا للداي بحصار إن لم يقدم اعتذارًا مهينًا عن الواقعة، ورفض الداي تقديم الاعتذار. وأخيرًا شنت حملة بحرية ضخمة على الجزائر، شاركت فيها 503 سفينة تحمل أربعين ألف جندي وثلاثة آلاف مدفع.
أنزلت الحملة الفرنسية قواتها بضاحية سيدي فرج، وهزمت جند الجزائر بعد خمسة أيام من المعارك، فدخلت مدينة الجزائر يوم 14/ 1/1246 هـ (5/ 7/1830 م). لكن سقوط مدينة الجزائر بتلك السهولة لم يؤد إلى خضوع البلاد، وإنما دفعها للسير في اتجاهين متوازيين: اتجاه الفرنسة والإلحاق الذي تبنته السلطات الاستعمارية، واتجاه المقاومة والجهاد الذي التزم به الشعب الجزائري واستمات فيه.
عمدت فرنسا إلى إلحاق الجزائر بها، وعينت عليها حاكمًا عامًا فرنسيًا يرجع بالنظر إلى وزارة الداخلية. وعملت جهدها لفَرْنَسَة البلاد، عن طريق محاولة فَرْنَسَة عرب الجزائر من ناحية، وجلب أعداد كبيرة من المهاجرين الأجانب عامة، والفرنسيين خاصة، ليستوطنوا الجزائر من ناحية أخرى. ولما أبدى الجزائريون رفضهم للتفرنس، عملت فرنسا على إبادتهم وتشريدهم ونشر الجهل والفقر بينهم. ومن الأساليب التي اتبعتها لتحقيق تلك الأهداف، محاربة اللغة العربية والدين الإسلامي بغلق الكتاتيب القائمة ومنع انتشار المدارس الأهلية، وفرض اللغة الفرنسية وحدها في التعليم، وبهدم المساجد وتحويل بعضها إلى كنائس (من أبرزها الجامع الكبير بمدينة الجزائر). والاستيلاء على مصادر الثروة، ومن ذلك مصادرة الأراضي الخصبة سواء أكانت ملكيات خاصة أم أراضي أوقاف أم أراضي جماعية للقبائل، لتسلمها إلى المستوطنين الأجانب. وقد فرض دستور سنة 1339 هـ، 1920 م الجنسية الفرنسية على الجزائريين، وكانت فرنسا بعد صدور هذا الدستور تفرض على الجزائريين واجبات المواطن الفرنسي كالخدمة العسكرية لكنها تحرمهم حقوق المواطنة، وتمارس عليهم تفرقة عنصرية ودينية. وبموجب تلك السياسة ساقت فرنسا عشرات الآلاف من شباب الجزائر إلى جبهات القتال أثناء الحربين العالميتين الأولى (1914 - 1918 م) والثانية (1939 - 1945 م)، وأجبرتهم على القتال في حروبها الاستعمارية لقمع انتفاضات شعوب المستعمرات الفرنسية في سوريا وإفريقيا والهند الصينية. تمسك الجزائريون بعروبتهم وإسلامهم، وقاوموا مائة و اثنين وثلاثين عامًا جنود الاحتلال قدموا فيها ما لا يقل عن مليون من الشهداء حتى أرغموا المستعمر على التسليم.
المقاومة الجزائرية للاحتلال
بدأت المقاومة الجزائرية للاحتلال الفرنسي منذ سنة 1246 هـ، 1830 م أولى سنوات الاحتلال نفسها. وكانت على نوعين: مقاومة رسمية ومقاومة شعبية. وقد بدأ النوع الأول داي الجزائر واستمر بعد سقوط مدينة الجزائر في غرب القطر الجزائري بقيادة حسن باي وهران إلى أواخر 1249 هـ، 1833 م، وفي شرق القطر بقيادة باي قسنطينة إلى سنة 1253 هـ، 1837 م. وبدأ النوع الثاني من المقاومة عندما بايعت قبائل منطقة وهران في غرب الجزائر في صيف 1248 هـ، 1832 م الأمير عبد القادر بن محيي الدين ليقودها في الجهاد ضد الفرنسيين، فقادها في حركة مقاومة استمرت إلى سنة 1260 هـ، 1844 م. وقد سيطر عبد القادر على ثلثي أراضي الجزائر متخذًا من مدينة معسكر عاصمة له وأنشأ فيها مصانع حربية أيضًا، واستطاع أن يحصر المستعمر الفرنسي على الساحل غير قادر على التوغل إلى عمق البلاد، مما ألجأ هذا الأخير إلى سياسة المكر والمفاوضة، فعقد مع الأمير عبد القادر معاهدتين، واحدة سنة 1250 هـ، 1834 م وثانية سنة 1253 هـ، 1837 م، تمكن بينهما الجنرال كلوزل من احتلال مدينة معسكر. ولما عاد القتال بعد المعاهدة الثانية في سنة 1255 هـ، 1839 م اضطر الأمير إلى الانسحاب إلى المغرب الأقصى للاستنجاد بسلطانه. لكن الفرنسيين أجبروا هذا الأخير على عقد صلح معهم سنة 1260 هـ، 1844 م التزم بموجبه بإجلاء الأمير عبد القادر، الأمر الذي هيأ لاستسلامه سنة 1261 هـ، 1845 م وأسره فبقي في الأسر حتى 1301 هـ، 1883 م.
لم تهدأ القبائل فتتالت الانتفاضات الشعبية، وشن الجنرال راندون حملات انتقامية ضد القبائل الجزائرية مرتكبًا بحقها فظاعات يندى لها جبين الإنسانية. ومن تلك الانتفاضات انتفاضة بني سناسن سنة 1276 هـ، 1860 م، وانتفاضة أولاد سيدي الشيخ من 1281 إلى 1284 هـ (1864 - 1867 م)، وانتفاضة المقراني من نهاية 1287 هـ إلى أواخر 1288 هـ (1871 - 1872 م). وقد كانت هذه الانتفاضة الأخيرة من أكثر الانتفاضات خطرًا على فرنسا، لأنها تصادفت مع هزيمة فرنسا أمام ألمانيا سنة 1870 م، ودخول القوات الألمانية باريس وقيام انتفاضة الكمونة ضد الحكومة في العاصمة الفرنسية نفسها. وتميزت انتفاضة المقراني بشدتها واتساع رقعتها، ذلك أنها اندلعت شرقي القطر الجزائري فعمت جبال القبائل أولاً وإقليم قسنطينة ثم امتدت حتى أطراف سهل الميتجة غربًا وبسكرة جنوبًا، وأصبحت تسيطر على ثلث أراضي الجزائر. إلا أن عمرها كان قصيرًا، فقد استشهد أبرز زعمائها محمد أحمد المقراني في المعارك الأولى في الحادي عشر من فبراير عام 1871 م، مما شتت الأطراف التي شاركت في هذه الانتفاضة ودفعها للمفاوضة من أجل التسليم، رغم أن بومرزاق المقراني، الذي خلف أخاه في زعامة الانتفاضة قد واصل الكفاح المسلح حتى أسرته القوات الفرنسية ومن بقي من أتباعه في شهر ذي القعدة 1288 هـ (يناير 1872 م). وقد تلت هذه الانتفاضة أكبر محاكمة من نوعها في فترة الاحتلال الفرنسي للجزائر، وكانت أحكامها ذات طابع انتقامي، هدف إلى ردع الوطنيين حتى لا يحدّث أحدٌ نفسه بالانتفاضة مستقبلاً. وقد تمثلت في صدور 6,000 حكم بالإعدام خفف معظمها فيما بعد إلى الإبعاد إلى جزيرة كاليدونيا الجديدة الفرنسية جنوبي المحيط الهادئ، وشمل ذلك الإبعاد بومرزاق وأسرة الشيخ الحداد. وفرض غرامات مالية باهظة على القبائل التي شاركت في الانتفاضة بلغت 36,5 مليون فرانك ومصادرة 500 ألف هكتار من أراضي تلك القبائل سلمت للمستعمرين. وقد كان لأساليب القمع الوحشية التي واجهت بها السلطات الفرنسية الأهالي أثناء الانتفاضة وبعدها أثر في بث روح اليأس في نفوس الجزائريين؛ فبعد انتفاضة أولاد سيدي الشيخ بزعامة بوعمامة سنة 1298 هـ، 1881 م، التي أخضعت بعدها فرنسا المناطق الصحراوية وأعلنت ضم واحات المزاب، ساد الهدوء البلاد الجزائرية حتى الحرب العالمية الأولى.
الحركة الوطنية الجزائرية
تأخر ظهور فكرة الوطنية في الجزائر إلى ما بعد الحرب العالمية الأولى ببضع سنوات. وذلك راجع إلى مدى الضرر الذي لحق بالثقافة العربية، وإلى ضآلة الطبقة المتوسطة بتلك البلاد، نتيجة انتزاع الاستعمار لمصادر الثروة من أيدي سكانها ووضعها بأيدي المستوطنين الأجانب. ومع ذلك فلم تعدم الجزائر بقية من مجتمعها العربي الإسلامي العريق. فظل أفرادها يرنون إلى دار الخلافة على أنها المخلص الطبيعي، ودعوا إلى فكرة الجامعة الإسلامية لمواجهة الاستعمار الأوروبي. وقد تزعم هذه الحركة بالجزائر سنة 1328 هـ، 1910 م المحامي أحمد بوضربة والصحفي الصادق دندان ورجل المال الحاج عمار. وفي سنة 1330 هـ، 1912 م قدم أربعة من الشبان الجزائريين، عريضة إلى الحكومة الفرنسية يطالبون فيها برفع القوانين الاستثنائية، والتسوية بين الجزائريين والفرنسيين في الحقوق والواجبات. وكانت هذه هي الخطوة الأولى نحو ما يعرف بسياسة الإدماج. وأثناء الحرب العالمية الأولى جندت فرنسا عشرات الآلاف من الجزائريين، أشركت آلافًا منهم في القتال على الجبهات وأرسلت الآخرين للعمل في المصانع الحربية والمناجم، وأتيح لعدد من الضباط الجزائريين الترقي إلى رتب عالية في الجيش الفرنسي حتى رتبة عقيد. وقد عقد هؤلاء الآمال على مؤتمر فرساي، فتزعموا بعد الحرب، وفي مقدمتهم الأمير خالد بن محي الدين أحد أحفاد الأمير عبد القادر، الدعوة للإصلاح على أساس بقاء الجزائر جزءًا من الأراضي الفرنسية. فألف الأمير ما أسماه بكتلة المنتخبين المسلمين الجزائريين، التي ركزت أهدافها في إصلاح الأحوال الاجتماعية وإيقاف هجرة المستوطنين ومساواة الجزائريين بالفرنسيين في الانتخاب والتمثيل في المجالس بمختلف مستوياتها. وأصدرت الكتلة جريدة الإقدام للمناداة بفكرة الإدماج. بيد أن الأمير تعرض للإبعاد، ولما سمح له بالعودة إلى فرنسا سنة 1336 هـ، 1928 م، اتصل بوطنيين جزائريين ومغاربة من أجل العمل المشترك على مستوى المغرب العربي.
*****
على الساحة الجزائرية حاليًا. تشمل الأحزاب والتنظيمات السياسية العاملة في الساحة الجزائرية: الجبهة الإسلامية للإنقاذ، جبهة التحرير الوطني، جبهة القوى الاشتراكية، حزب النهضة الإسلامية، حركة التجمع الإسلامي (حماس)، الأرسيدي، الحركة من أجل الديمقراطية، الحزب الوطني الجزائري، حزب التجديد الجزائري، الحزب الوطني للتضامن والتنمية، الحزب الاجتماعي الديمقراطي وأحزاب صغيرة أخرى.
الجبهة الإسلامية للإنقاذ. في الانتخابات البلدية التي أُجريت عام 1410هـ، 1990م، فازت الجبهة الإسلامية للإنقاذ بزعامة عباس مدني بالانتخابات، وتلا ذلك توتر العلاقات بين مختلف التيارات والأحزاب السياسية واستقالة الرئيس بن جديد في ديسمبر 1990م ليتولى مجلس للرئاسة إدارة البلاد لما تبقى من مدته. وعمدت الحكومة الجزائرية إلى تعطيل الانتخابات. وقام نتيجة لذلك صراع مرير بينها وبين الجبهة الإسلامية للإنقاذ كان من نتائجه مقتل الكثير من كوادر الجبهة ورجال الشرطة وكبار الموظفين الحكوميين والمدنيين وزُجَّ بزعماء الجبهة في السجون وعلى رأسهم عباس مدني. وفي رجب 1412هـ، يناير 1992م، دعا المجلس محمد بوضياف أحد أبرز أعضاء جبهة التحرير الوطني القدامى ـ وكان يقيم في المغرب ـ للسير بالبلاد نحو الانفراج، لكنه اغتيل بعد أقل من 7 أشهر من توليه الحكم. ثم اختير علي الكافي 1313هـ، 1992م ليحل محله ويقوم بالمهمة نفسها. وفي عام 1994م، اختير الأمين زروال خلفًا له. وقد حاول الرئيس زروال فتح صفحة جديدة مع جبهة الإنقاذ الإسلامية بأن أطلق زعماءها المسجونين (أكتوبر 1994م) وخف الصراع بين السلطة الحكومية وجبهة الإنقاذ الإسلامية.
جبهة التحرير الوطني. الحزب الحاكم في الجزائر والذي قادها خلال ثورتها الوطنية المجيدة إلى الاستقلال. ففي مارس 1954م، أنشأ زعماء ¸التنظيم الخاص· التابع لحركة انتصار الحريات الديمقراطية التي كانت تُعرف في السابق بحزب الشعب الجزائري، اللجنة الثورية من أجل الوحدة والعمل، من أجل جمع شمل كل الوطنيين الجزائريين من كل الاتجاهات والميول.
كان زعماء الثورة الأوائل: بن بلعيد، ديدوش مراد، بن مهيدي، بن بيلا، بوضياف، آيت أحمد، بيطاط، خيضر قد اجتمعوا في القاهرة في صيف 1954م، وقرروا إعلان النضال المسلَّح في الأول من نوفمبر وإعلان تشكيل جبهة التحرير الوطني. وبدأت بعد ذلك جميع التنظيمات السياسية تنضم إلى تلك الجبهة.
وتبنّت الجبهة مبدأ القيادة الجماعية، وأنشئ مجلس وطني لقيادة الثورة الجزائرية ولجنة تنسيق ولجنة تنفيذ. أعلنت الجبهة في 18 سبتمبر 1957م عن تشكيل الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية في القاهرة برئاسة فرحات عباس ثم برئاسة يوسف بن خدة في أغسطس 1961م. وتشكل بعد ذلك مكتب سياسي من خمسة أعضاء: بن بيلا، خيضر، بيطاط، آيت أحمد، بوضياف. وانتخب خيضر أمينًا عامًا للجبهة إلا أنه اختلف مع بن بيلا وكانت نتيجة ذلك أن انعقد أول مؤتمر للجبهة منذ الاستقلال تقرر فيه انتخاب بن بيلا أمينًا عامًا لها.
في 19 يونيو 1965م، أطاحت حركة عسكرية تزعمها العقيد هواري بومدين بالرئيس بن بيلا، وأصبح بومدين رئيس مجلس الثورة.
وفي مطلع 1979م، وبعد وفاة الرئيس بومدين، عُقد مؤتمر استثنائي لحزب جبهة التحرير الوطني حضره 100,3 مندوب وتقرر فيه ترشيح العقيد الشاذلي بن جديد رئيسًا للجمهورية وانتخابه أمينًا عامًا للحزب. وسار الرئيس الشاذلي بن جديد على سياسة سلفه في خطوطها العامة وولج باب التعددية الحزبية..
حركة انتصار الحريات الديمقراطية. حزب سياسي جزائري يعتبر امتدادًا لحزب الشعب الجزائري وحزب أصدقاء الأمة، وبالتالي حزب نجم شمالي إفريقيا. أسسه مصالي الحاج في أبريل 1946م، على أنقاض تنظيم أصدقاء البيان والحرية الذي كان تحالفًا يجمع بين حزب الشعب وحزب فرحات عباس.
حزب الاتحاد الديمقراطي من أجل البيان الجزائري. حزب سياسي جزائري أنشأه فرحات عباس في سنة 1946م بعد أن قمعت السلطات الفرنسية بالجزائر كل الأحزاب والمنظمات السياسية. وكانت للحزب صحيفة اسمها التفاهم تصدر باللغة الفرنسية وتنطق باسم الحزب. وكان الحزب يعرض مساوئ الحكم الفرنسي في الجزائر ويطالب بالمساواة في الحقوق والمعاملة بين الفرنسيين والجزائريين. ولم يكن الحزب يؤيد الكفاح المسلح أو الانفصال عن فرنسا.
توقف نشاط الحزب عند اندلاع الثورة الجزائرية في نوفمبر 1954م، وانضم رئيسه فرحات عباس إلى الثورة الجزائرية سنة 1956م.
حزب الإخاء الجزائري. أسسه الأمير خالد الهاشمي، وهو ابن الأمير عبدالقادر الجزائري. وقد أراد به أن يكون أكثر تقدُّمًا من برنامج الشبان الجزائريين. وكان من أهدافه تمثيل عادل للمسلمين في المجالس الجزائرية وتعميم التعليم وفتح الطرقات وإنشاء خطوط السكك الحديدية في بعض المناطق البعيدة. وقد أغضبت مطالب هذا الحزب الوالي فنفى الأمير خالد مع عائلته إلى الإسكندرية، ثم ذهب إلى فرنسا ومُنع من العودة إلى الجزائر، ونُفي بعدها إلى المشرق وتوفي في دمشق عام 1936م. وانقسم أعضاء الحزب بعد ذلك، فاغلبيته اختارت طريق النضال الثوري ومنذ ذلك الحين أصبحت القاعدة التي قام عليها حزب نجم إفريقيا الشمالية، وهو حزب الشعب الجزائري.
حزب أصدقاء البيان والحرية. حزب سياسي جزائري أنشئ عام 1944م أثناء الحرب العالمية الثانية. وكان هذا الحزب يؤيد التعاون مع فرنسا ولكن في إطار المساواة على أن تنبذ فرنسا الاستعمار والسياسة الاستعمارية. وكان من أهم أعضاء الحزب فرحات عباس الذي اعتقلته السلطات الفرنسية سنة 1945م، ثم حُلَّ الحزب وانتهى وجوده باسمه ذاك في الجزائر.
حزب الشعب الجزائري. أسسه مصالي الحاج سنة 1937م. وهو حزب نجم شمالي إفريقيا الذي أنشئ عام 1926م في باريس. أهم ما يتميز به هذا الحزب معارضته لأي تعاون مع السلطات الفرنسية. مهدت مبادئ هذا الحزب الطريق للثورة الجزائرية التي اندلعت في عام 1954م. وقد تعرض أعضاؤه لكثير من الضغوط والاضطهاد والتعذيب من السلطات الفرنسية بالجزائر. وقرر معظم أعضاء الحزب الانضمام إلى الثورة الجزائرية وقد اندمجوا فيها بالفعل.
************
وهي الفكرة نفسها التي نادى بها من قبل الزعيم التونسي عبد العزيز الثعالبي ذو الأصل الجزائري ورفاقه، وعمل من أجل تجسيدها مناضلون تونسيون وجزائريون منذ ما قبل الحرب العالمية الأولى. ومن مظاهرها إصدار محمد باش حانبة في جنيف مجلة المغرب وتأسيسه لجنة لتحرير تونس والجزائر سنة 1334 هـ، 1916 م، التي وجه باسمها برقية إلى مؤتمر فرساي فيما بعد. وفي السنة نفسها أسس أخوه علي باش حانبة في الآستانة لجنة لتحرير المغرب العربي إلى جانب منظمة لتنظيم فيلق من الجنود المغاربة الذين أسرتهم الجيوش العثمانية والألمانية قصد إعدادهم لخوض معركة تحرير مسلحة في تونس والجزائر. وقد سار مصالي الحاج على فكرة النضال نفسها على مستوى المغرب العربي في بداية عمله السياسي. ومع أن الحركة السياسية في الجزائر قد ألغت فكرة الإصلاح ضمن الحماية الفرنسية من برنامجها منذ سنة 1330 هـ، 1912 م، إلا أن فئة قليلة ظلت متشبثة بها، فقد بقيت فكرة الإدماج مسيطرة بين المثقفين الجزائريين إلى فترة ما قبل الحرب العالمية الثانية. ومن أشهر هؤلاء فرحات عباس وابن جلول والأخضري، ومعظمهم أعضاء في المجالس البلدية أو مجالس الوفود المالية أو موظفون بالإدارة. ففي سنة 1930 م ألف هؤلاء اتحاد المنتخبين المسلمين بزعامة ابن جلول، وكان هدفه الأساسي الإدماج التدريجي تحت قيادة النخبة من المثقفين في الحياة الفرنسية وتحسين أحوال الجزائريين. وقد لقي هذا الاتجاه تشجيعًا كبيرًا من حكومة الجبهة الشعبية الفرنسية سنة 1355 هـ، 1936 م، وعندما وضع رئيس الحكومة بلوم مع الوزير فيوليت مشروعًا يقضي بمنح الجزائريين حق المواطنة الفرنسية تدريجيًا مع اتخاذ إجراءات احتياطية، أيدته جماعة الاتحاد، لكن البرلمان الفرنسي بعد سقوط حكومة بلوم رفض ذلك المشروع على الرغم من عدم توفره على الحد الأدنى من حقوق الشعب الجزائري. ولما يئس الإدماجيون بتعاقب الحكومات اليمينية على السلطة بفرنسا، سعوا للتكتل مع الاتجاهات الوطنية الأخرى.
ومن هذه الاتجاهات نذكر جماعة العلماء الذين كان لهم أثر مهم في إرساء القواعد النظرية لفكرة الوطنية الجزائرية القائمة على العروبة والإسلام. ففي سنة 1344 هـ، 1926 م أسس بعض الشيوخ العلماء نادي الترقي في مدينة الجزائر بقصد إحياء التراث العربي، وتركزت جهودهم على المحافظة على طهر العقيدة الإسلامية من الشوائب والبدع الدخيلة، ومقاومة الطرقية التي خدم عديد من زعمائها الاستعمار الفرنسي. ومن هنا اعتبرت حركة العلماء الجزائريين واحدة من حركات الإحياء السلفي، وقد كان لكثير من أعضائها اتصالات بالحركات الإصلاحية في المشرق العربي. فالشيخ الطيب العقبي مثلاً تلقى تعليمه بالحجاز وعمل زمنًا مع الملك عبد العزيز آل سعود. كما كان لكتابات الشيخ محمد عبده ورشيد رضا تأثير كبير في توجيه أفكارهم. وفي سنة 1350 هـ، 1931 م أسس العلماء الجزائريون بمدينة قسنطينة جمعية رسمية برئاسة الشيخ عبد الحميد بن باديس، وهو من خريجي جامع الزيتونة بتونس. وقام الطيب العقبي على نشر أفكار تلك الجمعية في إقليم الجزائر، والبشير الإبراهيمي في وهران الذي تولى رئاسة الجمعية بعد وفاة مؤسسها سنة 1358 هـ، 1940 م.
كان ابن باديس قد أصدر مجلة الشهاب ثم مجلة البصائر، وافتتحت الجمعية عددًا من المدارس وأرسلت البعثات إلى جامعات الزيتونة والأزهر والقرويين وإلى مدارس الشام والعراق، مما مهد لإحداث فروع لجامع الزيتونة ببعض المدن الجزائرية. وكان شعار الجمعية شعب الجزائر مسلم وللعروبة ينتسب. وطالبت هذه الجمعية في مؤتمرها التاسع بالاعتراف باللغة العربية لغة وطنية ومنح حرية الدين والعبادة وإعادة الأوقاف إلى الإدارة الإسلامية وتنظيم المحاكم الشرعية. وقد استقال الشيخ العقبي منها سنة 1356 هـ، 1937 م لأنها رفضت تجديد الولاء لفرنسا.
ومن هذه الحركات الوطنية حركة هيئة نجم شمال إفريقيا، التي أسسها مصالي الحاج بباريس سنة 1344 هـ، 1925 ـ 1926 م، وأصبح رئيسًا لها سنة 1345 هـ، 1927 م.
وقد سيطر العمال الجزائريون على النجم. وتعرض النجم للحل من قِبَل الحكومة الفرنسية سنة 1929 م، فانتقل للعمل السري. وعاد إلى الظهور من جديد سنة 1352 هـ، 1933 م، فعقد مؤتمرًا عامًا بفرنسا صدر عنه قرار مطول يتألف من قسمين: قسم أول طالب بالحريات الأساسية للجزائريين وبإلغاء جميع القوانين الاستثنائية وفي مقدمتها قانون السكان الأصليين، وبمساواة الجزائريين بالمستوطنين في التوظيف وتطبيق قوانين العمل وفي التعليم، مع جعل التعليم إلزاميًا وبالعربية، واعتبار اللغة العربية رسمية بالدوائر الحكومية. وقسم ثان نص على المطالبة بالاستقلال الكامل للجزائر وجلاء القوات الفرنسية، وتأليف جيش وطني وجمعية تأسيسية منتخبة تتولى وضع دستور للبلاد، وحكومة ثورية وطنية. كما نص على أن تملك الدولة جميع وسائل الإنتاج والمرافق العامة وإعادة الأراضي إلى الفلاحين الجزائريين، مع مساعدتهم بتقديم القروض لهم. وبذلك سبق نجم شمال إفريقيا، بحكم نشأته العمالية. وقد قابلت فرنسا تلك المطالب بحل النجم، فأعاد مصالي الحاج تكوينه في سنة 1934 م باسم جديد هو الاتحاد الوطني لمسلمي شمال إفريقيا. لكن السلطات الفرنسية اعتبرته هيئة غير مشروعة وحكمت على مصالي الحاج بالسجن. بعد ذلك تعرف هذا الأخير في جنيف بسويسرا على الأمير شكيب أرسلان وتأثر به، مما جعله يعارض اقتراحات بلوم ـ فيوليت ويزيد في الاتصال بالحركة الإصلاحية الجزائرية. وعندما عاد مصالي الحاج إلى الجزائر في صيف 1355 هـ، 1936 م رأت حكومة الجبهة الشعبية الفرنسية في هذه الحركة منافسًا خطيرًا لها في أوساط الشباب الجزائري، فحلتها في 19 شوال 1356 هـ، 2/ 1/1937 م لتظهر من جديد بفرنسا في محرم 1357 هـ، مارس 1937 م باسم حزب الشعب الجزائري، الذي تعرض زعماؤه، بمن فيهم مصالي الحاج، للاعتقال والمحاكمة والسجن، وذلك بعد مشاركتهم في الانتخابات البلدية بالجزائر.
وتجدر الملاحظة بأن الاتجاهات المختلفة العاملة على الساحة الجزائرية بدأت تحاول التقارب فيما بينها بعد خيبة الأمل التي ألحقتها حكومة الجبهة الشعبية بالجزائريين. ولما نشبت الحرب العالمية الثانية وتولت حكومة المارشال بيتان الحكم في فرنسا، بعد توقيع الهدنة مع ألمانيا في جمادى الأولى 1359 هـ، يونيو 1940 م، سلكت مسلكًا عنصريًا تمثل في إبعاد العرب عن أي نشاط سياسي، وحكمت على مصالي الحاج سنة 1941 م بالسجن ثم نفته إلى جنوب الجزائر. مما دفع الوطنيين الجزائريين للعمل على الاتصال بجند الحلفاء عندما نزلوا بالجزائر في 2/ 11/1361 هـ، 11/ 11/1942 م. وقد ظهر فرحات عباس في مقدمة الحركة الوطنية الجزائرية خلال السنوات الباقية للحرب 1942 - 1945 م، وبدأ نشاطه عندما تقدم مع 22 من أعضاء مجالس الوفود المالية بعدد من المطالب إلى القيادة الأمريكية والسلطات الإدارية الفرنسية. ومع أن أصحاب العريضة حاولوا استرضاء تلك السلطات بتقديم مذكرة أخرى معتدلة فإنها تمسكت بموقفها الرافض للحوار، الأمر الذي جعلهم يصدرون بيانًا في 26/ 1/1362 هـ، 2/ 2/1943 م أصبحوا يعرفون به أصدقاء البيان.
وقد بدأ البيان بسرد قائمة حساب عن الاحتلال الفرنسي وكيف أدى إلى تلك الحالة المحزنة من البؤس والجهل، وطالب بحياة وطنية ديمقراطية للجزائر. ثم أردف أصدقاء البيان بيانهم بملحق تضمن مقترحات تطالب بدولة جزائرية مستقلة استقلالاً ذاتيًا وانتخابات جمعية تأسيسية لوضع دستور لتلك الدولة، مع الإشارة إلى أن ذلك لا يحول دون تنظيم اتحاد لشمال إفريقيا مع المغرب وتونس. بيد أن الحاكم العام الفرنسي الجديد، الجنرال كاترو، رفض هذه المطالب جميعها، وحل الهيئات التي يشترك فيها الجزائريون، وفرض الإقامة الجبرية على فرحات عباس وغيره من الزعماء. وقد حاول الجنرال ديجول في تصريحه بمدينة قسنطينة في ذي الحجة 1362 هـ، ديسمبر 1943 م استرضاء الوطنيين، وأصبح ذلك أساسًا لقانون مارس 1944 م الذي رفضته جماعة فرحات عباس، واشترك معها في رفضه جماعة العلماء ومصالي الحاج، مما هيأ لنجاح فرحات عباس في عقد مؤتمر شامل في 1364 هـ، مارس 1945 م حضرته الجماعات الثلاث بهدف توحيد الكفاح الوطني، الأمر الذي أثار المستوطنين، فردوا بمذبحة قسنطينة في جمادى الثانية 1365 هـ، مايو 1945 م، التي اشتركوا فيها مع الجيش الفرنسي في إبادة ما قدره الجزائريون بخمسة وأربعين ألف جزائري، وقدره الضباط الفرنسيون أنفسهم بما يتراوح بين ثمانية وعشرة آلاف ضحية. كما تلا المذبحة إعلان الأحكام العرفية وقبض على 4,500 من أعضاء الحركة الوطنية وزعمائها، فحكم على 90 منهم بالإعدام ونفذ فيهم، وعلى 64 بالأشغال الشاقة المؤبدة. وقد أنذرت هذه الأحداث الجزائريين بأن النضال السياسي لن يجدي كثيرًا، خاصة وأن الحكومات الفرنسية كانت أقل إدراكًا للتطور الذي شهده العالم بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية. وقد أثبتت جميع الإجراءات التي اتخذت لمواجهة الحركة الوطنية الجزائرية تمسك فرنسا بالسيادة على الجزائر، ولم تخرج جميع الحلول الفرنسية عن هذا الاتجاه قبل مشروع ديجول لسنة 1959 م. وحتى قانون 20/ 9/1947 م، 16 ذي القعدة 1366 هـ الذي يعتبره الفرنسيون حلاً وسطًا بين وجهة نظر اليمين المتطرف الذي يرغب في بقاء الوضع بالجزائر دون تغيير، وبين وجهة نظر اليسار الذي جعل الاندماج أساسًا لسياسته الجزائرية، مع تعبيره عن استعداده للقبول بجميع النتائج التي تترتب عن الإدماج الحقيقي، ومنها أن يكون للجزائر حق انتخاب خمسة أعضاء في مجلس النواب الفرنسي. إلا أن الحكومة الفرنسية لم تطبق هذا الحل. وقد أبطل الحاكم العام نيجيلين بعض الإجراءات الإصلاحية التي أدخلها سلفه شاتينيو، وأصبح تدخل الإدارة في الانتخابات الجزائرية مثلاً يضرب على التزييف. فجاءت انتخابات المجلس الجزائري (وهو صورة جديدة لمجلس الوفود المالية السابق) في عهد الحاكم العام المذكور بهزيمة ساحقة للحزبين الوطنيين الرئيسيين، حركة الانتصار للحريات الديمقراطية الذي يتزعمه مصالي الحاج، والاتحاد الديمقراطي لأنصار البيان الجزائري الذي يتزعمه فرحات عباس. وكذلك كان الحال في الانتخابات البرلمانية للدورة التشريعية الثانية سنة 1951 م. الأمر الذي جعل الأحزاب الجزائرية تتفق على نبذ فكرة النضال عن طريق المؤسسات النيابية الفرنسية، وتحاول تأسيس جبهة وطنية. وقد نجحت في عقد مؤتمر بينها سنة 1951 م، لكن خلافات ظهرت بين العناصر الرئيسية بخصوص المبادئ وطريقة تنظيم العمل من أجل استقلال الجزائر. وحينذاك شرع بعض أعضاء حركة الانتصار للحريات فعلاً في تشكيل قوة عسكرية سرية أسموها المنظمة الخاصة، كان من بين أعضائها أحمد بن بيلا وحسين آيت أحمد ومحمد خيضر، أخذت في جمع الأسلحة وقامت ببعض العمليات. وقد نجح فريق الشبان الذي سيطر على اللجنة المركزية للحركة في الدعوة لمؤتمر في صيف 1953 م ببلجيكا، دعت فيه اللجنة إلى تحديد المبادئ السياسية للحزب بما فيها تنظيم دقيق لمراحل الكفاح من أجل الاستقلال التي ستنتهي بالثورة المسلحة.
الثورة الجزائرية الكبرى
شهد الجزائريون سنة 1954 م (1373 - 1374 هـ) كيف بدأ الكفاح المسلح في تونس والمغرب الأقصى يعطي ثماره. وقد قدر عدد الجزائريين العاملين بالجيش الفرنسي في تلك السنة بـ 160 ألفًا، شارك منهم عشرات الآلاف في حرب الهند الصينية، ورأوا بأنفسهم كيف حققت ثورة وطنية آسيوية نصرًا كاسحًا على الاستعمار الفرنسي. وكانت أوضاع الجزائريين في ظل الاستعمار تزداد سوءًا، بحيث قدرت الإحصائيات الرسمية عدد العاطلين منهم عن العمل ما بين 900 ألف ومليون ونصف المليون. وكان أكثر من خمسة ملايين فدان من أخصب الأراضي الزراعية الجزائرية بيد 21,659 مستوطن أوروبي، في حين كان 6,3 ملايين يعيشون على استثمار عشرة ملايين فدان فقط. ولم تكن المدارس لتستوعب أكثر من ثُمْن الأطفال الجزائريين الذين هم في سن الدراسة، وما كان يصل منهم إلى المرحلة الثانوية أكثر من العُشر. ولم يترك لأهل البلاد من الوظائف الإدارية سوى أربعة آلاف من مجموع 26 ألفًا. كل هذه الظروف هيأت التربة الصالحة لاحتضان ثورة ليلة الرابع من ربيع الأول 1374 هـ (غرة نوفمبر 1954 م) ونجاحها.
ففي أوائل سنة 1954 م كانت قد تشكلت اللجنة الثورية للاتحاد والعمل من مجموعة شبان، كان معظمهم أعضاء في حركة الانتصار للحريات وعملوا في الجيش الفرنسي أثناء الحرب العالمية الثانية. منهم أحمد بن بيلا، وحسين آيت أحمد ومحمد بوضياف. وفي صيف السنة نفسها عقدت اللجنة مؤتمرًا سريًا بأوروبا الغربية، واتخذت قرارًا بإعلان الثورة. وفي ليلة الأول من نوفمبر نسق الوطنيون حوالي 30 هجومًا في جميع أنحاء الجزائر على أهداف عسكرية مختلفة ومراكز للشرطة. وتلا ذلك تكوين لجان ثورية متفرقة اندمجت جميعًا في هيئة واحدة باسم جبهة التحرير الوطني الجزائري. وبلغت الثورة أوج قوتها من حيث امتداد سلطتها على أكبر رقعة من الأرض في سنة 1956 م، كما امتد نشاطها إلى الأراضي الفرنسية نفسها منذ صيف 1958 م. وقد سيطر القادة العسكريون على الجبهة في مرحلتها الأولى، إلى أن قرر مؤتمر وادي الصمام، الذي انعقد داخل الجزائر في 20 أغسطس 1956 م، إنشاء المجلس الوطني للثورة. فأصبح هذا المجلس يمثل أعلى جهاز بجبهة التحرير، يوجه سياسة الجبهة ويتخذ القرارات المتعلقة بمستقبل البلاد، وله وحده الحق في إصدار أمر وقف إطلاق النار، بالإضافة إلى لجنة التنسيق والتنفيذ التي أصبحت مسؤولة عن توجيه جميع فروع الثورة العسكرية والسياسية والدبلوماسية وإدارتها، وأصبح جميع القادة العسكريين والسياسيين القائمين بالنشاط الثوري مسؤولين بصورة مباشرة أمامها. ثم تقرر في مؤتمر طنجة في أبريل 1958 م، بالاتفاق مع حكومتي تونس والمغرب، تأسيس حكومة مؤقتة للجمهورية الجزائرية، وأعلن عن تكوينها فعلاً يوم 19 سبتمبر 1958 م (5 ربيع الأول 1378 هـ) برئاسة فرحات عباس. وقد تولى رئاستها بعده يوسف بن خدة في أغسطس 1961 م (1381 هـ). كما بعثت جبهة التحرير الاتحاد العام للعمال الجزائريين، واتحاد الطلاب الجزائريين، واتحاد التجار وصغار رجال الأعمال الوطنيين، وأصدرت مجلة عربية تتحدث باسمها تُدعى المجاهد الحر.
وقد ظلت الحكومة الفرنسية تحاول التقليل من أهمية الثورة حتى أبريل 1955 م، حين أعلنت حالة الطوارئ بالجزائر لمدة ستة أشهر، منحت بمقتضاها السلطات الإدارية صلاحيات واسعة استثنائية، منها إنشاء محاكم عسكرية حلت محل المحاكم الجنائية. وقد اضطرت فرنسا إلى تجديد العمل بهذا القانون، لأن الثورة استمرت أكثر مما كانت تتوقع. وارتبط بها الأشخاص المولودون في الجزائر والمقيمون بالأراضي الفرنسية، وذلك سنة 1957 م في عهد حكومة بورجيس مونوري، وقد أدى الجزائريون المقيمون بفرنسا دورًا مهمًا في الثورة من الناحية المالية. جربت فرنسا كل أساليب القمع، فزادت قواتها بالجزائر إلى ما يقارب نصف مليون رجل، وعزلت الجزائر بالأسلاك المكهربة عن تونس والمغرب لمنع المدد عن الثوار، وشاركت في حرب السويس ضد مصر سنة 1375 هـ، 1956 م لإجبار الحكومة المصرية كي تمتنع عن دعم ثوار الجزائر بالأسلحة والعتاد والدعم السياسي.
يتبع.👻👌👏
حـــــــ3 / نوميديا Numidia الجزائر و تاريخها
====================
الثورة الجزائرية الكبرى
شهد الجزائريون سنة 1954 م (1373 - 1374 هـ) كيف بدأ الكفاح المسلح في تونس والمغرب الأقصى يعطي ثماره. وقد قدر عدد الجزائريين العاملين بالجيش الفرنسي في تلك السنة بـ 160 ألفًا، شارك منهم عشرات الآلاف في حرب الهند الصينية، ورأوا بأنفسهم كيف حققت ثورة وطنية آسيوية نصرًا كاسحًا على الاستعمار الفرنسي. وكانت أوضاع الجزائريين في ظل الاستعمار تزداد سوءًا، بحيث قدرت الإحصائيات الرسمية عدد العاطلين منهم عن العمل ما بين 900 ألف ومليون ونصف المليون. وكان أكثر من خمسة ملايين فدان من أخصب الأراضي الزراعية الجزائرية بيد 21,659 مستوطن أوروبي، في حين كان 6,3 ملايين يعيشون على استثمار عشرة ملايين فدان فقط. ولم تكن المدارس لتستوعب أكثر من ثُمْن الأطفال الجزائريين الذين هم في سن الدراسة، وما كان يصل منهم إلى المرحلة الثانوية أكثر من العُشر. ولم يترك لأهل البلاد من الوظائف الإدارية سوى أربعة آلاف من مجموع 26 ألفًا. كل هذه الظروف هيأت التربة الصالحة لاحتضان ثورة ليلة الرابع من ربيع الأول 1374 هـ (غرة نوفمبر 1954 م) ونجاحها.
ففي أوائل سنة 1954 م كانت قد تشكلت اللجنة الثورية للاتحاد والعمل من مجموعة شبان، كان معظمهم أعضاء في حركة الانتصار للحريات وعملوا في الجيش الفرنسي أثناء الحرب العالمية الثانية. منهم أحمد بن بيلا، وحسين آيت أحمد ومحمد بوضياف. وفي صيف السنة نفسها عقدت اللجنة مؤتمرًا سريًا بأوروبا الغربية، واتخذت قرارًا بإعلان الثورة. وفي ليلة الأول من نوفمبر نسق الوطنيون حوالي 30 هجومًا في جميع أنحاء الجزائر على أهداف عسكرية مختلفة ومراكز للشرطة. وتلا ذلك تكوين لجان ثورية متفرقة اندمجت جميعًا في هيئة واحدة باسم جبهة التحرير الوطني الجزائري. وبلغت الثورة أوج قوتها من حيث امتداد سلطتها على أكبر رقعة من الأرض في سنة 1956 م، كما امتد نشاطها إلى الأراضي الفرنسية نفسها منذ صيف 1958 م. وقد سيطر القادة العسكريون على الجبهة في مرحلتها الأولى، إلى أن قرر مؤتمر وادي الصمام، الذي انعقد داخل الجزائر في 20 أغسطس 1956 م، إنشاء المجلس الوطني للثورة. فأصبح هذا المجلس يمثل أعلى جهاز بجبهة التحرير، يوجه سياسة الجبهة ويتخذ القرارات المتعلقة بمستقبل البلاد، وله وحده الحق في إصدار أمر وقف إطلاق النار، بالإضافة إلى لجنة التنسيق والتنفيذ التي أصبحت مسؤولة عن توجيه جميع فروع الثورة العسكرية والسياسية والدبلوماسية وإدارتها، وأصبح جميع القادة العسكريين والسياسيين القائمين بالنشاط الثوري مسؤولين بصورة مباشرة أمامها. ثم تقرر في مؤتمر طنجة في أبريل 1958 م، بالاتفاق مع حكومتي تونس والمغرب، تأسيس حكومة مؤقتة للجمهورية الجزائرية، وأعلن عن تكوينها فعلاً يوم 19 سبتمبر 1958 م (5 ربيع الأول 1378 هـ) برئاسة فرحات عباس. وقد تولى رئاستها بعده يوسف بن خدة في أغسطس 1961 م (1381 هـ). كما بعثت جبهة التحرير الاتحاد العام للعمال الجزائريين، واتحاد الطلاب الجزائريين، واتحاد التجار وصغار رجال الأعمال الوطنيين، وأصدرت مجلة عربية تتحدث باسمها تُدعى المجاهد الحر.
وقد ظلت الحكومة الفرنسية تحاول التقليل من أهمية الثورة حتى أبريل 1955 م، حين أعلنت حالة الطوارئ بالجزائر لمدة ستة أشهر، منحت بمقتضاها السلطات الإدارية صلاحيات واسعة استثنائية، منها إنشاء محاكم عسكرية حلت محل المحاكم الجنائية. وقد اضطرت فرنسا إلى تجديد العمل بهذا القانون، لأن الثورة استمرت أكثر مما كانت تتوقع. وارتبط بها الأشخاص المولودون في الجزائر والمقيمون بالأراضي الفرنسية، وذلك سنة 1957 م في عهد حكومة بورجيس مونوري، وقد أدى الجزائريون المقيمون بفرنسا دورًا مهمًا في الثورة من الناحية المالية. جربت فرنسا كل أساليب القمع، فزادت قواتها بالجزائر إلى ما يقارب نصف مليون رجل، وعزلت الجزائر بالأسلاك المكهربة عن تونس والمغرب لمنع المدد عن الثوار، وشاركت في حرب السويس ضد مصر سنة 1375 هـ، 1956 م لإجبار الحكومة المصرية كي تمتنع عن دعم ثوار الجزائر بالأسلحة والعتاد والدعم السياسي.
***********
أزمة السويس. كانت ثورة 23 يوليو في مصر، عام 1952م، في أحد أسبابها رد فعل على نكبة العرب في حرب فلسطين عام 1948م. فقد رأى العديد من الضباط الصغار الذين قادوا تلك الثورة بأعينهم هزيمة الجيوش العربية في تلك الحرب. بل إن الرئيس المصري جمال عبدالناصر قائد تلك الثورة، كان واحدًا ممن حوصروا على يد القوات الصهيونية في الفالوجة. ولذلك أعلن قواد ثورة 23 يوليو منذ البدء تصميمهم على إعادة بناء الجيش المصري وتسليحه تسليحًا حديثًا ليتمكن من مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية. كان قادة الثورة الجدد يدركون بحسهم أن بناء جيش قوي لايمكن أن يتحقق إلا في ظل اقتصاد راسخ وقاعدة تنموية متينة.
وعلى هذا الأساس، بدأ القادة الجدد مفاوضات جادة وحثيثة مع الولايات المتحدة الأمريكية للحصول على ما يحتاجونه من السلاح لمواجهة الاعتداءات الصهيونية المتكررة على الأراضي المصرية، كما عرضوا على الولايات المتحدة أيضًا تمويل بناء السد العالي بأسوان. وبعد تلكؤ وتسويف ومماطلة الإدارة الأمريكية اتجهت القيادة المصرية بزعامة الرئيس جمال عبدالناصر إلى الاتحاد السوفييتي (سابقًا) طلبًا للمساعدة في الحصول على الأسلحة الدفاعية الضرورية لتسليح الجيش المصري. استجاب السوفييت للطلب المصري. وفي سبتمبر عام 1955م، وقع الرئيس عبدالناصر على صفقة أسلحة مع تشيكوسلوفاكيا وذلك لتزويد مصر بالطائرات والمدفعية والدبابات السوفييتية الصنع.
وعارضت كل من بريطانيا وأمريكا عقد هذه الصفقة بعنف، نظرًا لما مثلته من كسر لاحتكار مبيعات السلاح في الوطن العربي، حيث كان هذا النشاط حتى ذلك الحين مقتصرًا على الدول الغربية. وكان من نتيجة ذلك الغضب أن قامت أمريكا وبريطانيا بإلغاء تنفيذ جميع المشاريع الاقتصادية التي تم الاتفاق مع الحكومة المصرية على إقامتها في مصر. كما أبلغت الولايات المتحدة الأمريكية مصر على لسان وزير خارجيتها جون فوستر دالاس عن رفضها تمويل بناء السد العالي بأسوان.
وارتفعت حدة الأزمة بين مصر والدول الغربية، وأعلنت حالة الطوارئ في منطقة القناة. ووجدت القيادة المصرية أن أفضل وسيلة لتأمين التمويل اللازم لبناء السد العالي هي تأميم قناة السويس البريطانية التي كانت تشكل في ذلك الوقت التجسيد العملي للوجود العسكري البريطاني على أرض مصر. وكان تقدير القادة المصريين أن رسوم عبور القناة بعد التأميم، ستكون كافية خلال خمس سنوات لتمويل بناء سد أسوان.
وكانت القيادة المصرية ـ في تلك الفترة ـ منهمكة أيضًا في تقديم الدعم والتأييد لثوار الجزائر الذين كانوا يخوضون حربًا دامية في سبيل الحصول على الاستقلال من الاستعمار الفرنسي، وقد أدى ذلك إلى غضب الفرنسيين واستيائهم.
وهكذا التقت المصلحة البريطانية والفرنسية في العمل على إنهاء النظام السياسي القائم في مصر. وبدأ التخطيط سرًا للقيام بعمل عسكري مشترك ضد مصر لإنهاء الحكم القائم فيها، واستعادة قناة السويس.
وفي أغسطس عام 1956م، قامت بريطانيا باستدعاء الاحتياطي، وبدأت مع فرنسا في حشد قواتها المسلحة شرقي البحر الأبيض المتوسط.
وكان سيناريو العدوان في مراحله الأولى يقتضي أن تقوم إسرائيل بالهجوم على الأراضي المصرية، وأن تتقدم لمنطقة القناة. وقد بدأت إسرائيل في التحضير لذلك بشن غارة واسعة النطاق على غزة، أسفرت عن مقتل ما يزيد على ثلاثين جنديًا مصريًا. وقد ردت الحكومة المصرية على ذلك الاعتداء بإغلاق مضائق تيران بمدخل خليج العقبة، ومنع السفن الإسرائيلية من المرور عبر القناة. وعلى أثر ذلك قامت إسرائيل، وبدون أي إنذار مسبق، بغزو مصر وتقدمت نحو القناة. وهنا بدأت المرحلة الثانية من سيناريو العدوان الثلاثي على مصر، حيث طالبت بريطانيا وفرنسا كلاً من إسرائيل ومصر سحب قواتهما من القناة، تحت حجة كونها معبرًا دوليًا يقتضي تأمين سلامة المرور فيه. ورفضت مصر الإنذار البريطاني الفرنسي لكونه يشكل تدخلاً سافرًا في شؤونها الداخلية. وفي 31 أكتوبر هاجمت قوات بريطانية وفرنسية مشتركة الأراضي المصرية واستولت على اثنين من الموانئ المهمة بمنطقة القناة هما بورسعيد وبورفؤاد، واستبسل الشعب العربي في مصر في الدفاع عن حريته واستقلاله، ووقفت معظم الحكومات العربية، والشعب العربي في مختلف أقطاره خلف مصر، تقدم لها الدعم والتأييد، كما ساندت الشعوب الإسلامية وشعوب العالم الثالث والشعوب الأخرى المحبة للسلام كفاح مصر من أجل الدفاع عن سيادتها واستقلالها. وقد واجه ذلك الهجوم أيضًا معارضة قوية من الاتحاد السوفييتي (سابقًا) والولايات المتحدة الأمريكية، حيث هددا بالتدخل المسلح لإيقاف العدوان، كما حذرت الولايات المتحدة الأمريكية من احتمالات المواجهة النووية بين الكتلة السوفييتية والدول الغربية.
وفي 22 من ديسمبر انسحبت قوات الاحتلال البريطاني الفرنسي من مصر. وبحلول شهر مارس 1957م انسحب الإسرائيليون أيضًا من الأراضي المصرية التي احتلوها ومن قطاع غزة الفلسطيني.
كان من نتائج تلك الحرب تقوية المركز السياسي للنظام المصري على مستوى الوطن العربي، وبروز الرئيس عبدالناصر بطلاً قوميًا، واستعادة إسرائيل حرية الملاحة في مضائق تيران. وكسب إنجلترا وفرنسا للتعويض لحاملي أسهم قناة السويس، وفقدانهما للكثير من نفوذهما في الشرق الأوسط، كما كان من نتائج ذلك العدوان استقالة رئيس الوزراء البريطاني أنطوني إيدن في 9 يناير 1957م.
***************
لكن الثورة الجزائرية أصبحت، بعد مضي أربع سنوات، من الأهمية بحيث امتد أثرها إلى داخل فرنسا ذاتها. وتعد عودة ديجول إلى الحكم، وقيام الجمهورية الخامسة نتيجة مباشرة لفشل فرنسا في قمع الثورة. وقد تمهد السبيل للانقلاب بعد أن جرت الحرب الجزائرية الجيش للخوض في السياسة، وتم الانقلاب فعلاً في 13 مايو 1958 م بقيادة فرقة المظلات. لكنه فشل، لأن أهداف القائمين به لم تكن واحدة. كما تمهد السبيل لكي تقبل الجمعية الوطنية، بأغلبية ساحقة. تولّى ديجول رئاسة الحكومة مع سلطات مطلقة خاصة بناء على طلبه. وقبل أن يعلن هذا الأخير عن مشروعه في 16 سبتمبر 1959 م بخصوص السياسة الجزائرية، اتخذ عدة إجراءات تنم ضمنًا عن أنه كان يتجه إلى فكرة الإدماج. وكان ذلك المشروع يحتوي على الاعتراف بحق الجزائر في تقرير مصيرها حتى ولو أدى ذلك إلى الانفصال عن فرنسا، لكنه أحاط ذلك المبدأ بقيود وتحفظات جعلت المشروع في مجموعه غير مقبول بتاتًا من جبهة التحرير الجزائرية. وازدادت علاقات ديجول بالمستوطنين الفرنسيين سوءًا، وقاموا في مدينة الجزائر بأول حركة تمرد واسعة من 26 يناير إلى 2 فبراير 1960 م. وتكتلت أحزاب اليمين في فرنسا باسم جبهة الجزائر الفرنسية برئاسة جورج بيدو، وقام أربعة من الجنرالات (سالان، وشال، وزيلر، وجوهو) بمحاولة انقلابية ضد الجمهورية الخامسة فيما بين 22 و 26 إبريل 1961 م لكنها قمعت. وعندما قام ديجول بزيارته للجزائر في 10 ديسمبر 1960 م شعر بأن كل إجراء يتخذ بدون الاتفاق مع جبهة التحرير سيكون مآله الفشل الذريع.
وإزاء تصاعد الثورة الجزائرية، وعجز فرنسا عن القضاء عليها، ومناداة الرأي العام الفرنسي نفسه بالجلاء عن الجزائر، نتيجة لما جرته الحرب على الفرنسيين من خسائر بشرية واقتصادية بالغة الأهمية، بالإضافة إلى التأييد العالمي الذي لقيته القضية الجزائرية، والذي تجسد يوم 17 من ربيع الأول 1380 هـ الموافق 19 ديسمبر 1960 م في إقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة توصية اللجنة السياسية القاضية بحق الجزائر في الاستقلال. كل هذه الأسباب دفعت فرنسا، بقيادة ديجول، للقبول بالتفاوض مع جبهة التحرير الوطني الجزائرية. فجرت مفاوضات إيفيان بين 6 و 17 رمضان 1382 هـ الموافق 10 و 17 فبراير 1962 م، التي تعثرت أول الأمر، لكنها أدت في النهاية إلى عقد اتفاق بين الطرفين قضى بوقف إطلاق النار، وقد جرى إثر ذلك استفتاء أبدى فيه الجزائريون رغبتهم الأكيدة في الاستقلال، فتم إعلان استقلال الجزائر في 25 من المحرم 1382 هـ الموافق 27 من يونيو 1962 م، واعترفت الدول به. واختير أحمد بن بيلا أول رئيس للجمهورية الجزائرية، التي كانت قد انضمت إلى جامعة الدول العربية في 16 يونيو، وإلى الأمم المتحدة في 8 أغسطس من السنة نفسها.
الجزائر المستقلة
واجهت الجزائر المستقلة عدة مشاكل، كان في مقدمتها مشكلة المستوطنين، الذين قاوموا اتفاقية الصلح، وكذلك المنظمات السرية الفرنسية. وقد حلت هذه المشكلة بتعاون السلطات الفرنسية، مما أدى إلى هجرة أولئك المستوطنين بكثافة من الجزائر عائدين إلى فرنسا. ومن المشاكل أيضًا بناء مؤسسات الدولة وتكوين الجيش، وتعريب التعليم، وحل مشاكل مئات الآلاف من أيتام شهداء الثورة. وقد استطاعت الجمهورية أن تضع حلولاً لتلك المشاكل بمعونة الدول العربية والصديقة. وبخصوص الأراضي الزراعية، أعلن بن بيلا سياسة استيلاء الدولة على ما سمي بالأملاك الشاغرة، وتطبيق قانون الإصلاح الزراعي. وفي سنة 1383 هـ، 1963 م أقر الشعب أول دستور للجزائر، تم بموجبه انتخاب أحمد بن بيلا رئيسًا للجمهورية. وقد واجهت الحكومة الجزائرية مشكلة الحدود مع المغرب، فوقعت معارك بين الدولتين سنة 1383 هـ، 1963 م لكنها توقفت إثر توسط الدول العربية بينهما. وخلال رئاسة بن بيلا ارتبطت الجزائر بحركة عدم الانحياز التي اقترن فيها بن بيلا مع جمال عبدالناصر وكوامي نكروما رئيس جمهورية غانا، وبذلك اتضح اهتمام بن بيلا بالقضايا التحريرية والإفريقية. وفي عام 1385 هـ، 1965 م، قاد العقيد هواري بومدين انقلابًا عسكريًا، أدى إلى اعتقال بن بيلا وعزله بتهمة الإسراف، واستخدام أموال الدولة في غير وجوهها. وتولى مجلس قيادة الثورة حكم الجزائر برئاسة بومدْين.
وقد حققت الجزائر في عهد الرئيس بومدْين (1385 ـ 1398 هـ، 1965 ـ 1978 م) منجزات ضخمة على المستوى الداخلي، منها نشر التعليم وتعريبه، وإعادة استثمار الأراضي الزراعية التي غادرها المستوطنون الأجانب عن طريق برنامج الثورة الزراعية. الأمر الذي حفظ للجزائر مركزها العالمي. وأصبحت الجزائر من أهم الدول المنتجة لزيت الزيتون والتين والتمور والفلين. بيد أن أهم مورد للثروة الوطنية بالبلاد ظل يتمثل في النفط والغاز الطبيعي، وأهم حقولها بالصحراء الجزائرية حاسي مسعود والعجيلات للنفط وحاسي الرمل وحاسي الطويل للغاز الطبيعي. وقد أممت الحكومة الجزائرية هذين الموردين الاقتصاديين المهمين سنة 1971 م، وأنشأت لاستثمارهما شركة وطنية اشتهرت باسم سوناطراك وذلك إلى جانب عدد من الشركات الأجنبية، الفرنسية والأمريكية، وأقامت مصنعًا ضخمًا لتكرير النفط قرب مدينة الجزائر لتأمين حاجيات البلاد من مشتقاته، ومصنعًا آخر لتمييع الغاز بأرزو. وواصلت تصدير بقية إنتاجها من النفط والغاز الطبيعي خامًا، عبر القنوات التي مدت لتربط حقول الإنتاج بميناءي بجاية الجزائري والصخيرة التونسي. وتمثل صادراته ثلاثة أرباع الصادرات الجزائرية، مما يغطي العجز المسجل باستمرار في الميزان التجاري للبلاد. وقد أنشأت الحكومة الجزائرية عددًا من الصناعات التعدينية والتحويلية في نطاق خططها الإنمائية الخماسية، وعملت على إقامة علاقات اقتصادية مع مختلف بلدان العالم. لكن العلاقة التجارية مع فرنسا بقيت تتصدر القائمة ولاتزال سواء على مستوى التوريد أو التصدير.
تعتبر الزراعة أهم نشاط يمارسه الجزائريون، وذلك بالإضافة إلى توسع قطاع الخدمات كما هو الحال في غير الجزائر من الدول الحديثة العهد بالاستقلال. ومازالت الجزائر تواجه مشاكل البطالة والهجرة الداخلية والخارجية (إلى فرنسا بالخصوص)، الناجمة عن ارتفاع معدل النمو الديموجرافي (أكثر من 3,5% سنويًا)، كما أن الإخفاقات على مستوى برامج الثورة الزراعية والنمو الاقتصادي عمومًا، وانتشار الأمية وعزوف الشباب عن العمل بالفلاحة، تشكل تحديات رئيسية للمسؤولين الجزائريين وتنتظر منهم حلولاً جادة.
أما على المستوى الخارجي، فقد برزت مشاركة الجزائر المستقلة في المجال العربي، وكانت سياستها تقوم على المشاركة بفعالية في تعزيز التضامن العربي. ومن هذا المنطلق كانت مشاركتها فاعلة في حربي 1387 هـ، 1967 م و 1393 هـ، 1973 م ضد إسرائيل. وصار لها في المجال الدولي صوتٌ قويٌ يحسب حسابه، كما ساهمت الجزائر في دعم حركات التحرر مما جعل علاقاتها متميزة مع تلك الحركات وبخاصة في القارة الإفريقية.
وفي أواخر عام 1398 هـ، 1978 م توفي الرئيس هواري بومدين، فانتخبت جبهة التحرير الوطني الجزائري العقيد الشاذلي بن جديد رئيسًا. واصل الشاذلي سياسة سلفه. فقامت الحكومة الجزائرية في عهده بمحاولات حثيثة للتوسط بين العراق وإيران من أجل وقف القتال بينهما منذ سنة 1981 م. وسار بن جديد مع جيرانه المغاربة في مسار التقارب، بحيث دخلت الجزائر في تجربة اتحاد دول المغرب العربي، الذي أعلنه رؤساء الجزائر وتونس وليبيا وملك المغرب إثر اجتماعهم بالمملكة المغربية سنة 1988 م في نطاق إحياء ذكرى مؤتمر طنجة، الذي كان قد انعقد بتلك المدينة المغربية سنة 1958 م. كما ولج الرئيس الشاذلي بن جديد بالجزائر باب التعددية الحزبية، لكن عوامل عديدة منها تراكم نتيجة وجود بعض الأزمات المزمنة، مثل أزمة الديون وأزمة البطالة، فجرت الموقف بالبلاد، وغذت روح التطرف في كل الاتجاهات، وحالت دون تطبيق التجربة الديمقراطية. فتعثرت هذه التجربة منذ بدايتها بعد فوز حركة الإنقاذ الإسلامية بزعامة عباس مدني في الانتخابات البلدية سنة 1410 هـ، 1990 م، وما تلاها من توتر العلاقات بين مختلف التيارات والأحزاب السياسية بالبلاد، واستقالة الرئيس بن جديد في ديسمبر 1990 م (أواسط 1411 هـ) ليتولى مجلس للرئاسة إدارة البلاد لما تبقى من مدته، والإعلان سنة 1991 م عن إلغاء نتائج الانتخابات البلدية السابقة الذكر وإلغاء نتيجة الانتخابات التي كانت جارية مما أوجد جوًا متوترًا بالبلاد أخذ يستفحل بتنفيد العصيان المدني الذي دعت إليه جبهة الإنقاذ الإسلامية، وما تلا ذلك من اعتقالات واسعة في صفوف أعضاء تلك الجبهة وبخاصة قيادتها، ومحاكمة أعداد كبيرة منهم. وانتشرت عمليات القتل والاغتيال في أنحاء البلاد، وذهب ضحيتها عديد من الجزائريين بمن فيهم الرئيس محمد بوضياف نفسه، الذي تسلم منصب الرئاسة في رجب 1412 هـ، يناير 1992 م، وأعلن عن عزمه للسير بالبلاد نحو الانفراج، لكنه اغتيل بعد أقل من سبعة أشهر من توليه منصبه. واختير الرئيس علي الكافي سنة 1413 هـ، 1992 م، ليحل محله على رأس المجلس الأعلى للدولة. وفي عام 1994 م حل محله الأمين زروال. وفي عام 1996 م، أجريت انتخابات رئاسية فاز فيها الرئيس الأمين زروال.
وفي العام نفسه، 1996 م، وافق الشعب الجزائري على تعديل دستوري نصّ على حظر الأحزاب السياسية التي تتخذ من الدين أو اللغة أو الجنس أو المنطقة أساسًا لها. وفي عام 1997 م، أجريت انتخابات برلمانية لاختيار أعضاء مجلس الشعب الوطني. وفي أبريل 1998 م تم انتخاب عبدالعزيز بوتفليقة، المقبول من الشعب والجيش والرئيس السابق الأمين زروال رئيسًا للبلاد. وفي يونيو 1999 م، أعلن الجيش الإسلامي للإنقاذ وهو الجناح العسكري للجبهة الإسلامية للإنقاذ وقف العمليات العسكرية ضد الحكومة.
Algeria
الجزائر العاصمة وكبرى مدن الجزائر، وعادة ما يطلق عليها الجزائر البيضاء نظرًا لأن عددًا كبيرًا من مبانيها قد طلي باللون الأبيض. وبالجزائر ميناء ممتاز يطل على البحر المتوسط. يقطن معظم الجزائريين المدن الواقعة على امتداد مناطق ساحل البحر المتوسط.
الجزائر دولة عربية، تشكل ـ بفضل موقعها ـ حلقة وصل مهمة بين العالم العربي وبقية الدول الإفريقية وأوروبا، في منطقة من أغنى مناطق الحضارة. فسواحلها المطلة على البحر المتوسط، تربطها بعلاقات وثيقة مع أوروبا، التي لاتبعد عنها سوى 700 كم، وهي قلب المغرب العربي، والجناح الغربي للعالم العربي، كما أنّها منطقة اتصال طبيعي بين أوروبا وإفريقيا.
وهي ثانية كبرى دول إفريقيا من حيث المساحة بعد السودان، تتبع مناطقها الشمالية إقليم البحر المتوسط مناخاً ونباتًا، ويتركز فيها ثلثا سكان البلاد، وأغلب الأنشطة الاقتصادية والبشرية، كما توجد بها مدينة الجزائر، عاصمة الدولة وإحدى أهم عواصم البحر المتوسط وإفريقيا. وفي جنوبها توجد الصحراء التي تغطي ثلاثة أرباع مساحة البلاد، حيث توجد أغنى الموارد والثروات الطبيعية، كالنفط والغاز.
سكان الجزائر مزيج من العرب والبربر، وحَّدهم الدين الإسلامي، وجمعتهم اللغة العربية، والعادات والتقاليد، فانصهروا في مجتمع متماسك ومنسجم. خضعت الجزائر للاحتلال الفرنسي طوال 130 سنة، وانتزعت استقلالها عام 1962 م بعد كفاح مرير، وتضحيات جسام استشهد فيها مليون ونصف المليون شهيد.
نظام الحكم
نظام الحكم في الجزائر جمهوري، وقد عُدل الدستور الجزائري في استفتاء شعبي، عام 1989 م، حيث ألغى نظام الحزب الواحد، وسمح بحرية تشكيل الأحزاب والجمعيات السياسية كما نص الدستور على حرية الصحافة والرأي.
الحكومة. يكلف رئيس الدولة رئيس الحكومة بتشكيل حكومة وطنية، ويوافق على تشكيل وزرائها، كما يرأس أعمال مجلس الوزراء، وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة، والحكومة مسؤولة أمام البرلمان، الذي ينتخبه الشعب، وتبلغ مدة الرئاسة في الجزائر خمس سنوات قابلة للتجديد.
الحكم المحلي. تقسم الجزائر إلى 48 ولاية على رأس كل ولاية مجلس منتخب، وحاكم، يسمى الوالي، كما توجد بالجزائر 1541 بلدية، بها مجلس منتخب، ويرأسها شيخ البلدية.
القضاء. المجلس الأعلى للقضاء هو أعلى هيئة قضائية في البلاد. ويقوم المجلس بمراجعة القضايا التي ترده من محاكم الولايات الثماني والأربعين. وتستمع محاكم الولايات إلى قضايا الاستئناف التي ترد إليها من المحاكم الصغرى المعروفة باسم المحاكم العدلية.
القوات المسلحة. تضم القوات المسلحة الجزائرية بأفرعها الثلاثة؛ البرية والجوية والبحرية 123,700 ألف رجل، معظمهم من الجنود الذين يؤدون الخدمة الوطنية، وهي خدمة إلزامية على كل الجزائريين البالغين سن 19 سنة، مدتها سنة ونصف، ويساهم الجيش الوطني الشعبي ـ إلى جانب مهمة الدفاع عن الوطن ـ في العديد من المشاريع التنموية ذات الأهمية الوطنية.
السكان
الإحصاء السكاني لعام 1987 م
الولاية عدد السكان الولاية عدد السكان
أدرار 217,678 خنشلة 246,541
الأغواط 212,388 جيجل 472,312
إليزي 18,930 سطيف 1,000,694
باتنة 752,617 سعيدة 235,494
بجاية 700,952 سكيكدة 622,510
برج بوعريرج 424,828 سوق أهراس 296,077
بسكرة 430,202 سيدي بلعباس 446,277
بشار 185,346 الشلف 684,192
البليدة 702,188 الطارف 275,315
أم البواقي 403,936 عنابة 455,888
بومرداس 650,975 عين دفلة 237,256
البويرة 526,900 عين تيموشنت 274,990
البيض 153,254 غرداية 216,140
تبسة 410,233 غليزان 544,877
تسمسيلت 228,120 قسنطينة 646,303
أنماط المعيشة. تتنوع أنماط الحياة في الجزائر بصورة ملحوظة، حيث تختلف في الريف عنها في المدن.
الحياة في الريف. استفادت الأرياف الجزائرية من مجهود التنمية الوطنية؛ فبني عديد من القرى الريفية ومشاريع البنية الأساسية، كالطرق والكهرباء ومياه الشرب، وبدأ سكان الريف يتطورون بخطى سريعة، نحو المباني العصرية، المبنية بالإسمنت والآجر (الطوب) على طابق أو طابقين، حسب الطرز المعمارية الحديثة التي أصبحت النموذج السائد في الأرياف في السنوات الأخيرة، وتلاشت المباني التقليدية التي كانت تبنى من الحجارة والطين والخشب. وتمتاز الحياة في الريف بالترابط العائلي ومظاهر الجود والكرم.
الحياة في المدن. تمتاز المدن الجزائرية بظاهرة الثنائية الحضرية المتمثلة في تداخل وتجاور الأحياء القديمة التي ترجع إلى الفترة الإسلامية، بشوارعها الضيقة المتعرجة، وأسواقها، ومساجدها مع الأحياء الحديثة، ذات الطابع الأوروبي، بمبانيها الشاهقة، وشوارعها الواسعة، وساحاتها العديدة. يعمل معظم سكان المدن في الخدمات والصناعة والتجارة.
وقد تعرضت المدن الجزائرية بعد الاستقلال لهجرة واسعة من سكان الريف وتضخم حجمها، وأصبحت عاجزة عن استيعاب هذه الزيادة السكانية المفرطة، فظهرت الأحياء العشوائية في ضواحي المدن.
جزائريون من سكان المدن في تيمون بالمناطق الصحراوية من البلاد، يرتدون ثيابًا تقليدية. تضم المجموعة التي على يمين الصورة طلاب المدارس.
الملابس. يرتدي الجزائريون في المدن الملابس العصرية، كما يرتدي بعضهم الأزياء التقليدية التي تشكل النمط السائد في الأرياف، وأهم الملابس التقليدية للرجال البرنوس والقشابية، المصنوعان من الصوف والوبر. أما النساء، فيرتدين الحايك أو الملاية، وهو حجاب من القطن الأبيض، أو الأسود يغطي كل أجزاء الجسم والوجه.
الطعام والشراب. الأكلة الشعبية المفضلة لدى الجزائريين هي الكُسكُسي، وهي الطبق الوطني الأول دون منازع، وهو يتكون من السميد ويقدم مصحوباً باللحم والخضراوات والمرق الأحمر، وهناك أيضًا العديد من الأكلات التقليدية، إلا أن الطابع السائد هو طابع المطبخ الفرنسي، وبخاصة في المدن.
السوق الأسبوعي في إحدى المدن الصغيرة في الجزائر.
أحد المساجد في الأبيار بالجزائر.
الترويح. معظم الجزائريين من هواة الرياضة، وبخاصة كرة القدم؛ حيث تزدحم الملاعب بجمهور المتفرجين يوم الجمعة، العطلة الأسبوعية الرسمية في البلاد. كما تشهد قاعات السينما والمسرح إقبالاً كبيراً من الشباب. ويحتفل الجزائريون كل سنة بأيامهم الوطنية وخاصة يوم الثورة في أول نوفمبر، ويوم الاستقلال في الخامس من يوليو، وكذا الأعياد الدينية الإسلامية.
الدين والتعليم. ينص الدستور الجزائري على أن دين الدولة هو الإسلام، وتبلغ نسبة المسلمين في الجزائر 99,9%. تخصص الدولة أكثر من ثلث ميزانيتها للتربية والتعليم. ويبلغ عدد المسجلين في مراحل التعليم المختلفة ستة ملايين ونصف المليون عام 1992 م، يشكلون قرابة ثلث سكان الجزائر. ويقضي القانون الجزائري بإلزامية التعليم لكل الأطفال بين سن السادسة والسابعة عشرة، كما توجد بالجزائر 50 جامعة ومعهدًا للتعليم العالي. ورغم كل هذه المجهودات ما يزال نحو ربع السكان يعانون من الأمية.
الفنون. تحتل الفنون مكانة متميزة بين اهتمامات الجزائريين، ومعظم الأعمال الفنية تبرز مقومات الحضارة العربية الإسلامية. فالعمارة الدينية كالمساجد والزوايا، مازالت شواهد حية قائمة على التراث الإسلامي الخالد في هذه الديار، كما تشتهر الجزائر بالفنون التقليدية، كصناعة الأواني الفخارية والمجوهرات والزرابي (السجاد)، والتحف النحاسية، والزجاج، وهذه الفنون التقليدية تستعيد أمجاد الحضارة العربية في رموزها وأشكالها وتقسيماتها الفنية وكذلك الحضارة الأمازيغية. وفي الموسيقى يزخر التراث الفني الجزائري بأنماط فنية عديدة بالإضافة إلى الموسيقى الأندلسية، والموسيقى الشعبية إلى جانب الموسيقى الحديثة.
تصدر في الجزائر سنويًا مئات المؤلفات في الأدب والفن، باللغتين العربية والفرنسية. وللعديد من الكتاب الجزائريين شهرة عالمية واسعة، فقد ترجمت أعمالهم إلى العديد من اللغات.
السطح والمناخ
خريطة الجزائر
تتوزع مظاهر السطح في الجزائر، على خمسة أقاليم طبيعية متميزة، هي من الشمال إلى الجنوب: الساحل، والتل، والهضاب العليا، والمرتفعات الأطلسية، والصحراء.
الساحل. هو شريط ضيق يمتد بمحاذاة البحر، يبلغ طوله 1,200 كم، من مرسى بن مهيدي غربًا، إلى القالة شرقا، وبعرض لايتجاوز 50 كم، مساحته 40,000 كم² (1,7% من جملة مساحة الجزائر)، ويقيم فيه 40% من السكان.
تتكون أراضي هذا الإقليم من سلسلة من الصخور العالية والشواطئ الرملية، تتخللها بعض الخلجان، تقوم بها مدن الموانئ كوهران وبجاية وسكيكدة وعنابة، وبه جيوب سهلية صغيرة عند مصبات الأنهار. ومناخ هذا الإقليم معتدل، يتميز باعتدال شتائه وصيفه الحار الجاف، وبغزارة أمطاره، التي تتراوح بين 800 و 1,000 ملم.
التل. يتكون إقليم التل من سلسلة من السهول الساحلية المنخفضة كسهول وهران والمتيجة وعنابة، المشهورة بإنتاج الغلال والخضراوات والفواكه، والسهول الداخلية المرتفعة، كسهل تلمسان وسيدي بلعباس والسرسو وقسنطينة، وهي متخصصة في إنتاج الحبوب والكروم.
وتنحصر هذه السهول بين المرتفعات الجبلية، التي تمتد من جبال تلمسان عند الحدود المغربية، حتى جبال سوق أهراس، عند الحدود التونسية، أعلى قممها قمة لا لا خديجة في جبال الجرجرة (2,328 م). وإقليم التل أقل مطراً من إقليم الساحل، إذ يتراوح معدل سقوط الأمطار ما بين 500 و 700 ملم في السنة، وهو أكثر اتساعًا في مداه الحراري، وله السمات العامة لمناخ البحر المتوسط.
مناطق النجود والمرتفعات تمتد عبر المنطقة الشمالية من الجزائر. تعتبر الأعشاب والشجيرات التي تنمو في الإقليم غذاء لقطعان الماشية والدواب. يقوم الراعي في الصورة أعلاه برعي قطيع من الماشية بالقرب من تيارت.
أشجار النخيل كما في الصورة أعلاه، تنمو في الواحات التي ترويها ينابيع جوفية.
الهضاب العليا. ينحصر هذا الإقليم بين سلسلتين جبليتين متوازيتين هما أطلس التل شمالاً، والأطلس الصحراوي جنوبًا. يتراوح ارتفاع أراضيه بين 800 و 1,000 م تتخللها منخفضات تغمرها المياه المالحة تسمى السبخات، أو الشطوط. ومناخ هذا الإقليم قاري وأمطاره قليلة إذ يتراوح معدل سقوط الأمطار بين 400 و 500 ملم، تسمح بزراعة الحبوب التي تشكل الإنتاج الرئيسي لهذا الإقليم، منذ أقدم العصور.
المرتفعات الأطلسية. يشكل هذا الإقليم الحد الطبيعي بين شمالي الجزائر وجنوبها، ويتكون من سلسلة من المرتفعات تمتد بطول 700 كم، تشكل حاجزاً طبيعياً في وجه الصحراء، تتخللها ممرات ودروب طبيعية تمر منها أهم طرق المواصلات بين الصحراء والشمال. ويمثل جبل الأوراس أعلى ارتفاع في الإقليم عند قمة الشلية حيث يبلغ نحو 2,329 م.
وعلى الرغم من بُعد هذا الإقليم عن البحر حوالي 300 كم، فإن تنظيم سطح الجزائر من الشمال إلى الجنوب، على شكل مدرجات ـ تزداد ارتفاعًا كلما توغلنا نحو الداخل ـ يسمح بامتداد رطوبة البحر إلى هذا الإقليم؛ حيث تكسو الغابات سفوحه الشمالية، ويصل معدل سقوط الأمطار عليه بين 250 و 400 ملم سنويًا. أما سفوحه الجنوبية فقاحلة جرداء. ومن عجائب الطبيعة في هذا الإقليم أن تتعايش غابات الأرز والفلين، مع واحات النخيل، على بعد لا يزيد على 30 كم.
الصحراء الكبرى. تشكل أكبر جزء من الأراضي الجزائرية، وتتنوع بها المظاهر الطبيعية؛ ففي شمالها الشرقي منطقة منخفضة (شط ملغيغ 31 م تحت سطح البحر) تتجمع فيها أهم الواحات، ثم منطقة الكثبان الرملية في العرق الشرقي الكبير، والعرق الغربي، ويتراوح ارتفاع هذه الكثبان بين 200 و 500 م. ثم منطقة الهضاب في تادميت، وأخيراً منطقة جبلية في الجنوب الشرقي، في التاسيلي والأحجار بها جبال شاهقة، أعلى قممها تاهيت 2,918 م. وهذه المنطقة احتضنت واحدة من أهم الحضارات القديمة في العالم. مناخها قاري قليل الأمطار، شديد الحرارة.
الاقتصاد
مصنع معالجة الغاز في أرزو، أعلاه، يحيل الغاز الطبيعي إلى سائل حتى يمكن تصديره إلى ما وراء البحار. يعتبر الغاز الطبيعي أحد صادرات الجزائر الأساسية.
بالجزائر قاعدة اقتصادية متطورة، تعتمد بالدرجة الأولى على استغلال الموارد الطبيعية التي تزخر بها البلاد. وفي مقدمتها النفط والغاز الطبيعي. وتسيطر الدولة على قطاعات مهمة من الصناعة الوطنية، وبخاصة المحروقات والصناعات الحديدية والميكانيكية، والنسيج، ومواد البناء، في حين يشارك القطاع الخاص بنصيب كبير في قطاع الصناعات التحويلية، وبخاصة الصناعات الغذائية والملابس والأحذية.
قطاع الخدمات. يغطي 34% من الناتج الوطني الإجمالي، ويشتغل به 35% من جملة العاملين الجزائريين، يُوزَّعون على عدة قطاعات أهمها: الإدارة والتعليم والصحة، والتأمينات والمصارف، والمؤسسات الحكومية، والخدمات الشخصية.
قطاع التعدين. يزخر باطن الأرض الجزائرية بثروات معدنية مهمة ومتنوعة أهمها: الغاز الطبيعي والنفط، والحديد والرصاص، والزنك والنحاس والزئبق. ويسهم هذا القطاع بـ 22,9% من الناتج الوطني الإجمالي، ويشتغل به 1% من إجمالي العاملين.
قطاع الصناعة والإنشاءات. ويؤدي هذا القطاع دوراً ريادياً في هيكل الاقتصاد الجزائري، فهو يسهم بـ 20% من قيمة الناتج الوطني الإجمالي. وتتركز أهم المناطق الصناعيه في منطقة الساحل والتل بالقرب من الموانئ، في عنابة وسكيكدة والجزائر وأرزو ووهران وقسنطينة، وأهم هذه الصناعات: الإسمنت ومواد البناء والحديد والصلب (الفولاذ) ومشتقات النفط، والغاز المميع، والصناعات الإلكترونية، والكهربائية والنسيج.
واحة القليعة الجميلة في الجهة الغربية من صحراء الجزائر.
قطاع الزراعة. رغم الجهود العديدة التي بذلتها الدولة للنهوض بالزراعة الجزائرية فإن الإنتاج الزراعي لايلبي الحاجات المتزايدة للسكان، مما أدى إلى قيام الدولة باستيراد المواد الغذائية بشكل كبير. ويشتغل في هذا القطاع 15,9% من العاملين، إلا أنه يسهم بـ 9,5% فقط من قيمة الناتج الوطني الإجمالي، ويسيطر القطاع الزراعي الخاص على ثلثي الأراضي المستغلة في الزراعة عن طريق المزارع الصغيرة التي لايزيد متوسط مساحتها على عشرة هكتارات.
وأهم المنتجات الزراعية الجزائرية الحبوب والتمور، والزيتون والبطاطس، ومنتجات الألبان والموالح.
التجارة. يشكل الغاز الطبيعي والنفط ومشتقاته 95,7% من قيمة صادرات الجزائر للخارج، وهي بذلك دولة نفطية وعضو في منظمة الدول المصدرة للنفط (الأوبك). وتتم المبادلات التجارية الجزائرية أساسًا مع الدول الأوروبية، وفي مقدمتها فرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا ثم الولايات المتحدة الأمريكية. وإلى جانب المحروقات تصدر الجزائر الحديد والزئبق والفوسفات والتمور، وأما معظم وارداتها فتتمثل في المواد الغذائية ومواد التجهيز.
النقل والاتصالات. تزيد أطوال الطرق البرية في الجزائر على 102,424 كم، المعبد منها نحو 70,670 كم، ونحو 4,772 كم من خطوط السكك الحديدية، تربط بين الشمال والصحراء، والشرق والغرب. كما توجد بها سبعة مطارات دولية، أهمها مطارهواري بومدين في الجزائر العاصمة، ومطار محمد بوضياف بقسنطينة، ومطار السانية بوهران، ومطار الملاحة بعنابة، إلى جانب 21 مطارًا داخلياً.
كما توجد بالجزائر قناة تلفزة وطنية، تابعة للدولة وإذاعة ناطقة بالعربية وأخرى بالفرنسية، وثالثة بالأمازيغية، إلى جانب عدد من المحطات المحلية، وتصدر بالجزائر عدة صُحف منها المستقل ومنها التابع للدولة.
نبذه تاريخية
يرجع تاريخ الجزائر، إلى عصور ما قبل التاريخ، ويعود تاريخ أول إنسان قطن الجزائر، إلى 1500 سنة قبل الميلاد في عصر الباليوليتيك، بل دلت بعض الآثار على أن الجزائر كانت آهلة بالسكان قبل 500,000 عام. حمل سكان الجزائر القدماء اسم البربر ـ واشتهرت حضارتهم، باسم الحضارة الليبية الأمازيغية، عرفوا الكتابة والرسم، ومارسوا الزراعة، وتربية الماشية، وكانت لهم نظم متطورة، في التنظيم الاجتماعي والقضاء والفن.
عرفت الجزائر شكل الدولة لأول مرة، في عهد المملكة النوميدية، (203 ق. م)، وكانت دولة قوية تقع في شمالي إفريقيا، ولها علاقات اقتصادية وسياسية مهمة مع قرطاجة وروما، عرفت ذروة ازدهارها في حكم ماسينيسا، وكانت حدودها تتقارب إلى حد كبير مع حدود الجزائر الحالية. عاشت الجزائر نهضة اقتصادية كبيرة في الزراعة والتجارة. وكانت الممول الأساسي لروما بالحبوب. حرّك هذا الرخاء أطماع الرومان بعد سقوط قرطاجة، فقاموا باحتلالها، بعد قرن كامل من المواجهة والكفاح، وظل الاحتلال الروماني للجزائر خمسة قرون تقريباً، سقطت بعدها في يد الوندال في القرن الخامس الميلادي، حيث عرفت حقبة مظلمة في تاريخها، إلى أن جاءتها طلائع الفتح العربي الإسلامي في القرن السابع الميلادي لتعيش عصرها الذهبي، وتشارك في إرساء دعائم الدولة الإسلامية، وفي نشر الدعوة، وإثراء الثقافة والفكر الإسلامي بعلمائها، وفقهائها، ومفكريها. ثم تتابعت عليها الممالك والدويلات، إلى أن دخلت في حماية الأتراك العثمانيين في القرن السادس عشر الميلادي، لتصبح أول قوة بحرية في البحر المتوسط، تتحكم في الملاحة والمبادلات التجارية، فازدهر اقتصادها، وتطور عمران مدنها، وازدهرت فيها الثقافة والعلوم.
وفي هذه الفترة، أخذت الجزائر شكلها الحدودي الحالي، في إطار حدود سياسية واضحة، إلى أن جاء الاحتلال الفرنسي عام 1830 م لتبدأ الجزائر سلسلة متواصلة من الثورات والانتفاضات الشعبية، لمواجهة الغزو الفرنسي الذي استغرق قرناً كاملاً من الزمان، لكي تبسط فرنسا نفوذها كاملاً على البلاد. وذلك بسبب المقاومة العنيفة التي قابلتها فرنسا بأعمال وحشية كالقتل الجماعي، وحرق المزارع والممتلكات، وهدم المدن والقرى، فاندلعت الثورة في كل مناطق البلاد، كان أهمها، كفاح الأمير عبدالقادر الجزائري الذي وحَّدَ المقاومة الجزائرية، وأعاد تنظيم الدولة الجزائرية، لمواجهة الاحتلال ثم ثورة الزعاطشة، وأولاد سيدي الشيخ، والمقراني، والحداد، وبوعهامة، وظهرت بطولة الشعب الجزائري في هذه الثورات التي تجاوز عددها 150 ثورة، رغم الأساليب الوحشية التي تعرض لها، حيث حُرم من حقه في التعبير والتعليم، وتعرض للاستغلال والابتزاز، فتحولت المقاومة الجزائرية إلى المقاومة السياسية، دون أن يلقى ذلك صدى لدى فرنسا، التي اعتبرت الجزائر جزءًا لايتجزأ منها.
وقد شارك المجندون الجزائريون في تحرير فرنسا خلال الحربين العالميتين، لأن القانون الفرنسي أجبرهم على ذلك. وطالبوا بعد الانتصار بحقهم في الحرية بمظاهرات سلمية، نظمت في كثير من المدن والقرى يوم الثامن من مايو 1945 م، واجهتها القوات الفرنسية بقمع وحشي، أسفر عن سقوط 45 ألف شهيد. وحُلّت الأحزاب واعتقل زعماؤها، وثبت للشعب الجزائري أن الأسلوب الوحيد لاستعادة حريته يكمن في المقاومة المسلحة. فبدأ الاستعداد للثورة المسلحة التي اندلعت ليلة أول نوفمبر 1954 م، تحت قيادة جبهة التحرير الوطني، واستجاب الشعب الجزائري لنداء الثورة والتحم مع الثوار. وتصاعدت المقاومة وحققت انتصارات عسكرية وسياسية مهمة، رغم القمع الفرنسي وسياسة الأرض المحروقة، واستشهد ما يزيد على مليون ونصف المليون شهيد. وكلل الكفاح بالاستقلال في الخامس من يوليو 1962 م.
قامت الدولة الوطنية بعد الاستقلال تحت رئاسة أحمد بن بيلا، وركزت جهودها على تنظيم شؤون البلاد، والنهوض بالاقتصاد الذي خربه المستعمرون قبل مغادرة الجزائر. وفي 19 يونيو 1965 م أطاح العقيد هواري بومدين بالرئيس بن بيلا، وبدأ في تطبيق برنامج طموح للتنمية الصناعية والاجتماعية، تميز بالتركيز على التصنيع، واستثمار الموارد المعدنية كالنفط والغاز. فأنشئت قاعدة صناعية ضخمة وفّرت العمل لملايين الجزائريين، ووضعت البلاد على عتبة التطور والتنمية.
بعد وفاة بومدين عام 1978 م انتخب الشاذلي بن جديد رئيسًا للبلاد، فاتبع سياسة اقتصادية مغايرة، ركز فيها على تطوير الزراعة والخدمات، وتحسين الاستهلاك، وأعيد انتخابه عام 1984 م ثم عام 1988 م.
وفي عام 1989 م أجري استفتاء شعبي، لتعديل الدستور الجزائري، حيث تغير التوجه الاشتراكي الذي كان يغلب على الدستور السابق، وسمح بحرية تشكيل الأحزاب، وحرية الصحافة والرأي، وبحق الملكية الخاصة. وفي يونيو 1991 م أجريت الانتخابات التعددية لأول مرة في تاريخ الجزائر لتعيين أعضاء المجالس البلدية، ومجالس الولايات، وقد فاز بالأغلبية حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ، ثم أجريت الانتخابات التشريعية في ديسمبر 1991 م فاز فيها ثلاثة أحزاب، في مقدمتها الجبهة الإسلامية للإنقاذ، ثم جبهة التحرير الوطني، وجبهة القوى الاشتراكية. وفي يناير 1992 م استقال الرئيس بن جديد من رئاسة الدولة، فاستدعي محمد بوضياف أحد قادة ثورة التحرير وتشكل المجلس الأعلى للدولة بقيادته، ثم حلت الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وتوقف المسار الانتخابي. وفي يونيو 1992 م اغتيل محمد بوضياف، وعُين مكانه علي كافي، على رأس المجلس الأعلى للدولة. وفي 1994 م، عين الأمين زروال مكانه. وفي عام 1996 م، أجريت انتخابات رئاسية فاز فيها الرئيس الأمين زروال. وفي العام نفسه، 1996 م، وافق الشعب الجزائري على تعديل دستوري نصّ على حظر الأحزاب السياسية التي تتخذ من الدين أو اللغة أو الجنس أو المنطقة أساسًا لها. وفي عام 1997 م، أجريت انتخابات برلمانية لاختيار أعضاء مجلس الشعب الوطني. وفي أبريل 1998 م تم انتخاب عبدالعزيز بوتفليقة رئيسًا للبلاد خلفًا للأمين زروال. وفي يونيو 1999 م، أعلن الجيش الإسلامي للإنقاذ وهو الجناح العسكري للجبهة الإسلامية للإنقاذ وقف العمليات العسكرية ضد الحكومة.
والجزائر دولة رائدة بين الدول النامية أدت دورًا مهمًا في تدعيم ومساندة الشعوب المكافحة ضد الاستعمار، وفي مقدمتها فلسطين، وكل حركات التحرير الإفريقية، والأسيوية؛ كما أدت دورًا أساسيًا في كفاح العالم الثالث من أجل إرساء دعائم نظام اقتصادي عادل عن طريق كل المحافل الدولية، وبخاصة دول عدم الانحياز والأمم المتحدة.
...يتبع👏👍
حــــ٤ / نوميديا Numidia "الخلاصة👌👍👏"
====================
روى جبير عن نفير عن ابي ثعبة الخشني ـ واسمه جرثوم ـ "
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
الجن على ثلاثة أثلاث
فثلث لهم أجنحة يطيرون في الهواء
وثلث حيات وكلاب
وثلث يحلون ويظعنون " .
وروى أبو الدرداء ـ واسمه عويمر ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"خلق الله الجن ثلاثة أثلاث
فثلث كلاب وحيات وخشاش الأرض
وثلث ريح هفافة
وثلث كبني آدم لهم الثواب وعليهم العقاب
وخلق الله الإنس ثلاثة اثلاث 🎳
فثلث لهم قلوب لا يفقهون بها وأعين لا يبصرون بها وأذان لا يسمعون بها إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا 🍆🍡🍢🚿
وثلث أجسادهم كأجساد بني آدم وقلوبهم قلوب الشياطين🌚🍓🍇🍆
وثلث في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله💖💗💝👉👏" .
========
الجزائر دولة رائدة بين الدول النامية أدت دورًا مهمًا في تدعيم ومساندة الشعوب المكافحة ضد الاستعمار، وفي مقدمتها فلسطين، وكل حركات التحرير الإفريقية، والأسيوية؛ كما أدت دورًا أساسيًا في كفاح العالم الثالث من أجل إرساء دعائم نظام اقتصادي عادل عن طريق كل المحافل الدولية، وبخاصة دول عدم الانحياز والأمم المتحدة.
======
خلاصة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية
العاصمة/ الجزائر
اللغة الرسمية/ اللغة العربية
الإسم الرسمي /الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية
العملة الدينار الجزائري = 1,000 سنتيم.
الدولار الأمريكي يساوي/ 33,57 دينارًا عام 1999 م
المساحة/ 2,381,741 كم
عدد السكان 30,045,000
العلم والموقع الجغرافي
الجزائر بلاد شاسعة تقع شمالي إفريقيا. يقطن جميع سكانها تقريبا المناطق الساحلية التي يحدها البحر الأبيض المتوسط
الشعار: العلم الوطني وعليه حرف جيم رمز الجمهورية الجزائرية.
العلم التقسيمات، الألوان: الأبيض والأخضر وهلال ونجمة باللون الأحمر.
معطيات المساحة
المسافات: تمتد من الشرق إلى الغرب بطول 2,400 كم ومن الشمال إلى الجنوب 2,100 كم طول خط الساحل 1,200 كم.
الارتفاع: أقصى ارتفاع قمة تاهيت 2,918 م فوق مستوى سطح البحر وأدنى انخفاض منخفض شط لفيغ 31 م تحت مستوى سطح البحر.
معطيات سكانية:
الكثافة السكانية: (1998 م) 22,6 نسمة/كم².
التوزيع السكاني: (1995) سكان الحضر 55,8%، سكان الريف 44,2%.
توقعات عدد السكان (2010 م): 37,943,000. نسمة.
فترة المضاعفة السكانية: 31 سنة.
توزيع السكان حسب جنسهم (1995 م): الذكور 50,6%، الإناث 49,4%.
التركيب العرقي (1992 م): العرب 80%، البربر 20% منهم 13% القبائل و 6% الشاوية%.
الانتساب الديني (1990 م): المسلمون 99,9%، النصارى الكاثوليك 0,1%.%.
المدن الرئيسية (1987 م): الجزائر (1995): 2,168,000 نسمة، (المنطقة الحضرية 3,702,000 نسمة)، وهران 609,823 نسمة، القسنطينة 440,842 نسمة، عنابة 222,518 نسمة، باتنة 18,161 نسمة.
إحصاءات حيوية
معدل المواليد (1996 م) لكل 1000 شخص: 28,5 (المعدل العالمي 25).
معدل الوفيات (1996 م) لكل 1000 شخص: 5,9 (المعدل العالمي 9,3).
معدل الزيادة الطبيعية (1996 م) لكل 1000 شخص: 22,6 (المعدل العالمي 15,7).
معدل الإنجاب (1996 م) (لكل امرأة منجبة): 3,6 ..
معدل الزواج لكل 1000 شخص (1993): 5,7.
معدل الطلاق لكل 1000 (1985): 2,1.
متوسط الأعمار (1996): الذكور 67,2 سنة، الإناث 69,5 سنة.
حالات الأمراض المعدية لكل 100,000 شخص (1990): التهاب الكبد 15,1، حمى التيفوئيد 11,3، الحصبة 7,2، الدرن 4,8.
المنتجات الرئيسية:
زراعية: الحبوب، التمور، الموالح.
صناعية: المحروقات ومشتقاتها، الغاز المميع، الحديد والصلب، الشاحنات والحافلات الجرارات الزراعية، مواد البناء، النسيج.
التعدين: النفط، الغاز الطبيعي، الحديد، الفوسفات، الزئبق، الزنك.
الاقتصاد الوطني
الميزانية (1995 م):
الإيرادات:600,900,000,000 دينار جزائري (ضريبة تصدير الهيدروكربونات 50,8%، ضرائب القيمة المضافة 16,1%) المصروفات 627,700,000,000 دينار جزائري (مصروفات جارية 70,8%، مصروفات تنمية 23,1%، أخرى 6,1%).
الدين العام: (خارجي ـ قائم 1996 م): 7,137,000,000 دولار أمريكي.
السياحة (1995): ما تحقق من السياحة 27,000,000 دولار أمريكي، نفقات المواطنين في الخارج 135,000,000 دولار أمريكي.
الإنتاج: (بالطن المتري ما لم ينص عليه بغير ذلك)، الزراعة والغابات وصيد الأسماك (1996 م): القمح 2,800,000، الشعير 1,690,000، البطاطس 1,150,000، الطماطم 718,000، التمور 360,600، الزيتون 313,300، البصل 312,900، البرتقال 236,700، العنب 132,300؛ الماشية (عدد الحيوانات الحية): الأغنام 17,565,000، الماعز 2,895,000، الأخشاب (1995 م): 2,517,000 م، صيد الأسماك (1995 م): 106,246، التعدين وأعمال المحاجر (1996 م): خام الحديد (الوزن الإجمالي).
بنية الناتج الوطني الإِجمالي والأيدي العاملة
القيمة بالمليون دينار جزائري % من إجمالي القيمة القوى العاملة % للقوى العاملة
1994 م 1990
الزراعة 140,500 9,5 907,490 15,9
النفط والغاز الطبيعي 334,200 22,7 55,000 1
معادن أخرى 2,200 0,2 - -
التصنيع 137,000 9,3 646,390 11,3
الخدمات العامة والإنشاءات 182,000 12,4 370,651 11,4
إدارة عامة، دفاع 187,000 12,7 1,318,370 23,1
النقل والاتصالات 252,230 4,4
التجارة 488,400 2,33 444,970 7,8
أخرى 1,435,180 1,25
المجموع 1,471,400 100 5,711,000 100
الناتج الوطني الإجمالي (1996):43,726,000,000 دولار أمريكي، بواقع 1,520 دولارًا أمريكيًا للفرد.
النشاط الاقتصادي للسكان (1994):العدد الإجمالي 6,814,000، معدل نشاط السكان 24,8% (معدلات الإسهام: من سن 15 سنة إلى 64 سنة: 44,3%، الإناث 9,2%).
دخل الأسرة ونفقاتها. متوسط حجم الأسرة (1992): 6,9، مصادردخل الأسرة (1995): أجور ورواتب 43,1%، أعمال حرة 38,3%، تحويلات 18,6%، المصروفات (1988): الطعام والشراب 52,33%، النقل والاتصالات 12%، الملابس 8,6%، السكنى والطاقة 6,7% أخرى 20,4%.
استخدام الأراضي (1994 م): غابات 1,6%، المروج والمراعي 13,3%، الأراضي الزراعية 3,4%، أخرى معظمها صحراء 81,7%.
التجارة الخارجية
الميزان التجاري (بالأسعار الجارية)
1989 م 1990 م 1991 م 1992 م 1993 م 1994 م
مليون دولار أمريكي +360 +3,215 +4,107 +2,489 +1,312 - 1,005
% من الإجمالي 1,9% 14,2% 21,1% 12,6% 7% 5,5%
الواردات (1994):9,599,000,000 دولار أمريكي (مواد غذائية 29,4% منها 13,8% حبوب وتجهيزات؛ آلات غير كهربائية 14,7%؛ حديد وفولاذ 9,5%). جهات الاستيراد الرئيسية (1995): فرنسا 29,6%، أسبانيا 10,5%، إيطاليا 8,2%، الولايات المتحدة 8%، ألمانيا 5,6%.
الصادرات (1994):8,594,000,000 دولار أمريكي (نفط خام 45,7%، غاز طبيعي 31,2%، نفط مكرر 18,8%). جهات التصدير الرئيسية (1995): إيطاليا 18,8%، الولايات المتحدة 14,8%، فرنسا 11,8%، أسبانيا 8%، ألمانيا 7,9%.
النقل والاتصالات
النقل، السكك الحديدية (1994): إجمالي الأطوال: 4,772 كم، عدد الركاب 2,524,000,000 راكب/كم شحن البضاعة 2,400,000,000 طن/كم، الطرق (1995): إجمالي الأطوال 102,424 كم (المعبد منها 69%)، وسائل النقل (1995 م): سيارات الركاب 871,000، الشاحنات والحافلات 566,000، الملاحة التجارية (1992): السفن (100 طن فأكثر) 149، إجمالي الوزن الثابت 1,093,363 طن، النقل الجوي (1996): عدد الركاب 2,644,000,000 راكب/كم، الشحن الجوي 14,826,000 طن متري/كم، عدد المطارات (1996): 28.
التعليم (1992 - 1993 م)
المدارس المعلمون الطلاب % الطلاب للمعلمين
ابتدائي عمر (6 - 11) 13,970 153,793 4,436,363 28,8
الثانوي عمر (12 - 18) 3,402 130,413 2,255,276 17,3
مهنية وتدريب معلمين 151 5,317 49,922 9,4
العالي 15 14,379 243,397 16,9
*جامعات: أهم الجامعات، الجزائر؛ القسنطينة؛ وهران؛ العلوم والتكنلوجيا؛ تيز وزو
الاتصالات: عدد الصحف اليومية (1994): 8، التوزيع الإجمالي 1,440,000، التوزيع لكل 1000 شخص 53، الراديو (1995): عدد أجهزة الاستقبال 3,500,000 (جهاز لكل 8 أشخاص) التلفاز (1995): عدد أجهزة الاستقبال 2,000,000 (جهاز لكل 14 شخص)، الهاتف (الخطوط الرئيسي 1993): 1,068,100 (خط لكل 25 شخص)
التعليم والصحة
المستوى التعليمي (1989):النسبة المئوية من السكان من عمر 16 سنة فأكثر ولم يتلقوا تعليمًا نظاميًا 38,2%، المدارس القرآنية 0,9%، الابتدائي 20,8%، الثانوي 11,1%، المهني 19,7%، العالي 9,3%، المتعلمون (1995): إجمالي عدد المتعلمين من عمر 15 سنة فأكثر 10,531,000 (61,6%)، المتعلمون الذكور 6,368,000 (73,9%) المتعلمات الإناث 4,163,000 (49%).
الصحة (1994): عدد الأطباء 25,796 (طبيب لكل 1,066 نسمة)، عدد أسرّة المستشفيات 53,612 (سرير لكل 513 نسمة)، معدل وفيات الأطفال لكل 1000 مولود (1996): 48,7.
الطعام (1995): السعرات الحرارية التي يتناولها الفرد في اليوم 3,042 (منتجات نباتية 90%، منتجات حيوانية 10%) 127% من الحد الأدنى الذي أوصت به منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة.
القوات المسلحة: إجمالي عدد القوات المسلحة العاملة (1996): 123,700 (الجيش 86,5%، البحرية 5,4%، القوات الجوية 8,1%) نسبة النفقات العسكرية من الناتج الوطني الإجمالي (1995): 3,2 (المعدل العالمي 2,8%)، نصيب الفرد في النفقات العسكرية 43 دولارًا أمريكيًا.