علم الفلك

" فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ" (الواقعة، آية : 75 ـ 76).



{وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ}: [البروج: 1]. 
{وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا}: [الحجر: 16].
 {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا}: [الفرقان: 61] 
{هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ۚ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَٰلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ ۗ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}.يونس، الآية 5 
{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}.
 سورة الرعد، الآية 2: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ۖ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۖ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ}. 
 سورة إبراهيم، الآية 33: {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ ۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ}. 
 سورة فصلت، الآية 37: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ۚ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}.
 سورة الرحمن، الآية 5: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ}. 
 سورة يس، الآية 39: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ}. 
 سورة القيامة، الآية 9: {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ}.















أولاً المقالة الثانية:في علم النُّجوم من كتاب مفاتيح العلوم

  وهو أربعة فصول

 الفصل الأول: في أسماء النُّجوم السَّيَّارة والثابتة وصُوَرها.
 الفصل الثاني: في تركيب الأفلاك وهيئة الأرض وما يتبع ذلك. 
الفصل الثالث: في مبادئ الأحكام ومواضعات أصحابها. 
الفصل الرابع: في آلات الْمُنَجِّمِين.

 الفصل الأول: في أسماء النُّجوم السَّيَّارة والثابتة وصورها علم النُّجوم يُسَمَّى بالعربية: التنجيم، وباليونانية: إصطرنوميا، وإصطر هو النَّجْم، ونوميا هو العِلْم. الكواكب السَّيَّارة: زُحَل، والْمُشْتَرِي، والْمِرِّيخ، والشَّمْس، والزُّهْرَة، وعُطَارِد، والْقَمَر،١ وأسماؤها بالفارسية: كيوان، هرمز، بهرام، خور، ناهيد، تير، ماه. الكواكب الثابتة، هي النُّجوم كلها التي في السماء، ما خلا السبعة التي تقدم ذِكْرُها، وسُميت ثابتة لأنها تحفظ أبعادها على نظام واحد ولا تسير عرضًا، وقيل لأن سَيْرها إذا قِيس بسَيْر السبعة فهو يَسير جدًّا، والأول أصح. والكواكب الثابتة تقع في خمس وأربعين صورة، منها اثنتا عشرة صورة في وسط الفلك، وهي صورة البروج الاثني عشر، وهي: الحَمَل، والثَّوْر، والْجَوْزاء، والسَّرَطان، والأَسَد، والسُّنْبُلَة، والمِيزان، والعَقْرَب، والقَوْس، والْجَدْي، والدَّلْو، والْحُوت،٢ والْحَمَل يُسَمَّى الكَبْش أيضًا، والْجَوْزاء تُسمى التَّوْأَمَيْنِ، والأَسَد: اللَّيْث، والسُّنْبُلَة: العَذْراء، والْجَدْي: التَّيْس،٣ والْحُوت: السمكة. ومنها تسع عشرة صورة شمالية، أولها: الدُّبُّ الأصغر، وتُسَمِّيه العرب: بَنَات نَعْش الصغْرَى، وهي سبعة أنجم، الأربعة منها نَعْش، والثلاثة هي البنات، والثانية: التِّنِّين، والعرب تسمِّي كواكبَه: العوائذ. الثالثة: الدُّبُّ الأكبر، وهو بَنات نَعْش الكبرَى. والرابعة: قيفاوس، ويُسَمَّى الأَثَافِيَّ. والخامسة: بؤرطيس الحارس، وهو العَوَّاء، ويُسَمَّى: راعي الشاء، ومن كواكبه: السِّمَاك الرامح. والسادسة: الإكليل الشاميُّ، وهو الفَكَّة. والسابعة: الجاثي على رُكْبَتَيْهِ، وكواكبه التماثيل. والثامنة: الحَوَّاء وحَيَّتُه. والتاسعة: اللورا، غير معجمة الراء، معناه باليونانية: الصَّنْج، لضوئه، وتسميه العرب: النَّسْر الواقع، ويُسَمَّى أيضًا: السُّلَحْفَاة. والعاشرة: العُقَاب والسهم، وتسميه العرب: النَّسْر الطائر. والحادية عشرة: الدُّلْفِين، ويُسَمَّى الصليب، سُمي دُلْفِين تشبيهًا بالسمك البحْري الذي يُنْجِي الغَرْقَى. والثانية عشرة: الدَّجاجة، وتُسمى الفوارس، ومن كواكبها: الرِّدْف، وهو ذَنَب الدجاجة. والثالثة عشرة: الفَرَس الأول. والرابعة عشرة: الفَرَس الثاني. والخامسة عشرة: المرأة ذات الكرسي، ومن كواكبها: الكف الخَضِيب. السادسة عشرة: هي المرأة التي لم تَرَ بعلًا، وتسميها العرب: الناقة. والسابعة عشرة: المثَلَّث، وهي الأشراط. والثامنة عشرة: حامل رأس الغُول. والتاسعة عشرة: إنيخس، وهي حامِل العَنَاق، ومن كواكبه العَنْز، وهو العَيُّوق. وأيضًا أربع عشرة صورة جنوبية: الأولى: قيطس، وهو سبع البحر، وكواكبه النعامات. والثانية: النهر. والثالثة: الجبَّار. والرابعة: الأرنب. والخامسة: كلب الجبَّار، وهو الكلب الأكبر، وهو الشِّعْرَى العَبُور لأنها عبرت الْمِجَرَّة، والشِّعْرَى اليَّمَانِيَّة. والسادسة: الكَلْب الأصغر، وهو الشِّعْرَى الشامِيَّة، وهي الغُمَيْصَاء، معجمة الغين غير معجمة الصاد، اشتُقت مِنْ غَمَصِ العين وهو ما يجتمع في مَأْقها عند النوم. السابعة: السَّفِينة، ومن كواكبها سُهَيْل، وهو في الْمِجْذَاف. والثامنة: الشُّجَاع، وهو الحَيَّة. والتاسعة: الغُرَاب. والعاشرة: الكأس. والحادية عشر: قنطورس، وهو حامل السبع، وهو الظَّلِيم. والثانية عشرة: هي الْمِجْمَرَة، وهي النفاطة. والثالثة عشرة: هي الإكليل الجنوبي. والرابعة عشرة: هي الْحُوت الجنوبي. منازل الْقَمَر في ضمن هذه الصورة، وهي ثمانية وعشرون منزلًا: أولها: الشَّرَطان، وهي معجمة الشين، وهي تثنية الشَّرَط. ثم البُطين. ثم الثُّرَيَّا. ثم الدَّبَران، على وزن سَرَطان وضَرَبان. ثم الهَقْعَة. ثم الهَنْعَة. ثم الذِّراع. ثم النَّثْرَة. ثم الطَّرْف. ثم الجبهة. ثم الزُّبْرَة. ثم الصَّرْفَة. ثم العَوَّاء. ثم السِّمَاك، وهما سِماكَانِ: أَعْزَل ورامِح.٤ ثم الغَفْر. ثم الزُّبَانَى. ثم الإكليل. ثم القلب. ثم الشَّوْلَة. ثم النَّعائم. ثم البَلْدَة. ثم سَعْد ذابِح. ثم سَعْد بُلَع. ثم سَعْد السُّعود. ثم سَعْد الأَخْبِيَة. ثم الغرغان، بإعجام الغين المقدم والمؤخر. ثم الرِّشَاء، ويُقال له أيضًا: بَطْن الْحُوت. الأنواء، النَّوْء سُقوط النَّجْم ضعف القوس الذي هومن منازل الْقَمَر في المغرِب بعد الفجر، وطُلوع آخر يقابله من ساعته في المشرِق وهو رَقِيبه، وسُقوط النجم منها في ثلاثة عشر يومًا، ما خلا الجبهة فإن لها أربعة عشر يومًا، ويقال: خَوَى النَّجْمُ يَخْوِي خَيًّا وخَوَاءً، إذا مَضت مدة نَوْئِه ولم يكن فيه مَطَر أو رِيح أو برد أو حَرٌّ. الفصل الثاني: في ذكر الأفلاك وتركيبها وأحوال الكواكب فيها وهيئة الأرض وأقاليمها علم الهَيْئَة: هو معرفة تركيب الأفلاك وهَيْئتها وهَيْئة الأرض. قال الخليل: الفَلَك هو دَوَران السماء، وهذا يُشْبِه قولَ الْمُنَجِّمِين لأنهم يُسَمُّونَ السموات: الأفلاك، وهي عِنْدَهم تَدُور بِكُلِّيَّتِها. الفلك المستقيم، هو مُعَدَّل النَّهار، وهو الدائرة العظمى التي تحيط على قُطْبَيِ السماء اللذين عليهما يتحرك من المشرق إلى المغرب دورةً في كل يوم وليلة، سُمي مُعَدَّل النَّهار لأن الشَّمْس إذا بلغته اعتدل النهار. خط الاستواء من الأرض، هو الخط الذي يُقابل مُعَدَّل النهار، وهو حيث يُرى القطبان الجنوبي والشمالي ملاصِقَيْنِ للأرض، والليل والنهار مستويان فيه أبدًا. فلك البروج: هو الدائرة التي ترسمها الشَّمْس بسَيْرِها من المغرب إلى المشرق في سنة واحدة، وهو مقسوم اثني عشر قسمًا، وهي البروج. وقد ذكرْتُ أسماءها في الفصل الأول. وطول كل برج منها ثلاثون درجة، وكل درجة ستون دقيقة، وكل دقيقة ستون ثانية، وكل ثانية ستون ثالثة، وعلى هذا المثال الروابع والخوامس والسوادس والعواشر والحوادي عشر إلى ما لا نهاية له. دائرة الأفق: تفصل ما فوق الأرض مما تحتها من السماء. دائرة الارتفاع: هي التي تمر بقطبي الأفق، وقَوْس الارتفاع قطعة من تلك الدائرة. الْمَيْل: هو بُعد الشَّمْس أو الكواكب من مُعَدَّل النهار. سَعة المشرق للشمس، هو من الأفق ما بين مُعَدَّل النهار وبين مطلعها. نقطة الاعتدال الربيعي، هي رأس الْحَمَل لأن الشَّمْس إذا بلغَتْه اعتدل النهار في الربيع. ونقطة الاعتدال الخريفي، هي رأس المِيزان لأن الليل والنهار يعتدلان في الخريف إذا بلغته الشَّمْس. نقطة الْمُنْقَلَب الصيفي، هي رأس السَّرَطان لأن الشَّمْس إذا بلغته تناهى طول النهار وبدأ في النقصان. نقطة الْمُنْقَلَب الشِّتْوي، هي رأس الْجَدْي لأن الشَّمْس إذا بلغته تناهَى قصر النهار وبدأ في الزيادة. عَرْض البَلَد هو بُعده من خط الاستواء. طول البَلَد هو بُعده من المشرق أو المغرب. وليس للمشرق والمغرب نهاية في الحقيقة عند الْمُنَجِّمِين لأن كل نقطة من دائرة خط الاستواء هي مشرق لموضع ومغرب لموضع آخر،٥ فإذا ذُكر المشرق على الإطلاق عُني به أقصى موضع من البلاد المعمورة في نواحي الشرق،٦ وكذلك إذا ذُكر المغرب على الإطلاق عُني به أقصى موضع من البلاد المعمورة في نواحي الغرب،٧ وبينهما نصف الأرض طولًا. والمعمورة، من الأرض: رُبعها الذي على مَهَبِّ الشمال، وذلك أن الأرض تنقسم قسمين؛ فأحد القسمين بَحْري خَلَاء ولا يمكن الوصول إليه لإحاطة البحر المحيط بالأرض. وينقسم النصف الأعلى قسمين بخط الاستواء، فما وراء خط الاستواء إلى مهب الجنوب هو خَرَابٌ لشدة الحر فيه، وما دون خط الاستواء إلى مَهَبِّ الشمال أكثرُه عُمرانٌ؛ فلذلك يُسَمَّى هذا الربع: الْمَعْمُورة. كنكدز: هي أقصى مدينة في المشرق، وهي في أقاصي بلاد الصين والواقواق. السُّوس الأقصى: مدينة في نهاية عمران المغرب فيما وراء الأندلس في الساحل الجنوبي من بحر الروم، وبين هاتين المدينتين نصف الأرض طولًا على ما يُقال. والله أعلم. القبة: وسط الأرض؛ أعني ما بين نقطة المشرق المفروضة وبين نقطة المغرب المفروضة، وذلك مِائة وثمانون درجة، وبين نقطة نهاية ناحية الجنوب وبين نقطة نهاية ناحية الشمال، وذلك أيضًا مائة وثمانون درجة. بارَه: اسم مدينة في جزيرة البحر الأعظم قريبة من القُبَّة، وبحذائها من بلادنا هذه خجندة، وبإزائها الشبورقان، وهي الفاصلة بين البلاد الشرقية والغربية. فالمدن التي هي أعلى منها كفَرْغَانة وكإشغار إلى الصين. والواقواق: هي المدن الشرقية وما هو أسفل منها، كالشَّاش وإيلاق وأشروسنة وسَمَرْقَنْد وبُخَارَى إلى السُّوس الأقصى، هي المدن الغربية. المعمورة من الأرض سبعة أقسام، تسمى الأقاليم، واحدها إقليم، وكل إقليم يبتدئ من المشرق وينتهي إلى المغرب. الزِّيج: كتاب منه يُحسب سَيْر الكواكب، ومنه يُستخرج التقويم؛ أعني حسابَ الكواكب لسنة سنة، وهو بالفارسية: زِه، أي الوَتَر، ثم أُعرب فقيل: الزِّيج، وجمعه زِيَجَة، على مثال: قِرْد وقِرَدَة. الزانجة: هي صورة مربعة أو مُدَوَّرة تُعمل لمواضع الكواكب في الفلك ليُنظر فيها عند الحكم لمولِد أو غيره، واشتقاقه بالفارسية من زائش، أي المولِد، ثم أُعربت الكلمة فاستُعملت في المولِد وغيره. مَطالِع الفَلَك المستقيم: هي ما يَطْلُع مع قِسِيِّ فلَك البُروج من معدل النهار في خط الاستواء، وهو بالفارسية: جوي راست. مطالع البلد من البلدان: هي ما يَطْلُع مع قِسِيِّ فلَك البروج من أفق ذلك البلد. الساعة الْمُعْوَجَّة: هي نصف سُدس النَّهار أو الليل الذي ليس بمعتدل، وتُسمى الساعة الزمانية أيضًا. والساعة المستوية، هي مقدار ما يدور من الفلك خَمْسَ عَشْرَةَ درجةً. الأزمان: هي أجزاء الساعات الْمُعْوَجَّة. قَوْس النَّهار: هي القَوْس التي فوقَ الأرض من الدائرة الموازِيَة لِمُعَدَّل النَّهار التي فيها تدور الشَّمْس في يوم واحد من الأيام. قَوْس الليل: ما يبقى لتمام تلك الدائرة. وأزمان الساعة للنهار أو الليل نصف سدس تلك القَوْس. الجَوْزَهْر: هو النقطتان اللتان تتقاطع عليهما الدائرتان من الأفلاك، تُسَمَّيانِ: العُقْدَتَيْنِ، والجَوْزَهْر كلمة فارسية، وهي كوزجهر، أي صورة الجَوز، وقيل: كوي جهر، أي صورة الكرة، والأول أصح. وتُسمى أيضًا التنين، وإحدى العقدتين تسمى الرأس والأخرى الذنَب، وهذا في كل فلكين يتقاطعان فإذا أُطلق له هذا الاسم، أعني به جوزهر، الْقَمَر خاصةً، وهذا الذي يثبت حسابه في التقويم. الأَوْج: هو أَرْفع موضع من الفلَك الخارج الْمَرْكَز؛ أعني أبعدَه من الأرض، وهي كلمة فارسية، وهي أوك، وقيل: أوره.٨ الحَضِيض، هو مُقابِل الأَوْج، وهو أَخْفَض موضع في هذا الفَلَك وأقربه من الأرض. الأفيجيون هو الأَوْج باليونانية، والأفريجيون هو الحَضِيض. مِنْطقة البُرُوج، هي نطاق البُروج ووسط البُروج الذي فيه مَسِير الشَّمْس. سَيْر الطول للكوكب، هو سَيْره في نطاق البُروج. سَيْر العَرْض، هو تباعُد الكوكب عن نطاق البروج إلى ما يَلِي قُطْب الشمال أو قُطْب الجنوب. رُجوع الكواكب ورَجْعَتُها، هو سَيْرُها طولًا على خِلاف نضد البروج، واستقامتها هو سيرها على نضد البروج. الإقامة: وقْفَة الكواكب قبل الرُّجوع وقبل الاستقامة في رَأْيِ العَيْنِ، فأما في الحقيقة فإن الكواكب لا تَقِفُ أَلْبَتَةَ ولا تَسْكُنُ عن سَيْرِها. فَلَك الأَوْج، هو الخارج الْمَرْكز، وسُمي خارجَ الْمَرْكز لأن مَرْكزه غير مَرْكَز الأرض، ولكنه يُحيط بالأرض. فَلَك التدوير، هو فلك صغير لكل كوكب، ولا يحيط بالأرض، ويكون فيه سَيْر جِرْم الكوكب. البركسيس، هو اختلاف الْمَنْظَر، لفظة يونانية، ومعنى اختلاف الْمَنْظَر: اختلاف الموضع الذي يُرى فيه الكوكب إذا نُظر إليه من مَرْكز الأرض، والموضع الذي يُرى فيه إذا نُظر إليه من حَدَبَة الأرض. كُسُوف الشَّمْس والْقَمَر، معروف، يقال: كَسَفَتِ الشَّمْسُ كُسوفًا وكَسَفَها اللهُ كَسْفًا، فأما قولُهم: انكسفت الشَّمْس، فلفظة عامِّيَّة ليست بفصيحة، وعلة كسوف الشَّمْس أن الْقَمَر يحُول بينَها وبين أبصارنا ويَحْجِز عنا شُعاعها؛ ولذلك لا يكون كُسوف الشَّمْس إلا آخِرَ الشهر عند اجتماعهما طولًا وعرضًا. وأما كُسوف الْقَمَر،٩ فإن الأرض تَحُول بينَه وبين ما يقبله من شعاع الشَّمْس؛ ولذلك لا يكون الكسوف الْقَمَري إلا وسط الشهر عند تقابلهما طولًا وعرضًا. وسط الكوكب، هو سَيْرُه الوسط في فَلَكه الخاص الخارج الْمَرْكز. والسَّيْر المعَدَّل هو تقويمه، وهو حرَكته في فلَك البُروج، والتعديل ما يُزاد على وسطه أو يُنْقَص منه حتى يُعْلَم سَيْرُه المعَدَّل الْمَقِيس بِرَأْيِ العَيْنِ في فَلَكِ البُروج. الْمَرْكَز، يُعنى به سَيْر مَرْكز فَلَك التدوير في الفلك الخارج المَرْكز. الحاصة، هو سير الكوكب نفسه في فلك التدوير، ويُسَمَّى الحصة، وهو بالفارسية: الكندر. البهت المعَدَّل، هو سَير الكوكب المعَدَّل ليوم وليلة. النهندر: هو ما يبقى من سير الكوكب ليوم وليلة، إذا ألقى من مسير الشَّمْس ليوم وليلة، أو ألقى مسيرها من مسيره، وسُمي أيضًا: حِصَّة المسير. الكوكب الصَّميم، والتصميم، والمصمم: أن يكون بين الشَّمْس وبينه ست عشرة دقيقة فما دونها. الاحتراق: أن يكون الكوكب مقارِنًا للشمس وبينهما أكثر من دقائق التصميم. تحت الشعاع، هو أن يكون مع الشَّمْس قبل الاحتراق أو بعدَه. الكَبِيسَة، في تاريخ اليونانيين: مَعناها أن سَنَتَهُمْ ثلاثُمِائةٍ وخمسةٌ وستون يومًا وربع يوم بالتقريب، فإذا مضت أربع سنين انجبرت الأرباعُ فصارت يومًا واحدًا، وصارت أيامُ السنة ثلاثَمِائة وستةً وستين يومًا، وتُسمى تلك السنة: الكَبِيسَة، واللفظة سُرْيانية مُعَرَّبة، والنَّسِيءُ الذي نُهِيَ عنه في القرآن كان شبيهًا بهذا. الكَرْدَجَة، كلمة فارسية، معناها: القِطْعَة، يُسَمَّى بها بعض الجداول كَرْدَجات تشبيهًا بقِطاع الأرَضَينَ. الجَيْب، مِقداره قد ذكرناه في باب الهندسة، ومقدار فلَك الشَّمْس الذي يُذكر في باب الكسوف هو مِقْدار جِرْمها بِرَأْيِ العَيْنِ على القياس المصطَلح عليه، ومِقْدار فلَك الْقَمَر كذلك، فأما مِقْدار فلَك الجَوْزَهْر فهو الموضع الذي يقطعه الْقَمَر من صَنَوْبَرَةِ ظِلِّ الأرض. الفصل الثالث: في مبادئ الأحكام بيت الكوكب: برج يُنسب إليه، ولكل واحد من النَّيِّرَيْنِ بيت واحد، ولكل واحد من الخمسة المتحَيِّرة بَيْتانِ، فالأسَدُ بيتُ الشَّمْس، والسَّرَطان بيت الْقَمَر، الْجَدْي والدَّلْو بَيْتَا زُحَل، الْحُوت والقَوْس بَيْتَا الْمُشْتَرِي، الْحَمَل والعَقْرَب بيتا الْمِرِّيخ، الثَّوْر والمِيزان بَيْتَا الزُّهْرَة، السُّنْبُلَة والْجَوْزاء بَيْتَا عُطَارِد. شرف الكوكب: دَرَجة في بَرْجٍ يُنسب إليه، ولكل واحد من السبعة شَرَف، فشَرَف زُحَل في المِيزان، وشَرَف الْمُشْتَرِي في السَّرَطان، وشَرَف الْمِرِّيخ في الْجَدْي، وشَرَف الشَّمْس في الْحَمَل، وشَرَف الزُّهْرَة في الْحُوت، وشَرَف عُطَارِد في السُّنْبُلَة، وشَرَف الْقَمَر في الثَّوْر، وشَرَف الرأس في الْجَوْزاء، وشَرَف الذنَب في القَوْس. المثلَّثة: كل ثلاثة أبْرُج تكون على طبيعة واحدة، تُنسب إلى ثلاثة كواكب، ويكون أحدها صاحب المثلَّثة المقدَّم بالنهار، والثاني المقدَّم بالليل، والثالث شَرِيكهما بالنَّهار والليل. فالْحَمَل والأَسَد والقَوْس مثلَّثة، وهي حارَّة يابسة، وأربابها بالنهار الشَّمْس ثم الْمُشْتَرِي، وبالليل الْمُشْتَرِي ثم الشَّمْس، وشريكهما بالليل والنهار زُحَل. والثَّوْر والسُّنْبُلَة والْجَدْي مثلَّثة باردة يابسة، وأربابها بالنهار الزُّهْرَة والْقَمَر، وبالليل بالعكس، وشَرِيكهما الْمِرِّيخ. والْجَوْزاء والمِيزان والدَّلْو مثلَّثة حارَّة رَطْبة، وأربابها بالنَّهار زُحَل وعُطَارِد، وبالليل بالعكس، وشَرِيكهما الْمُشْتَرِي. والسَّرَطان والعَقْرَب والْحُوت مثلَّثة باردة رَطْبة، وأربابها بالنَّهار الزُّهْرَة ثم الْمِرِّيخ، وبالليل بالعكس، وشَرِيكهما الْقَمَر. الوجه والصورة والدريجان والدهج، مَعناها: كل عشر درجات من كل برج، ويكون لكل وجه صاحب من الكواكب السبعة، وبين الروم والهند والفرس اختلاف في أربابها. الحد: هو أن درجات كل برج مقسومة بين الكواكب الخمسة المتحيرة على غير سوية، وكل قسم يُسَمَّى حدًّا، وهو بالفارسية مرز. النهبهر: هو تسع البروج، وهو بالهندية نوبهر. الوَبَال: هو البرج المقابل للبيت، وهو البطياج، معرَّب من بتياره بالفارسية، وهو البرج السابع من كل بيت، ويُسَمَّى نظيرَه ومقابِلَه، وذلك أن يكون بينهما نصف الفَلَك، وهو ستة أبراج. الهبوط: مقابل الشَّرَف. الآبار: دَرَج في البروج إذا بلغتها الكواكب نُحست فيها، واحدها بئر. والدرجات المظلمة، دَرَج معروفة. والدرجات القَتِمة، من القَتَام، وهو الغُبَار. الطالِعُ من البروج الذي يَطْلُع من المشرق، والغارب نَظِيرُه الذي يَغْرُب في أُفُق المغرِب. ووسط السماء: هو البرج الذي يتوسط السماء. ووتِد الأرض نَظِيره، وهو الذي تحت وسط الأرض. والطالع والغارب ووسط السماء ووتِد الأرض، تُسمى: الأوتاد الأربعة. والبروج التي تلي هذه تُسمى: ما يلي الأوتاد. والبروج التالية لما يلي الأوتاد تُسمى: السواقط والزوائل. بيت النفس: هو الطالِع، والبرج الذي يَلِيه هو بيت المال، والثالث بيت الإخْوة، والرابع بيت الآباء، والخامس بيت الوَلَد، والسادس بيت المرض والعَبيد، والسابع بيت النساء، والثامن بيت الموت، والتاسع بيت السفر والدين، والعاشر بيت السلطان والعمل، والحادي عشر بيت الأصدقاء، والثاني عشر بيت الأعداء. للأيام السبعة أرباب: فرَبُّ يوم الأحد الشَّمْس، وهو رب الساعة الأولى منه، ورب الساعة الثانية منه الزُّهْرَة التي تليه، ورب الساعة الثالثة عُطَارِد، وعلى هذا إلى أن ينتهي الساعة الرابعة والعشرون إلى عُطَارِد، فيكون رب الساعة الأولى من يوم الاثنين الْقَمَر، وهو رب اليوم أيضًا، وعلى هذا القياس أرباب ساعاته، إلى أن يكون يوم الثلاثاء للمِرِّيخ، ويوم الأربعاء لعُطَارِد، ويوم الخميس للمُشْتَرِي، ويوم الجمعة للزُّهْرَة، ويوم السبت لزُحَل. الكواكب المتحَيِّرة، هي التي ترجِع وتستقيم، وهي خمسة: زُحَل، والْمُشْتَرِي، والْمِرِّيخ، والزُّهْرَة، وعُطَارِد. النَّيِّرانِ: هما الشَّمْس والْقَمَر. السَّعْدانِ: الْمُشْتَرِي والزُّهْرَة. النَّحْسانِ: زُحَل والْمِرِّيخ. الكواكب العُلْوِيَّة، هي: زُحَل، والْمُشْتَرِي، والْمِرِّيخ؛ لأنها فوق الشَّمْس. والكواكب السُّفْلِيَّة، هي: الزُّهْرَة، وعُطَارِد، والْقَمَر؛ لأنها تحت الشَّمْس. الكيد: نَجْم نَحس في السماء لا يُرى، وله حساب معلوم يُستخرج به موضعه. الحَيِّزانِ: يكون الكوكب الذَّكَر في بُرج ذَكَر بالنَّهار فوقَ الأرضِ وبالليل تحتَ الأرضِ، أو يكون الكوكب الأنثى في بُرج أنثى بالنَّهار تحتَ الأرضِ وبالليل فوقَ الأرضِ، فيُقال: هو في حَيِّز. المزاعَمَة: هي الحظ، يُقال: لهذا الكوكب في البروج مُزاعمة، أي حظ من بيت أو شرَف أو نحو ذلك. الابْتِزاز: أن يكون للكوكب حظوظ كثيرة في البرج، فيقال: هو مُبْتز عليه. الاستعلاء: أن يكون الكوكب في البرج العاشر من الآخر، فيقال: هو مستعْلٍ عليه. الحصار: أن يكون الكوكب مضغوطًا بين نحسين، أحدهما أمامه، والآخر وراءه. التَّشْريق: هو أن يُرى الكوكب في المشرق يطلع قبل طلوع الشَّمْس. التَّغْريب: أن يُرى في الْمَغْرِب يغرب بعد غروب الشَّمْس. الكنار روزي: الذي يُرى بالعشاء. الكنارشبي: الذي يُرى صباحًا، والكلمتان فارسيتان.١٠ الدستورية: أن يكون الكوكب مباينًا للشمس. الهَيْلَاج:١١ أحد الهيالج الخمسة، وهي: الشَّمْس، والْقَمَر، والطالِع، وسهم السعادة، وجزء الاجتماع أو الاستقبال، وهي أدلة العمر؛ وذلك أنها تسير إلى السُّعود والنُّحوس. ومعنى التسيير أن يُنظر كم بين الهَيْلَاج وكم بين السَّعْد أو النَّحْس؛ فيُؤخذ لكل دَرجة سَنَة، فيُقال تُصيبه السعادة أو النَّكْبة إلى كذا وكذا سَنَة. الكَدْخُدَاه:١٢ هو الكوكب المبتزُّ على الهَيْلَاج، وهو الذي يدل على كَمِّيَّة العمر بسنين موضوعة لكل كوكب: كبرى، ووسطى، وصغرى. وقيل: هَيْلاج بالفارسية امرأة الرجل، وكَدْخُدَاه هو الزوج، ومعناه: رب البيت؛ لأن كده هو البيت، وخداه هو الرب، ويُسَمَّى هذان الدليلان بذلك لأن بامتزاجهما وازدواجهما يُستدل على كمية العمر. الفردار: قسمة العمر بين الكواكب السبعة، لكل كوكب منها سنون معلومة يُقال لها: سنو الفردار. الجان بختان، معناه: قاسم الروح، وذلك أن درجة الطالع تسير إلى السُّعود والنُّحوس، فصاحب الحد الذي يبلغه التسيير يُسَمَّى قاسم الحياة. والجان بختان البرماهي، هو الامتلاء، وهو أن يصير بدرًا، وهو الاستقبال؛ لأنه يقابل الشَّمْس حينئذٍ. النيمبري، هو نصف الامتلاء، وذلك في الليلة السابعة، وفي الليلة الحادية والعشرين، وهو حين يصير في تربيع الشَّمْس، ومعنى التربيع: أن يصير منه على ربع الفلك. التثليث: أن يصير منه على ثلث الفلك. والتسديس: أن يصير منه على سدس الفلك. والمقابلة: أن يصير منه على نصف الفلك. الاجتماع: يعني به المحاق؛ لأن الْقَمَر يقارن الشَّمْس. القِران: يعني به اجتماع زُحَل والْمُشْتَرِي خاصةً إذا أُطلقت، فإذا عُني قِران كوكبين آخرين قُيد بذكرهما. الفصل الرابع: في آلات الْمُنَجِّمِين الأَصْطُرْلاب،١٣ معناه: مِقياس النُّجوم، وهو باليونانية: أَصْطُرْلابون. وأصطر هو النجم، ولابون هو المرآة، ومن ذلك قيل لعلم النُّجوم: أصطرنوميا. وقد يهذي بعض المولَعِين بالاشتقاقات في هذا الاسم بما لا معنى له، وهو أنهم يزعمون أن لاب اسم رجل، وأسطر جمع سطر وهو الخط، وهذا اسم يوناني واشتقاقه من لسان العرب جَهْل وسُخْف. الأَصْطُرْلاب التام هو المعمول لدرجة درجة، والنِّصف هو المعمول لدرجتين درجتين، والثُّلث هو المعمول لثلاث دَرَج ثلاث دَرَج، والسُّدس هو المعمول لست دَرَج ست دَرَج، والعُشْر هو المعمول لعَشْر دَرَج عَشْر دَرَج، فأما الربع فإنه آلة غير الأَصْطُرْلاب على شكل ربع دائرة يُؤخذ به الارتفاع وتُستخرج الساعات. العِضَادَة: شِبْه مِسْطَرة لها شَظِيَّتان تُسمى اللبنتين، وفي وسط كل لبنة ثُقبة، وتكون هذه العِضَادَة على ظهر الأَصْطُرْلاب وبها يُؤخذ ارتفاع الشَّمْس والكواكب. الحُجْرة: هي الحلقة المحيطة بالصفائح الملصقة بالصفيحة السفلى، وقد تكون مقسومة بثلاثمائة وستين قسمًا. الأُمُّ: هي الصفيحة السفلى. العَنْكَبُوت: هي الشبكة التي عليها البروج والعظام من الكواكب الثابتة. مِنْطَقة البروج في العنكبوت، هي المقسومة بدَرَج البروج. الْمُرِي: زيادة عند رأس الْجَدْي يماسُّ الحُجرة، ويُسَمَّى مريًّا لأنه يرى أجزاء الفلك. المقنْطَرات: هي الخُطوط المقوَّسة المتضايقة المرسوم فيما بينها أعداد دَرَج الارتفاع في الصفيحة، وفوقها يَجْرِي العنكبوت. خُطوط الساعات: هي الخطوط المتباعدة، وهي تحت المقنطرات. خط الاستواء: هو الخط المقسوم الآخِذ من المشرق إلى المغرب المارُّ على مركز الصفيحة. خط نصف النهار: هو الخط الذي يقطع خط الاستواء على زوايا قائمة وابتداؤه من العُرْوة. الأَصْطُرْلاب الكُرِّيُّ: هو كُرَة فوقَها نصف كُرَة مشبَّكة بمنزلة العنكبوت من الأَصْطُرْلاب الْمُسَطَّح. الفَرَس: هو قطعة شبيهة بصورة الفَرَس يُشد بها العنكبوت على الصفائح. القطب: هو الوتِد الجامع للصفائح والعنكبوت. أنواع الأَصْطُرْلابات كثيرة، وأساميها مشتقة من صُوَرِها، كالهلالي من الهلال، والكُرِّيُّ من الكُرَة، والزَّوْرَقي، والصَّدَفي، والْمُسْرَطَن، والْمُبَطَّح، وأشباه ذلك. آلات الساعات كثيرة، فمنها: الطَّرْجَهارَة، ومنها: صُندوق الساعات، ومنها: دَبَّة الساعات، ومنها: الرُّخامة، ومنها: الْمُكْحُلَة، ومنها: اللَّوْح. وذات الحَلَق: هي حَلَق متداخلة يُرصد بها الكواكب. الكُرَة، معروفة، من آلات الْمُنَجِّمِين، وبها تُعرف هيئة الفَلَك وصورة الكواكب، وتُسَمَّى أيضًا البَيْضَة. ١ وترتيبها في السموات السَّبْع على حَسَب ذِكْرها في هذا البيت: زُحَلُ شَرَى مِرِّيخَهُ مِنْ شَمْسِهِ فتَزاهَرَتْ لِعُطَارِد الأقمار زُحَل في السماء السابعة والْمُشْتَرِي في السماء السادسة وهَلُمَّ جَرًّا، والْقَمَر أقرب إلينا من كل الكواكب لأنه في السماء الدنيا أي السماء الأولى. ٢ والشَّمْس تحل في كل شهر في بُرج، ففي نَيْسَان (أبريل) تحل في برج الْحَمَل وهو من أفضل الربيع وأطيب فصول السنة، وفي شهر أيار-مايس (مايو) تحل في برج الثَّوْر، وفي شهر حَزِيران (يونيه) تحل في برج الْجَوْزاء، وفي شهر تَمُّوز (يوليو) تحل في برج السَّرَطان، وفي شهر آب (أغسطس) تحل في برج الأسد، وفي شهر أَيْلُول (سبتمبر) تحل في برج السُّنْبُلَة، وفي شهر تِشْرِين الأول (أكتوبر) تحل في برج المِيزان وهو زمن الاعتدال بين الحر والبرد، وفي شهر تِشْرِين الثاني (نوفمبر) تحل في برج العَقْرَب، وفي شهر كانون الأول (ديسمبر) تحل في برج القَوْس، وفي شهر كانون الثاني (يناير) تحل في برج الْجَدْي، وفي شهر شُبَاط (فبراير) تحل في برج الدَّلْو، وفي شهر آذار (مارس) تحل في برج الْحُوت، وكل ثلاثة أشهر فصل من فصول السنة. ٣ من لطيف نُكَت الشاعر البارع عبد الباقي العمري البغدادي المتوفَّى سنة ١٢٧٨ أنه كان له معاش شهري يتقاضاه من مديرية الأوقاف في بغداد، وكان كلما استُحِقَّ له المعاش وجاء ليطالبَ المدير به يقول له المدير: ما في الخزانة دراهم؛ فقال هذه الأبيات تسليةً لنفسه وتنفيسًا لكَرْبِه: قد أَوْقَفَ الأَرَضِينَ السَّبْعَ واقِفُها وقفًا صحيحًا على ثَوْر إلى الأبد وصَيَّرَ الْجَدْيَ في الأفلاك فهو لها قطب تدور عليه محكم الوتد فهلْ يُؤَمِّلُ إنسانٌ وظيفَتَه وصاحبُ الوقْفِ ثَوْرٌ والْمُدِيرُ جَدْي ٤ استنبط أبو العلاء المعري المتوفَّى سنة ٤٤٩ من وصف السِّمَاكَيْنِ معنًى حسنًا، فقال في «لزوم ما لا يلزم»: لا تَطْلُبَنَّ بِغَيْرِ حَظٍّ رتبةً قَلَمُ البْلَيغِ بِغَيْرِ حَظٍّ مِغْزَلُ سَكَنَ السِّماكَانِ السَّمَاءَ كِلَاهُما هذا له رُمْحٌ وهذا أَعْزَلُ وكلامه صحيح، ويؤيده قول الله تعالى: وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ. قال الراغب الأصفهاني: وفي هذه الآية دليل على أن الحظ بالقسمة أيضًا. ٥ وعليه قول الله تعالى: فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ. ٦ وهو اليوم بلاد اليابان في شرق آسيا. ٧ وهو اليوم بلاد المغرب الأقصى على ساحل البحر المحيط الأطلسي. ٨ وفي شِفَاء الغَلِيل للخَفاجي: مُعَرَّب أود، بالدال المهملة، وهي كلمة هندية معناها: العلو، والأصح قول المؤلِّف لأنه أعرف منه باللغات. ٩ قال في القاموس: كَسَفَ للشمس وخَسَفَ للقمر، أو الخُسوف إذا ذهب بعضهما والكُسوف إذا ذهب كليهما. قال الله تعالى: فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ * وَخَسَفَ الْقَمَرُ. وقال الشاعر: فالشَّمْس طالعة ليست بكاسفة تبكي عليك نجومَ الليل والْقَمَرا نجوم والْقَمَر منصوبان على أنهما مفعولان لكاسفة، وفاعلُ «تبكي» الشَّمْسُ لا ما بعدَه وهو النُّجوم، فتأمل. ١٠ روز: النهار، وشب: الليل بالفارسية، فعليه يقتضي أن يُقال الكنار روزي الذي يُرى صباحًا والكنارشي الذي يرى ليلًا بعكس ما قاله المؤلف. ١١ الهَيْلَاج والكَدْخُدَاه الآتي ذكره بعد، هما كوكب المولود، فالكَدْخُدَا لرزقه والهَيْلَاج لعمره، فإن وُلد في صعود كان زائدًا فيه، وإن كان في هبوطه كان بعكسه، وهذا على ما يذكره الحكماء والمنجِّمون وأرباب المواليد، وعرَّبوه قديمًا. قال ابن الرومي المتوفَّى سنة ٢٨٣، في الربيع: ذو سماءٍ كأَدْكَنِ الخَزِّ قد غَيَّـ ـمت وأرضٍ كأخضرِ الدِّيباجِ فتَجَلَّى عن كل ما يتمَنَّى موضع الكَدْخُدَاه والهَيْلَاج ١٢ الكَدْخُدَا، بالدال المهملة لا المعجمة: صاحب الدار، والرجل العزيز الموَقَّر في قومه، وصاحب الحل والربط في الأمور، ويطلق على الملك أيضًا، وعلى الرجل المتأهِّل. وفي اصطلاح الْمُنَجِّمِين دليل روح المولود تُعرف به حياة الطفل وعمره، وهو فارسي. ١٣ وهو آلة تُعرف بها المواقيت للصلاة وغيرها

ثانياً من رسائل أخوان الصفا وخلان الوفا

الرسالة الثالثة الموسومة بالأسطرنوميا في علم النجوم وتركيب الأفلاك 

 بسم الله الرحمن الرحيم الْحَمْدُ لِلهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ
 اعلم أيها الأخ البار الرحيم، أيدك الله وإيانا بروح منه، أنَّا قد فرغنا من رسالة المدخل إلى علم الهندسة، وبيَّنا فيها الهندسة الحسية والعقلية، واستوفينا الكلام في الخطوط والأشكال والزوايا التي لا بد للمهندسين أَنْ يعرفوها، ونُريد أن نذكر في هذه الرسالة طرفًا مِن علم النجوم مثل ما فيها، فنقول: إن علم النجوم ينقسم ثلاثةَ أقسام، قسم منها هو معرفة تركيب الأفلاك وكمية الكواكب وأقسام البروج وأبعادها وعظمها وحركاتها وما يتبعها من هذا الفن، ويسمى هذا القسم «علم الهيئة»، ومنها قسمٌ هو معرفةُ حَلِّ الزيجات وعمل التقاويم واستخراج التواريخ، وما شاكل ذلك، ومنها قسمٌ هو معرفة كيفية الاستدلال بدوران الفلك، وطوالع البروج، وحركات الكواكب على الكائنات قبل كونها تحت فلك القمر، ويسمى هذا النوع «علم الأحكام»، فنُريد أن نذكر في هذه الرسالة من كل نوع طرفًا شبه المدخل؛ كيما يسهل الطريق على المتعلمين ويقرب تناولُهُ للمبتدئين، فنقول: أصل علم النجوم هو معرفة ثلاثة أشياء وهي الكواكب والأفلاك والبروج، فالكواكبُ أجسام كريات مستديرات مضيئات وهي ألفٌ وتسعةٌ وعشرون كوكبًا كبارًا التي أدركت بالرصد منها سبعة يقال لها: السيارة، وهي: زُحل والمشتري والمريخ والشمس والزهرة وعطارد والقمر، والباقية يُقال لها: ثابتةٌ ولكل كوكب من السبعة السيارة فلك يخصه. والأفلاك هي أجسام كريات مشفات مجوفات، وهي تسعة أفلاك مركبة بعضها في جوف بعض كحلقة البصلة فأدناها إلينا فلك القمر وهو محيطٌ بالهواء من جميع الجهات كإحاطة قشرة البيضة ببياضها والأرض في جوف الهواء كالمح في بياضها، ومن وراء فلك القمر فلك عطارد، ومن وراء فلك عطارد فلك الزهرة، ومن وراء فلك الزهرة فلك الشمس، ومن وراء فلك الشمس فلك المريخ، ومن وراء فلك المريخ فلك المشتري، ومن وراء فلك المشتري فلك زحل، ومن وراء فلك زحل فلك الكواكب الثابتة، ومن وراء فلك الكواكب الثابتة فلك المحيط، وهذا مثال ذلك: figure وذلك أن الفلك المحيطَ دائمُ الدوران كالدولاب، يدور من المشرق إلى المغرب فوق الأرض، ومن المغرب إلى المشرق تحت الأرض في كل يوم وليلة دورة واحدة ويدير سائر الأفلاك والكواكب معه، كما قال الله — عز وجل: وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ، وهذا الفلك المحيط مقسومٌ باثني عشر قسمًا كجزر البطيخة كل قسم منها يسمى بُرجًا، وهذه أسماؤُها: الحملُ والثور والجوزاء والسرطان والأسد والسنبلة والميزان والعقرب والقوس والجدي والدلو والحوت، فكل برج ثلاثون درجة جملتها ثلاثمائة وستون درجة وكل درجة ستون جزءًا، كل جزء يسمى دقيقة جملتها واحد وعشرون ألفًا وستمائة دقيقة، وكل دقيقة ستون جزءًا يسمى ثانية وكل ثانية ستون جزءًا وكل جزء يسمى ثالثة، وهكذا إلى الروابع والخوامس وما زاد بالغًا ما بلغ، مثال ذلك: figure وهذه البروج توصف بأوصاف شتى من جهات عدة، وقبل وصفها نحتاج أن نذكر أشياء لا بد من ذِكْرها، منها: أن الزمان أربعة أقسام، وهي: الربيع والصيف والخريف والشتاء، والجهات أربعٌ، وهي: المشرق والمغرب والجنوب والشمال. والأركان أربعةٌ وهي: النارُ والهواءُ والماء والأرض. والطبائع أربعٌ وهي: الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة. والأخلاطُ أربعٌ وهي: الصفراء والسوداء والبلغم والدم. والرياح أربع وهي: الصبا والدبور والجريباء والتيماء. (١) فصل في ذكر صفة البروج فنقول: منها ستة شمالية وستة جنوبية وستة مستقيمة الطلوع وستة معوجة الطلوع، وستة ذكور وستة إناث وستة نهارية وستة ليلية وستة فوق الأرض وستة تحت الأرض، وستة تطلع بالنهار وستة تطلع بالليل وستة صاعدة وستة هابطة وستة يمنة وستة يسرة وستة من حيز الشمس وستة من حيز القمر. تفصيلها: أما الستة الشمالية فهي الحمل والثور والجوزاءُ والسرطان والأسد والسنبلة، وإذا كانت الشمسُ في واحد منها يكون الليلُ أَقْصَرَ والنهار أطول، وأما الستة الجنوبية فهي الميزان والعقرب والقوس والجدي والدلو والحوت، وإذا كانت الشمسُ في واحدٍ منها يكونُ الليلُ أطول والنهار أقصر، وأما المستقيمة الطلوع فهي السرطان والأسد والسنبلة والميزان والعقرب والقوس، وكل واحد منها يطلع في أكثر من ساعتين، وإذا كانت الشمس في واحد منها تكون هابطة من الشمال إلى الجنوب ومن الأوج إلى الحضيض والليل آخذ من النهار. وأما المعوجة الطلوع فهي الجدي والدلو والحوت والحمل والثور والجوزاء، وكل واحد منها يطلع في أقل من ساعتين، وإذا كانت الشمسُ في واحد منها تكون صاعدةً من الجنوب إلى الشمال ومن الحضيض إلى الأوج والنهار آخذٌ من الليل، وأما الستة الذكور النهارية فهي الحمل والجوزاء والأسد والميزان والقوس والدلو، وأما الستة الإناث الليلية فهي الثور والسرطان والسنبلة والعقرب والجدي والحوت. وأما الستة التي تطلع بالنهار فهي من البرج الذي فيه الشمسُ إلى البرج السابع منها، والستة التي تطلع بالليل هي من البرج السابع إلى البرج الذي فيه الشمس، وأما الستة التي من حيز الشمس فهي من بُرج الأسد إلى برج الجدي، والستة التي من حيز القمر هي من بُرج الدلو إلى برج السرطان، ومن وجهٍ آخرَ هذه البروجُ تنقسم أربعة أقسام، منها ثلاثة ربيعيةٌ صاعدةٌ في الشمال زائدة النهار على الليل، وهي: الحمل والثور والجوزاء، وثلاثة صيفية هابطة في الشمال آخذة الليل من النهار، وهي: السرطان والأسد والسنبلة، منها ثلاثة خريفية هابطةٌ في الجنوب زائدة الليل على النهار، وهي: الميزان والعقرب والقوس، ومنها ثلاثةٌ شتويةٌ صاعدةٌ من الجنوب آخذة النهار من الليل، وهي: الجدي والدلو والحوت. وتنقسم هذه البروج من جهة أُخرى أربعة أقسام ثلاثةٌ منها مثلثات ناريات حارات يابسات شرقيات على طبيعة واحده، وهي: الحمل والأسد والقوس، وثلاثة منها مثلثات ترابيات باردات يابسات جنوبيات على طبيعة واحدة، وهي: الثور والسنبلة والجدي، وثلاثة منها مثلثات هوائيات حارات رطبات غربيات على طبيعة واحدة وهي: الجوزاء والميزان والدلو، ومنها مثلثات مائيات باردات رطبات شماليات على طبيعة واحدة، وهي: السرطان والعقرب والحوت، وكذلك من جهة أُخرى تنقسم هذه البروجُ ثلاثة أثلاث، أربعة منها منقلبة الزمان، وهي: الحمل والسرطان والميزان والجدي، وأربعة منها ثابتة الزمان وهي: الثور والأسد والعقرب والدلو، وأربعة منها ذوات الجسدين وهي: الجوزاء والسنبلة والقوس والحوت. فقد بَانَ بهذا الوصف في هذا الشكل أن لو كانت البروج أكثر من اثني عشر أو أقل من ذلك لَمَا استمرت فيه هذه الأقسام على هذا الوجه الذي ذكرنا، فإذا بواجب الحكمة كانت اثني عشر؛ لأن الباري — جَلَّ ثناؤُهُ — لا يفعل إلا الأحكم والأتقن، ومن أجل هذا جعل الأفلاك كريات الشكل؛ لأن هذا الشكل أفضل الأشكال، وذلك أنه أوسعها وأبعدها من الآفات وأسرعها حركة ومركزُهُ في وسطه وأقطارُهُ متساوية ويحيط به سطحٌ واحد ولا يماس غيره إلا على نقطة ولا يوجد في شكل غيره هذه الأوصاف، وجعل أيضًا حركته مستديرة؛ لأنها أفضل الحركات، وهذه البروجُ الاثنا عشر تنقسم بين هذه الكواكب السبعة السيارة من عدة وجوه، ولها فيها أقسامٌ وخطوطٌ من وجوه شتى، فمنها البيت والوبال، ومنها الأوج والحضيض، ومنها الشرف والهبوط، ومنها الجوزهر يعني: الرأس والذنب، ومنها ربوبية المثلثات، ومنها ربوبيةُ الوجوه، ومنها ربوبيةُ الحدود، ومنها ربوبيةُ النوبهرات، ومنها ربوبية الاثنَي عشريات، ومنها ربوبيةُ مواضع السهام، وغير ذلك، وأن هذه الكواكب السيارة كالأرواح، والبُرُوج لها كالأجساد. (٢) فصل في ذِكْر البيوت والوبال فنقول: اعلم أَنَّ الأسد بيتُ الشمس والسرطان بيت القمر والجوزاء والسنبلة بيتا عطارد والثور والميزان بيتا الزهرة والحمل والعقرب بيتا المريخ والقوس والحوت بيتا المشتري والجدي والدلو بيتا زحل، ولكُلِّ واحدٍ مِنْ هذه الكواكب الخمسة بيتٌ مِنْ حيز الشمس وبيتٌ مِنْ حيز القمر، ووبال كل كوكب في مقابلة بيته، وهذه الكواكبُ لبعضها في بيوت بعض مواضعُ مخصوصةٌ، فمنها الشرف والهبوط ومنها الأوج والحضيض ومنها الجوزهر، مثال ذلك: تفسيرُ ذلك: فأما الشرفُ فهو أَعَزُّ موضع للكواكب في الفلك والهبوط ضده، والأوج أعلى موضع للكواكب في الفلك والحضيض ضده، فشرفُ الشمس في الحمل وهو بيت المريخ وأوجها في الجوزاء بيت عطارد وشرف زحل في الميزان بيت الزهرة وأوجه في القوس بيت المشتري وجوزهره في السرطان بيت القمر. ومعنى الجوزهر: تقاطُع طريق الكواكب لطريق الشمس بممرها في البُرُوج في موضعين؛ أحدهما يُسَمَّى رأس الجوزهر والآخر ذنب الجوزهر، وذلك أن زحل إذا سار في البروج يكونُ مسيرُهُ في ستة أبراج عن يمنة طريق الشمس ثم يعبر إلى الجانب الآخر ويسير ستة أبراج عن يسرة طريق الشمس، فيحدث لطريقها تقاطعٌ في موضعين أحدُهُما يسمى الرأس والآخر الذنب، وهذا مثاله: ولكل كوكب من الخمسة السيارة جوزهر مثل ما لزحل مذكور ذلك في الزيجات، وأما المذكور في التقاويم فهو الذي للقمر، ويقال لهما أيضًا: العقدتان، وإنما اختص ذكرهما في التقاويم؛ لأنهما ينتقلان في البروج والدرج ولهما سير كسير الكواكب ولهما دلالة كدلالة الكواكب. وإذا اجتمع الشمسُ والقمر في وقتٍ من الأوقات عند أحدهما في برج واحد ودرجةٍ واحدة انكسفت الشمس، ولا يكون ذلك إلا في آخر الشهر؛ لأن القمر يصير محاذيًا لموضع الشمس من البرج والدرجة فيمنع نور الشمس عن أبصارنا فنراها منكسفة مثل ما تَمنع قطعة غيم عن أبصارنا نور الشمس إذا مرت محاذية لأبصارنا ولعين الشمس، وإذا كانت الشمس عند أحدهما وبلغ القمر إلى الآخر انكسف القمر ولا يكون كسوف القمر إلا في نصف الشهر؛ لأن القمر في نصف الشهر يكون في البرج المقابل للبرج الذي فيه الشمس وتكون الأرض في الوسط فتمنع نور الشمس عن إشراقه على القمر فيُرى القمر منكسفًا؛ لأنه ليس له نور من نفسه، وإنما يكتسي النور من الشمس، ومثال ذلك: وشرف المشتري في السرطان، وأوجه في السنبلة، ورأس جوزهره في الجوزاء، وشرف المريخ في الجدي وأوجُهُ في الأسد وجوزهره في الحمل، وشرف الزهرة في الحوت وأوجها في الجوزاء ورأس جوزهرها في الثور، وشرف عطارد في السنبلة وأوجه في الميزان وجوزهره في الحمل، وشرف القمر في الثور وأوجه في البروج متحرك يعرف موضعه ذلك من التقويم والزيج، وجملته أن القمر إذا قارن الشمسَ فهو عند الأوج أو قابلها فهو عند الأوج، وفي مقابلة شرف كل كوكب هبوطُهُ من البرج السابع مثله، وفي مقابلة الأوج الحضيض مثل ذلك، وفي مقابلة شرف رأس الجوزهر موضع الذنب من البرج السابع مثله. (٣) فصل في ذكر أرباب المثلثات والوجوه والحدود اعلم أن هذه الكواكب السيارة لبعضها في بيوت بعض شركة تسمى «ربوبية المثلثات»، ولها فيها أقسام تسمى «الوجوه»، ولها فيها خطوط تسمى «الحدود»، تفصيل ذلك أن كل ثلاثة أبراج على طبيعة واحدة تسمى المثلثات كما بين من قبل ذلك، وتديرها ثلاثة كواكب تسمى أرباب المثلثات يستدل بها على أثلاث أعمار المواليد، فأرباب المثلثات الناريات بالنهار الشمس ثم المشتري وبالليل المشتري ثم الشمس وشريكهما بالليل والنهار زحل، وأرباب المثلثات الترابيات بالنهار الزهرة ثم القمر وبالليل القمر ثم الزهرة وشريكهما بالليل والنهار المريخ، وأرباب المثلثات الهوائيات بالنهار زحل ثم عطارد وبالليل عطارد ثم زحل وشريكهما بالليل والنهار المشتري، وأرباب المثلثات المائيات بالنهار الزهرة ثم المريخ وبالليل المريخ ثم الزهرة وشريكهما بالليل والنهار القمر. (٤) فصل في ذكر أرباب الوجوه اعلم أن كل برج من هذه الأبراج ينقسمُ ثلاثة أثلاث، كل ثلث عشر درجات يسمى وجهًا منسوبًا ذلك إلى كوكب من السيارة يُقال له: «رب الوجه» يُستدل به على صورة المولود وعلى ظواهر الأُمُور، تفصيل ذلك العشر درجات الأولى من برج الحمل وجه المريخ وعشر درجات الثانية وجه الشمس وعشر درجات الأخيرة وجه الزهرة وعشر درجات من الثور وجه عطارد والعشر الثانية وجه القمر والعشر الأخيرة وجه زُحل وعشر درجات من الجوزاء وجه المشتري والعشر الثانية وجه المريخ والعشر الأخيرة وجه الشمس. وعلى هذا القياس إلى آخر الحوت كل عشر درجات وجهٌ لكوكبٍ واحدٍ على توالي أفلاكها — كَمَا بَيَّنَّا — فأما ذكر الحدود وأربابها فإن كل برج من هذه الأبراج ينقسم بخمسة أقسام مختلفة الدرج أقل جزء منها درجتان وأكثرها اثنتا عشرة درجة كل جزء منها يُسمى حدًّا منسوبًا ذلك الحد إلى الكوكب من الخمسة السيارة، يقال له: «رب الحد» يستدل به على أخلاق المولود وليس للشمس ولا للقمر فيها نصيب، وقد صورنا لحسابه دائرة فيها مكتوب حرفان الحرف الأول من اسم صاحب الحد والثاني كمية درج الحد وكذلك حساب الوجوه حرفان اسم صاحب الوجه حرف والثاني كمية درج الوجه وهذه أسماؤها: كيوان «ك» مشتري «م» بهرام «ب» شمس «ش» قمر «ق» زهرة «ز» عطارد «ع». فأما الأوسعُ من الدائرةِ فهو حسابُ الحُدُود حرفان حرفان والدائرةُ الوُسطى حساب الوجوه. (٥) فصل في ذكر الكواكبِ السيارة فنقول: اثنان منها نيران وهما الشمس والقمر، واثنان منها سعدان وهما المشتري والزهرة، واثنان منها نحسان وهما زحل والمريخ، وواحد ممتزج وهو عطارد، وعقدتان وهما الرأس والذنب. ذكر طبائعها: «الشمس» ذكر حار ناري نهاري سعد «زحل» بارد يابس ذكر نهاري نحس «المشتري» حار رطب ذكر نهاري سعد «المريخ» حار يابس أنثى ليلي نحس «الزهرة» باردة رطبة مؤنثة ليلية سعد «عطارد» لطيف ممتزج سعد «القمر» بارد رطب أنثى ليلي سعد أسود «الرأس» مثل المشتري «الذنب» مثل زحل. ذكر أنوارها: نور الشمس خمس عشرة درجة أمامها، ومثل ذلك خلفها نور زحل والمشتري كل واحد تسع درجات قدامه، ومثل ذلك خلفه نور المريخ ثماني درجات أمامه ومثل ذلك خلفه، نور الزهرة وعطارد كل واحد سبع درجات أمامه ومثل ذلك خلفه، نور القمر اثنتا عشرة درجة قدامه ومثل ذلك خلفه. ذكر ما لها من الأيام والليالي: اعلم أن الليل والنهار وساعاتهما مقسومةٌ بين الكواكب السيارة، فَأَوَّلُ ساعة من يوم الأحد من ليلة الخميس للشمس، وأول ساعة من يوم الاثنين ومن ليلة الجمعة للقمر، وأول ساعة من يوم الثلاثاء ومن ليلة السبت للمريخ، وأول ساعة من الأربعاء وليله الأحد لعطارد، وأول ساعة من يوم الخميس وليلة الاثنين للمشتري، وأول ساعة من يوم الجمعة وليلة الثلاثاء للزهرة، وأول ساعة من يوم السبت وليلة الأربعاء لزحل، فأما سائر ساعات الليل والنهار فمقسومة بين هذه الكواكب على توالي أفلاكها، مثال ذلك أن الساعة الثانية من يوم الأحد للزهرة التي فلكها دون فلك الشمس والساعة الثالثة لعطارد الذي فلكه دون فلك الزهرة والساعة الرابعة للقمر الذي فلكه دون فلك عطارد والساعة الخامسة لزحل والساعة السادسة للمشتري والساعة السابعة للمريخ والساعة الثامنة للشمس والتاسعة للزهرة والعاشرة لعطارد والحادية عشرة للقمر والثانية عشرة لزحل، وعلى هذا الحساب سائر ساعات الأيام والليالي يبتدئ من رب الساعة الأولى على توالي أفلاكها — كما بَيَّنَّا. ذكر ما للكواكبِ من الأعداد إن هذه الكواكب السيارة لكل واحد منها دلالةٌ على أعداد معلومة من السنين والشُّهُور والأيام والساعات يُستدلُّ بها على كمية أعمار المواليد وعلى طُول بقاء الكائنات في عالم الكون والفساد، فمنها:   زحل المشتري المريخ الشمس الزهرة عطارد القمر العظمى ١٦٥ ٤٢٩ ٢٦٤ ١٤١ ١١٥١ ٤٨٦ ٥٢٥ الكبرى ٥١ عط سو قط قب عو مح الوسطى ٤٣ مه ب م بط مب مح لط الصغرى ح يب يه يب ح ﮐ كه العدادات ك يب ل ي ح صح ﮐ الرأس ح الذنب ب الجميع عه     ذكر دوران الفلك وقسمة أرباعه الفلك المحيط دائم الدوران كالدولاب يدور من المشرق إلى المغرب فوق الأرض ومن المغرب إلى المشرق تحت الأرض، فيكون في دائم الأوقات نصف الفلك ستة أبراج مائة وثمانين درجة فوق الأرض ويسمى يمنة، والنصف الآخر ستة أبراج مائة وثمانين درجة تحت الأرض يسمى يسرة، وكلما طلعت درجة من أفق المشرق غابت نظيرتها في أفق المغرب من البرج السابع منه فيكون في دائم الأوقات ستة أبراج طلوعها بالنهار وستة طلوعها بالليل ويكون في دائم الأوقات درجة في أفق المشرق وأخرى نظيرتها في أفق المغرب ودرجة أخرى في كبد السماء ويسمى وتد العاشر، وأخرى نظيرتها منحطة تحت الأرض تسمى وتد الرابع فيكون الفلك في دائم الأوقات منقسمًا بأربعة أرباع كل ربع منها تسعون درجة، فمن أفق المشرق إلى وتد السماء تسعون درجة، يقال لها: الربع الشرقي الصاعد في الهواء، ومن وتد السماء إلى وتد المغرب تسعون درجة يقال لها: الربع الجنوبي الهابط، ومن وتد المغرب إلى وتد الأرض تسعون درجة يقال لها: الربع الغربي الهابط في الظلمة، ومن وتد الأرض إلى وتد المشرق تسعون درجة يقال لها: الربع الشمالي الصاعد، وهذا مثال ذلك: ذكر دوران الشمس في البروج وتغييرات أرباع السنة الشمس تدور في البروج الاثني عشر في كل ثلاثمائة وخمسة وستين يومًا وربع دورة واحدة تقيم في كل برج ثلاثين يومًا وكسرًا، وفي كل درجة يومًا وليلة وكسرًا تكون بالنهار فوق الأرض وبالليل تحت الأرض وتكون في الصيف في البروج الشمالية في الهواء وتقرب من سمت رءوسنا وتكون في الشتاء في البروج الجنوبية وتنحط في الهواء، وتبعد من سمت رءوسنا، وفي الأوج ترتفع في الفلك وتبعد من الأرض، وفي الحضيض تنحط في الفلك وتقرب من الأرض والدائرة الآتية مثاله وصورته: ذكر نزول الشمس في أرباع «الفلك وتغييرات الأزمان» إذا نزلت الشمس أول دقيقة من برج الحمل استوى الليل والنهار، واعتدل الزمان، وانصرف الشتاء، ودخل الربيع، وطاب الهواء، وهب النسيم فذابت الثلوج، وسالت الأودية، ومدت الأنهار، ونبعت العيون، ونبت العشب، وطال الزرع، ونما الحشيش، وتلألأ الزهر وأورق الشجر، وتفتح النور، واخضرَّ وجه الأرض، ونتجت البهائم، ودرت الضروع، وتكوَّنت الحيوانات، وانتشرت على وجه الأرض، وأخرجت الأرض زخرفها وازَّينت، وفرح الناس واستبشروا، وصارت الدنيا كأنها جارية شابة تزينت، وتجلت للناظرين. ذكر دخول الصيف إذا بلغت الشمس آخر الجوزاء وأول السرطان تناهى طول النهار وقصر الليل، وأخذ النهار في النقصان، وانصرف الربيع، ودخل الصيف، واشتد الحر، وحمي الهواء، وهبت السموم، ونقصت المياه، ويبس العشب، واستحكم الحب، وأدرك الحصاد، ونضجت الثمار، وسمنت البهائم، واشتدت قوة الأبدان، وأخصبت الأرض، وكثر الريف، ودرت أخلاف النعم، وبطر الإنسان، وصارت الدنيا كأنها عروس غنية منعمة رعناء ذات جمال. ذكر دخول الخريف وإذا بلغت الشمس آخر السنبلة وأول الميزان استوى الليل والنهار مرة أخرى، وأخذ الليل في الزيادة على النهار، وانصرف الصيف ودخل الخريف وبرد الهواء وهبت ريح الشمال، وتغير الزمان، وجفت الأنهار، وغارت العيون، واصفر ورق الأشجار، وصرمت الثمار، وديست البيادر، وأحرز الحب، وفني العشب، واغبر وجه الأرض، وهزلت البهائم، وماتت الهوام، وانحجزت الحشرات، وانصرف الطير والوحش يطلب البلدان الدفئة، وأخذ الناس يحرزون القوت للشتاء، وصارت الدنيا كأنها كهلة مُدْبِرة قد تَوَلَّتْ عنها أيامُ الشباب. ذكر دخول الشتاء وإذا بلغت الشمس آخر القوس وأول الجدي؛ تناهى طول النهار، وأخذ الليل في الزيادة، وانصرف الخريف، ودخل الشتاء، واشتد البرد، وخشن الهواء، وتساقط ورق الأشجار، ومات أكثرُ النبات، وانحجرتْ هوام الحيوانات في باطن الأرض، وضعفتُ قوى الأبدان، وعَرِيَ وجهُ الأرض من زينته، ونشأت الغيوم، وكثرت الأنداء، وأظلم الهواء، وكلح وجه الأرض، وهرم الزمان، ومُنع الناس عن التصرُّف، وصارت الدنيا كأنها عجوز هرمة قد دنا منها الموت، وإذا بلغت الشمس آخر الحوت وأول الحمل عاد الزمان كما كان في العام الأول وهذا دأبه، ذلك تقديرُ العزيز العليم. ذكر دوران زحل في البرج وحالاته من الشمس زحل يدور في البروج الاثني عشر — في كل ثلاثين سنة بالتقريب — دورةً واحدة، يقيم في كل برج سنتين ونصفًا وفي كل درجة شهرًا، وفي كل دقيقة اثنتَي عشرة ساعة، وتُقابلُهُ الشمسُ في كل سنة مرة واحدة إذا صارت الشمسُ في السابع منه وتربعه مرتين، مرة يمنة ومرة يسرة، وتقارنه في كل سنة مرة إذا صارتْ معه في برجٍ واحد ودرجة واحدة، ثم تجاوزُهُ الشمسُ، ويظهر زحل بعد عشرين يومًا من المشرق بالغدوات قبل طلوع الشمس، ويسيرُ زُحلُ من وقت مفارقة الشمس إلى أن تقارنه مرة أخرى ثلاثمائة واحدًا وثمانين يومًا، من ذلك مائة وثلاثة وعشرون يومًا مستقيمًا مشرقًا ومائة وأربعة وثلاثون يومًا راجعًا ومائة وأربعة وعشرون يومًا مستقيمًا مغربًا، وذلك دأبهما في كل سنة، وفيما يلي مثال ذلك: ذكر دوران المشتري في البروج وحالاته من الشمس المشتري يدور في البروج الاثني عشر في اثنتي عشرة سنة بالتقريب مرة واحدة يقيم في كل برج سنة وفي كل درجتين ونصف شهرًا وفي كل خمس دقائق يومًا وليلة، وتقابله الشمس في كل مرة إذا صارتْ معه في البرج السابع منه، وتربعه مرتين مرة يمنى ومرة يسرى، وتقارنه في كل سنة مرة إذا صارت معه في برج واحد ودرجة واحدة، ثم تجاوزه الشمس ويظهر المشتري بعد عشرين يومًا من المشرق بالغدوات قبل طلوعها، ويسير المشتري من وقت مفارقتها إلى وقت مقارنتها دفعة أخرى ثلاثمائة وتسعة وتسعين يومًا من ذلك مائة وأربعة وأربعون يومًا مستقيمًا مشرقًا ومائة وأحد عشر يومًا راجعًا ومائة وأربعة وأربعون يومًا مستقيمًا مغربًا، وذلك دأبهما، وهذه دائرة مثال ذلك المذكور وصورته: ذكر دوران المريخ في الفلك وحالاته من الشمس المريخ يدور في الفلك في مدة سنتين إلا شهرًا واحدًا بالتقريب يقيم في كل برج خمسة وأربعين يومًا يزيد وينقص ويقيم في كل درجة مقدار يوم وبعض يوم، فإذا رجع في البرج أقام فيه ستة أشهر يزيد وينقص وتقابله الشمس في هذه المدة مرة واحدة عند رجوعه من البرج السابع وتربعه مرتين مرة يمنى ومرة يسرى وتقارنه في هذه المدة مرة إذا صارت معه في برج واحد ودرجة واحدة، ثم تجاوره الشمس ويسير المريخ تحت شعاع الشمس مقدار شهرين، ثم يظهر بالغدوات من المشرق قبل طلوع الشمس مقدار شهرين، ويسير المريخ من وقت مفارقة الشمس له إلى أن تقارنه مرة أخرى ٨٥٨ يومًا من ذلك ٣٢٥ يومًا مستقيمًا مشرقًا و٨٨ يومًا راجعًا و٤٥٥ يومًا مستقيمًا مغربًا وهذا دأبه، ذلك تقدير العزيز العليم. ذكر دوران الزهرة في الفلك الزهرة تدور في البروج مثل دوران الشمس غير أنها تسرع السير تارة فتسبق الشمس وتصير قدامها، وتارة تبطئ في السير فترجع وتصير خلفها فتقارنها مرة وهي راجعة ومرة أخرى وهي مستقيمة، فإذا قارنتها وهي راجعة ظهرت بعد خمسة أيام طالعة من المشرق بالغدوات قبل طلوع الشمس وترى ثمانية أشهر تطلع في أواخر الليل، فيقال لها: مشرقية ثم تسرع في السير وتلحق بالشمس وتسير تحت شعاعها ثلاثة أشهر لا ترى، ثم تظهر بالعشيات في المغرب بعد غروب الشمس فترى ثمانية أشهر ثم تغيب في أول الليل وتسمى مغربية فمن وقت مقارنتها الشمس وهي مستقيمة إلى أن تقارنها مرة أخرى يكون ٤٧٨ يومًا، ومن ذلك تكون ٤٥ يومًا راجعة والباقي مستقيمة وأكثر ما تبعد عن الشمس ٤٨ درجة قدامها، ومثل ذلك خلفها، وذلك دأبها. ذكر دوران عطارد في الفلك وحالاته من الشمس حالات عطارد من الشمس مثل حالات الزهرة منها غير أن عطارد من وقت مفارقة الشمس وهو مستقيم السير إلى أن يقارنها مرة أخرى على تلك الحال؛ يكون ١٢٤ يومًا من ذلك ٢٢ يومًا راجعًا والباقي مستقيمًا، وأكثر ما يبعد من الشمس ٢٧ درجة قدامها ومثل ذلك خلفها، ويرجع في كل سنة ثلاث مرات، ويحترق ست مرات، ويشرق ثلاث مرات، ويغرب ثلاث مرات، وذلك دأبه. ذكر دوران القمر في الفلك وحالاته من الشمس القمر يدور في البروج في كل سنة عربية اثنتَي عشرة مرة في كل شهر مرة، ويقيم في كل برج يومين وثلثًا وفي كل منزل يومًا وليلة وفي كل درجة ساعتين بالتقريب، ويقابل الشمس في كل شهر مرة، ويربعها مرتين مرة يمنة ومرة يسرة، ويقارنها في كل شهر مرة فلا يرى يومين، ثم يظهر في المغرب بعد مغيب الشمس، ويهل ثم يزيد في نوره كل ليلة نصف سبع إلى أن يستكمل ويمتلئ من النور ليلة البدر الرابع عشر من كل شهر، ثم يأخذ في النقصان فينقص كل ليلة نصف السبع إلى أن يمحق في آخر الشهر. وللقمر في البُرُوج ثمانيةٌ وعشرون منزلة — كما قال الله تعالى: وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ وفي كل ثلاثة أبراج منها سبعةُ منازل، وفي كل بُرج منزلتان وثلث، وهذه أسماؤُها: السرطان البطين الثريا الدبران الهقعة الهنعة الذراع، وهذه منازلُ الربيع: النثرة الطرف الجبهة الزئرة الصرفة العواء السماك، وهذه منازل الصيف الغفر الزبانيان الإكليل القلب الشولة النعائم البلدة، وهذه منازل الخريف: سعد الذابح سعد بلع سعد السعود سعد الأخبية الفرع المقدم الفرع المؤخر بطن الحوت، وهذه منازل الشتاء: الحمل بيت المريخ وشرف الشمس وهبوط زحل ووبال الزهرة، وهو برج ناري شرقي ذكر منقلب طبيعته المرة الصفراء ربيعي إذا نزلت الشمس أول دقيقة منه استوى الليل والنهار، وأخذ النهار يزيد والليل ينقص ثلاثة أشهر تسعين يومًا. وله ثلاثة أوجُه وخمسة حدود «الثور» بيت الزهرة وشرف القمر ووبال المريخ وهو برج ترابي ليلي جنوبي ثابت ربيعي، وطبيعته المرة السوداء، وله ثلاثة وجوه وخمسة حدود، «الجوزاء» وشرف الرأس وهبوط الذنب ووبال المشتري وهو برج هوائي ذكر نهاري غربي ربيعي دموي ذو جسدين وفي آخره ينتهي طول النهار وقصر الليل، وله ثلاثة وجوه وخمسة حدود، و«السرطان» بيت القمر وشرف المشتري وهبوط المريخ ووبال زحل وهو برج مائي أنثى ليلي شمالي منقلب صيفي بلغمي. وفي أوله يبتدئ الليل بالزيادة والنهار في النقصان تسعون يومًا، وله ثلاثة وجوه وخمسة حدود، «الأسد» بيت الشمس وليس فيه شرف ولا هبوط وهو وبال زحل وهو برج ناري ذكر نهاري شرقي ثابت صيفي طبيعته مرة صفراء وله ثلاثة وجوه وخمسة حدود، «السنبلة» بيت عطارد وشرفه وهبوط الزهرة ووبال المشتري وهو برج ترابي ليلي أنثي جنوبي صيفي ذو جسدين طبيعته السوداء، وفي آخره يستوي الليل والنهار مرة أخرى، وله ثلاثة وجوه وخمسة حدود، «الميزان» بيت الزهرة وشرف زحل وهبوط الشمس ووبال المريخ وهو برج ذكر هوائي نهاري غربي منقلب خريفي دموي، وفي أوله يبتدئ الليل بالزيادة على النهار ثلاثة أشهر تسعون يومًا. وله ثلاثة وجوه وخمسة حدود، «العقرب» بيت المريخ وهبوط القمر ووبال الزهرة وهو برج مائي ليلي أنثى خريفي شمالي بلغمي، وله ثلاثة وجوه وخمسة حدود، «القوس» بيت المشتري وشرف الذنب وهبوط الرأس ووبال عطارد وهو برج ناري ذكر نهاري ذو جسدين خريفي طبيعته المرة الصفراء، وفي آخره ينتهي طولُ الليل وقِصَرُ النهار وله ثلاثةُ وُجُوه وخمسة حدود، «الجدي» بيتُ زحل وشرف المريخ وهبوط المشتري ووبال القمر وهو برجٌ ترابيٌّ ليلي منقلب طبيعتُهُ السوداء شتوي جنوبي وفي أوله يأخذ النهار في الزيادة والليل في النقصان ثلاثة أشهر، وله ثلاثة وجوه وخمسة حدود، «الدلو» بيت زحل وليس فيه شرفٌ ولا هبوط بل هو وبال الشمس وهو برج هوائي ذكر ناري غربي ثابت شتوي دموي وله ثلاثة وجوه وخمسة حدود، «الحوت» بيت المشتري وشرف الزهرة وهبوط عطارد ووباله وهو برج مائي أنثي ليلي شمالي بلغمي، وفي آخره يستوي الليل والنهار، ثم تنزل الشمس أول الحمل، ويستأنف الزمان مثل ما كان في العام الأول، ذلك تقدير العزيز العليم. (٦) فصل في قران الكواكب وهذه الكواكب السيارة تسير في هذه البروج الاثني عشر بحركاتها المختلفة — كما بينا — فربما اجتمع منها اثنان في برج واحد وثلاثة أو أربعة أو خمسة أو ستة أو كلها، وإذا اجتمع منها اثنان في درجة واحدة من البرج يقال: إنهما مقتربان، وأما في أكثر الأوقات فإنها تكونُ متفرقة في البروج فيعرف مواضعها في البروج والدرج كيف كانت متفرقةً أو مجتمعة من التقويم أو الزيج. ذكر البيوت الاثني عشر إذا ولد مولود أو حدث أمر من الأُمُور فلا بُدَّ من أن تكون في تلك اللحظة درجة طالعة من أفق المشرق فمن تلك الدرجة إلى تمام ثلاثين درجة فما يتلوها يُسمى طالع بيت الحياة سواء كانت تلك الدرج من برج واحد أو من برجين، ومن تمام ثلاثين درجة إلى تمام ستين درجة يسمى الثاني بيت المال، وإلى تمام تسعين درجة يسمى الثالث بيت الإخوة، وإلى تمام مائة وعشرين درجة يسمى الرابع بيت الآباء، وإلى تمام مائة وخمسين درجةً يسمى الخامس بيت الأولاد، وإلى تمام مائة وثمانين درجة يُسمى السادس بيت الأمراض، وإلى تمام مائتين وعشر درجات يسمى السابع بيت الأزواج، وإلى تمام مائتين وأربعين درجة يسمى الثامن بيت الموت، وإلى مائتين وسبعين درجة يسمى التاسع بيت الأسفار، وإلى تمام ثلاثمائة درجة يسمى العاشر بيت السرطان، وإلى ثلاثمائة وثلاثين درجة يسمى الحادي عشر بيت الرجاء، وإلى تمام ثلاثمائة وستين درجة يسمى الثاني عشر بيت الأعداد، وكل بيت من هذه البيوت يدل على أشياء كثيرة تركنا ذكرها؛ لأنها مذكورةٌ في كُتُب الأحكام بشرحها. (٧) فصل في تَجَرُّد النفس واشتياقها إلى عالم الأفلاك اعلم أيها الأخ البار الرحيم، أيدك الله وإيانا بروح منه، أن العاقل الفهم إذا نظر في علم النجوم وفكر في سعة هذه الأفلاك وسرعة دورانها وعظم هذه الكواكب وعجيب حركاتها وأقسام هذه البروج وغرائب أوصافِها كما وصفنا قبل؛ تشوقت نفسه إلى الصعود إلى الفلك والنظر إلى ما هناك معاينة، ولكن لا يُمكنُ الصعودُ إلى ما هناك بهذا الجسد الثقيل الكثيف، بل النفس إذا فارقت هذه الجثة ولم يعقها شيء من سوء أفعالها أو فساد آرائها وتراكم جهالاتها أو رداءة أخلاقها؛ فهي هناك في أقل من طرفة عين بلا زمان؛ لأن كونها حيث همتها ومحبوبها كما تكون نفس العاشق؛ حيث معشوقه، فإذا كان عشقها هو الكون مع هذا الجسد ومعشوقها هذه اللذات المحسوسة المحرقة الجرمانية وشهواتها هذه الزينة الجسمانية فهي لا تبرح من هاهنا ولا تشتاق الصعود إلى عالم الأفلاك ولا تفتح لها أبواب السماوات، ولا تدخل الجنة مع زُمَر الملائكة بل تبقى تحت فلك القمر سائحةً في قعر هذه الأجسام المستحيلة المتضادة تارة من الكون إلى الفساد وتارة من الفساد إلى الكون كلما نضجت جُلودُهُم بدلناهم جلودًا غيرها ليذوقوا العذاب لابثين فيها أحقابا ما دامت السماواتُ والأرضُ لا يذوقون فيها برد عالم الأرواح الذي هو الروحُ والريحان، ولا يجدون لذةَ شراب الجنان المذكور في القرآن، وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ قَالُوا إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ، الظالمين لأنفسهم الكافرين لحقائق الأشياء ويروى عن رسول الله — صلى الله عليه وآله وسلم — أنه قال: «الجنة في السماء والنار في الأرض.» ويُحْكَى في الحكمة القديمة أنه مَن قدر على خَلْع جسده ورفض حواسه وتسكين وساوسه وصعد إلى الفلك؛ جُوزي هناك بأحسن الجزاء، ويُقال: إن بطليموس كان يعشق علم النجوم، وجعل علم الهندسة سُلَّمًا صعد به إلى الفلك فمسح الأفلاك وأبعادها والكواكب وأعظامها ثم دَوَّنَه في المجسطي، وإنما كان ذلك الصعود بالنفس لا بالجسد وهكذا. ويُحكى عن هرمس المثلث بالحكمة، وهو إدريس النبي — عليه السلام — أنه صعد إلى فلك زحل، ودار معه ثلاثين سنة حتى شاهد جميع أحوال الفلك، ثم نزل إلى الأرض فخبر الناس بعلم النجوم، قال الله تعالى: وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا. وقال أرسططاليس في كتاب الثالوجيا شبه الرمزاني: ربما خلوت بنفسي، وخلعت بدني، وصرتُ كأني جوهرٌ مجردٌ بلا بدن، فأكون داخلًا في ذاتي خارجًا عن جميع الأشياء، فأرى في ذاتي من الحُسْن والبهاء ما أبقى له متعجبًا باهتًا فأعلم أني جزء من أجزاء العالم الأعلى الفاضل الشريف. وقال فيثاغورس في الوصية الذهبية: إذا فعلت ما قلت لك يا ديوجانس وفارقت هذا البدن حتى تصير نحلًا في الجو فتكون حينئذٍ سائحًا غير عائد إلى الإنسانية ولا قابل للموت. وقال المسيح — عليه السلام — للحواريين في وصية له: إذا فارقت هذا الهيكل فأنا واقف في الهواء عن يمنة عرش ربي وأنا معكم حيثما ذهبتم فلا تخالفوني حتى تكونوا معي في ملكوت السماء غدًا. وقال رسول الله ﷺ لأصحابه في خطبة له طويلة: «أنا واقف لكم على الصراط وأنكم ستَرِدُون على الحوض غدًا فأقربكم مني منزلًا يوم القيامة من خرج من الدنيا على هيئة ما تركته، أَلَا لا تُغيروا بعدي ألا لا تبدِّلوا بعدي.» فهذه الحكايات والأخبار كلها دليلٌ على بقاء النفس بعد مفارقة الجسد وأن الإنسان العاقل إذا استبصرتْ نفسه في هذه الدنيا وصَفَتْ من درن الشهوات والمآثم، وزهدت في الكون ها هنا، فإنها عند مفارقة الجسد لا يعوقها شيء عن الصعود إلى السماء ودخول الجنة والكون هناك مع الملائكة وفي مثل هذه النفوس قيل بالعربية شعر: وما كان إلا كوكبًا كان بيننا فودعنا جادت معاهده دهم رأى المسكن العلوي أَوْلَى بمثله ففاز وأضحى بين أشكاله نجم وقيل بالفارسية بيت: خواهي تأمرك نيا بدترا خواهي كزمك بهابي أمان زير زمين خيره نهفتي بجوي بس بفلك برشوبي نرد بان وقيل أيضًا: خنك أين أفتاب وزهره وماه كه نباشند جاودانه تباه همه بريك نهاد خويش دوند كه نكردند هركزا زيك راه راست كوئي ستار كان ملك أند جشمه أفتاب شاهنشاه ته بخوانيد نائحة مشغول يا بتديين كين وحرب وسياه دوستا نند بيش روياروي يك بديكر همي كنندنكاه فمن بلغ رتبة نفسه هذه المرتبة كما ذكرت من قبل صار بهذه المنزلة، إلا أن في هذه السماوات جنة لكنها محفوفةٌ بالمكاره، «قال» الله — عز وجل: إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ، وإنما ذكرنا هذه المعاني في هذه الرسالة؛ لأن أكثر أهل زماننا الناظرين في علم النجوم شاكُّون في أمر الآخرة، متحيرون في أحكام أمر الدين، جاهلون بأسرار النبوات، منكرون البعث والحساب، فدللناهم على صحة أُمُور الدين من صناعتهم، واحتججْنا عليهم من علمهم؛ ليكون أقرب من فهمهم وأوضح لتبيانهم. (٨) فصل في علة انحصار الأفلاك والبروج والكواكب في عدد مخصوص اعلم أيها الأخ البار الرحيم، أيدك الله وإيانا بروح منه، أن علة كون الأفلاك تسع طبقات والبروج اثني عشر والكواكب السيارة سبعة ومنازل القمر ثمانية وعشرين واقتصارها على هذه الأعداد؛ فيه حكمةٌ جليلةٌ لا يبلغ فهم البشر كُنه معرفتها، ولكن نذكر من ذلك طرفًا؛ ليكون تنبيهًا لنُفُوس المتعلمين المرتاضين بالنظر في خواص العدد ومطابقة الموجودات لخواص العدد وطبيعته على رأي الحكماء الفيثاغوريين، وذلك أن هؤلاء الحكماء لَمَّا نظروا في طبيعة العدد وجدوا لكل عدد خَاصِّيَّة ليست لغيره ثم تأملوا أحوالَ الموجودات فوجدوا كل نوع منها قد اقتصر على عدد مخصوص لا أقل ولا أكثر، ثم بحثوا عن طبيعة ذلك الموجود وخَاصِّيَّة ذلك العدد فكانا مطابقين، واستبان لهم إتقانُ الحكمة الإلهية فيها، فمن أجل هذا قالوا: إن الموجودات بحسب طبيعة العدد وخواصه. فمن عرف طبيعة العدد وأنواعه وخواص تلك الأعداد؛ تبين له إتقانُ الحكمة وكون الموجودات على أعداد مخصوصة، فكون الكواكب السيارة سبعة مطابقٌ لأول عدد كامل، وكون الأفلاك تسعةً مطابق لأول عدد فرد مجذور، وكون البروج اثني عشر مطابق لأول عدد زائد، وكون المنازل ثمانية وعشرين مطابق لعدد تام، ولما كانت السبعة مجموعة من ثلاثة وأربعة وكان الاثنا عشر من ضرب ثلاثة في أربعة وثمانية وعشرون من ضرب سبعة في أربعة؛ فبواجب الحكمة صارت مقصورة على هذه الأعداد، وكانت السبعةُ والاثنا عشر والتسعة مجموعُها ثمانية وعشرون عددًا؛ لتكون الموجودات الفاضلة مطابقةً للأعداد الفاضلة. (٩) فصل في حكمة اختلاف خواص الكواكب وأما الحكمةُ في كون الكواكب السبعة السيارة اثنان منها نيران واثنان منها سعدان واثنان نحسان وواحد ممتزج، وكون البروج الاثني عشر أربعة منها منقلبة وأربعة ثابتة وأربعة ذوات جسدين، وكون العقدتين في خللها؛ فالحكمةُ في ذلك أكثر مما يُحصى، ولكن نذكر منها طرفًا ليكون دليلًا على الباقي، وذلك أن الباري — سبحانه وتعالى — بواجب حكمته جعل حال الموجودات بعضها ظاهرًا جليًّا لا يخفى وبعضها باطنًا خفيًّا لا تدركه الحواس، فمن الموجودات الظاهرة الجلية جواهر الأجسام وأعراضها وحالاتها، ومن الموجودات الباطنة الخفية جواهر النفس، ومن الموجودات الظاهرة الجلية للحواس أيضًا أمور الدنيا، ومن الموجودات الباطنة الخفية عن أكثر العقول أُمُور الآخرة ثم جعل ما كان منها ظاهرًا جليًّا دليلًا على الباطن الخفي، فمن ذلك النَّيِّران: الشمس والقمر؛ فإن أحدهما الذي هو القمر دليلٌ على أمور الدنيا وحالات أهلها من الزيادة والنقصان والتغيير والمحاق، والأخرى التي هي الشمس دليل على أمور الآخرة وحالات أهلها من التمام والكمال والنور والإشراق. ومن ذلك حالُ السعدَين المشتري والزهرة؛ فإن أحدهما دليلٌ على سعادة أبناءِ الدنيا وهي الزهرة؛ وذلك أنها إذا استولتْ على المواليد دَلَّتْ لهم على نعيم الدنيا من الأكل والشرب والنكاح والميلاد، ومَنْ كانت هذه حالُهُ في الدنيا فهو من السعداء فيها، وأما المشتري فهو دليلٌ على سعادة أبناء الآخرة؛ وذلك أنه إذا استولى على المواليد دل لهم على صلاح الأخلاق وصحة الدين وصدق الورع ومحض التقى، ومن كانت هذه حاله في الدنيا فهو من السعداء في الآخرة. ومن ذلك أيضًا النحسان: زحل والمريخ، فإن أحدهما دليل على منحسة أبناء الدنيا وهو زحل؛ وذلك أنه إذا استولى على المواليد دل ذلك على الشقاء والبؤس والفقر والمرض والعسر في الأمور، ومن كانت هذه حالُهُ في الدنيا فهو من الأشقياء فيها، وأما المريخ فإنه دليلٌ على منحسة أبناء الآخرة، وذلك أنه إذا استولى على المواليد دل لهم على الشرور من الفسق والفجور والقتل والسرقة والفساد في الأرض، ومن كانت هذه حالُهُ في الدنيا فهو من الأشقياء في الآخرة، وأما من استولى على مولده المشتري والزهرة فسعادتُهُما دلالة على السعادة في الدنيا والآخرة، ومن استولى على مولده زحل والمريخ فنحوستهما دلالة على منحسة الدنيا والآخرة، وأما امتزاج عطارد بالسعادة والنحوسة فهو دليلٌ على أمور الدنيا والآخرة وتعلق إحداهما بالأخرى، وأما كون البروج المنقلبة وحالاتها تدل على تقلُّب أحوال أبناء الدنيا، والبروج الثوابت تدل على ثبات أحوال أبناء الآخرة والبروج ذوات الجسدين تدل على تعلق أمور الدنيا والآخرة أحدهما بالآخر. وقد قيل: إن طالع الدنيا السرطان وهو برجٌ منقلبٌ وأوتادُهُ مثله، وأما العقدتان اللتان تسمى إحداهما رأس التنين والأُخرى الذنَب فليسا بكوكبين ولا جسمين ولكنهما أمران خفيان — كَمَا بَيَّنَّا قبل — ولهما حركاتٌ في البرج كحركات الكواكب، ولهما دلالةٌ على الكائنات كدلالة الكواكب النحوس وهما خفيَّا الذات ظَاهِرَا الأفعال فخفاءُ ذاتيهما وظهورُ أفعالهما يدل على أن في العالم نفوسًا أفعالُها ظاهرة وذواتُها خفية يسمون الروحانيين، وهُمْ أجناسُ الملائكة وقبائلُ الجن وأحزاب الشياطين، فأجناسُ الملائكة هي نفوسٌ خيرةٌ موكلةٌ بحفظ العالم وصلاح الخليقة، وقد كانت متجسدةً قبلُ وقتًا من الزمان فتهذبت واستبصرت وفارقت أجسادها واستقلت بذاتها، وفازت ونجت وساحت في فضاء الأفلاك وسعة السماوات، فهي مغتبطةٌ فرحانةٌ مسرورةٌ ملتذةٌ ما دامت السماوات والأرض. وأما عفاريت الجن ومردة الشياطين فهي نفوسٌ شريرةٌ مفسدة، وقد كانت متجسدة قبلُ وقتًا من الزمان ففارقت أجسادها غير مستبصرة ولا متهذبة فبقيتْ عميًا عن رؤية الحقائق صمًّا عن استماع الصواب بُكمًا عن النطق الفكري في المعاني اللطيفة، فهي سابحةٌ في ظلمات بحر الهيولى، غائصةٌ في قعر من الأجسام المظلمة ذي ثلاثة شعب تهوي في هاوية البرزخ كلما نضجتْ جلودُهُم بالبلاء بدلناهم جُلُودًا غيرها بالكون، فذلك دأبُهُم ما دامت السماوات والأرض لابثين فيها أحقابًا لا يجدون برد نسيم عالم الأرواح، ولا يذوقون لذة شراب المعارف، فهذه حالهم إلى يومِ يبعثون. وأما الظاهر من تأثيرات الرأس والذنب فهو كسوفُ النيرين، وذلك أنهما من أَوْكَدِ الأسباب في كسوفهما، وإنما اقتضت الحكمةُ كسوف النيرين لكيما تزول التهمة والريبة من قلوب المرتابين بأنهما إلهان، فلو كانا إلهين ما انكسفا، وإنما صارتْ محنة الشخصين النيرين الجليلين بأمرين خفيين؛ ليكون دليلًا على أن أَعْظَمِ المحنة من الشيطان على الأنبياء — صلوات الله عليهم أجمعين — لأن الأنبياء هم شُمُوسُ بني آدم وأقمارُهُم، فمِن ذلك قصةُ إبليس مع آدم أبي البشر وإخراجه له من الجنة وقصة رُكُوبه مع نوح في السفينة وقصتُهُ مع إبراهيمَ خليل الرحمن يوم طُرِحَ في النار في إصلاح المنجنيق وقصته مع موسى — عليه السلام — حين وسوس إليه أن هذا الكلام الذي تسمع لعله ليس كلام رب العالمين، فعند ذلك قال موسى: رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي، وقصته مع المسيح وزكريا ويحيى — عليهم السلام — وغيرهم من الأنبياء معروفةٌ يطول شرحها، وإنما ذكرنا هذه الأحرف في هذه الرسالة؛ لأن أكثر أهل زماننا الناظرين في علم النجوم شَاكُّون في أمر الآخرة، متحيرون في أحكام الدين، جاهلون بأسرار النبوات، منكرون للحساب والبعث، فدَلَلْنَاهم على تحقيق ما أنكروه من صناعتهم؛ ليكون أقرب من فهمهم وأوضح لبيانهم، وكذلك فعلنا في سائر رسائلنا التي عملناها في فنون العلوم. (١٠) فصل في علم أحكام النجوم وإذ قد ذكرنا طرفًا من علم الهيئة وتركيب الأفلاك شبه المدخل والمقدمات فنريد أن نذكر أيضًا طرفًا من علم «الأحكام» الذي يعرف بالاستدلال: اعلم يا أخي، أيدك الله وإيانا بروح منه، أن العلماء مختلفون في تصحيح علم الأحكام وحقيقته، فمنهم من يرى ويعتقد أن للأشخاص الفلكية دلالات على الكائنات في هذا العالم قبل كونها، ومنهم من يرى ويعتقد أن لها أفعالًا وتأثيرات أيضًا مع دلالاتها، ومنهم مَن يرى ويعتقد أن ليس لها أفعالٌ ولا تأثيرات ولا دلالات البتة بل ترى أن حكمها حُكم الجمادات والموات بزعمهم، فأما الذين قالوا: إن لها دلالات فهُم أصحابُ الأحكام، وإنما عرفوا دلالاتها بكثرة العناية بالإرصاد لحركاتها وتأثيراتها والنظر فيها واعتبار أحوالها وشدة البحث عنها. والناس لتصاريف أُمُورها على ممر الأيام والشهور والأعوام أمة بعد أمة وقرنًا بعد قرن كلما أدركوا شيئًا منها أَثبتوه في الكتب كما ذكروها في كتبهم بشرح طويل، وأما الذين أنكروا ذلك فهم طائفةٌ مِنْ أهل الجدل تركوا النظر في هذا العلم وأَعرضوا عن اعتبار أحوال الفلك وأشخاصه وحركاته ودورانه، وأغفلوا البحث عنها والتأمل لتصاريف أمورها فجهلوا ذلك وأنكروه وعادَوا أهلها وناصبوهم العداوة والبغضاء. وأما الذين ذكروا أن لها مع دلالاتها أفعالًا وتأثيرات في الكائنات التي تحت فلك القمر، فإنما عرفوا ذلك بطريقٍ آخرَ غير طريق أصحاب الأحكام وبحث أشد من بحثهم واعتبار أكثر من اعتبارهم وهو طريق الفلسفة الروحانية والعلوم النفسانية وتأييد إلهي وعناية ربانية، ونُريد أن نذكر من هذا الفن طرفًا ليكون إرشادًا للمحبين للفلسفة والراغبين فيها ودلالة لهم عليها ورغبة فيها؛ أعني: علم الفلسفة. فاعلم يا أخي، أيدك الله وإيانا بروح منه، أن كواكب الفلك هم ملائكة الله وملوك سماواته خلقهم الله تعالى لعمارة عالمه وتدبير خلائقه وسياسة بريته، وهم خلفاءُ الله في أفلاكه، كما أَنَّ مُلُوك الأرض هم خلفاءُ الله في أرضه، خلفهم وملكهم بلاده، وولَّاهم على عباده ليعمروا بلاده، ويسوسوا عبادَه، ويحفظوا شرائعَ أنبيائه بإنفاذ أحكامهم على عباده، وحفظ نظامهم على أحسن حالات ما يتأتى فيهم وأتم غايات ما يمكنهم من البلوغ إليها وأفضل نهايات ما يصلون إليها إما في الدنيا وإما في الآخرة. فعلى هذا المثال والقياس تجري أحكامُ هذه الكواكب في هذه الكائنات التي تحت فلك القمر، ولها أفعال لطيفة وتأثيرات خفية تدق على أكثر الناس معرفتها وكيفيتها كما تدق على الصبيان والجهال معرفة كيفية سياسة الملوك وتدبيرهم في رعيتهم، وإنما يعرف ذلك منها العقلاء والبالغون المتأملون للأُمُور، فهكذا أيضًا لا يَعرف كيفية تأثيرات هذه الكواكب وأفعالها في هذه الكائنات إلا الراسخون في العلوم من الحكماء والفلاسفة، البالغون في المعارف الربانية، الناظرون في العلوم الإلهية، المؤيدون من السماء بتأييد الله وإلهامه لهم. (١١) فصل في كيفية وُصُول قوى أشخاص العالم العلوي إلى أشخاص العالم السفلي «الذي هو عالم الكون والفساد» اعلم، أيدك الله وإيانا بروح منه، أن معنى قول الحكماء: «العالم» إنما هو إشارة إلى جميع الأجسام الموجودة وما يتعلق بها من الصفات، وهو عالم واحد كمدينة واحدة أو حيوان واحد، ولكن لما كانت الأجسامُ كلها تنقسم قسمين حسب، فمنها عالم الأفلاك ومنها عالم الأركان الأربعة التي هي النار والهواء والماء والأرض، ويسمى عالم الكون والفساد؛ فنقول: إن أول حد عالم الأفلاك هو مِن أعلى سطح الفلك المحيط إلى منتهى مقعر سطح فلك الأثير، وهو فلك القمر ثم مما يلي الهواء، وحد عالم الأركان هو من مقعر سطح فلك القمر إلى منتهَى الأرض، ويسمى أحدُهُما العالم العلوي والآخر العالم السفلي؛ لأن العلوي هو مما يلي المحيط والسفلي مما يلي المركز، وأما الذي فوق الفلك فهو رتبةُ النفس الكلية التي هي ساريةٌ قواها في جميع الأجسام التي في العالمين جميعًا من لدن الفلك المحيط إلى منتهى مركز الأرض بإذن الباري — جل ثناؤه. واعلمْ يا أخي أن أول قوة تسري في النفس الكلية نحو العالم فهي في الأشخاص الفاضلة النيرة التي هي الكواكبُ الثابتة، ثم بعد ذلك في الكواكب السيارة، ثم بعد ذلك فيما دونها من الأركان الأربعة وفي الأشخاص الكائنة منها من المعادن والنبات والحيوان. واعلم بأن مثال سريان قوى النفس الكلية في الأجسام الكلية والجزئية جميعًا؛ كمثال سريان نور الشمس والكواكب في الهواء، ومطارح شعاعاتها نحو مركز الأرض. واعلم يا أخي بأن الكواكب السيارة ترتقي تارة بحركاتها إلى أعلى ذرى أفلاكها وأوجاتها، وتقرب من تلك الأشخاص الفاضلة التي تسمى الكواكب الثابتة، وتستمد منها النور والفيض والقوى، وتارة تنحط إلى الحضيض وتقرب من عالم الكون والفساد وتوصل تلك الفيضات والقوى إلى هذه الأشخاص السفلية فتسري فيها كما تسري قوةُ النفس الحيوانية في الدماغ، ثم بتوسط الأعصاب تصلُ إلى سائر أطراف البدن كما بَيَّنَّا كيفيتها في رسالة الحاس والمحسوس، فإذا وصلت تلك القوى والفيضات مع شعاعاتها إلى هذا العالم فإنها تسري أولًا في الأركان الأربعة التي هي النار والهواء والماء والأرض، ثم يكون ذلك سببًا لكون الكائنات التي هي المعادنُ والنبات والحيوان ويكون اختلاف أجناسها وأنواعها بحسب اختلاف أشكال الفلك واختلاف الأماكن واختلاف الأزمان، لا يعلم أحدٌ كثرتها وفنون أشخاصها وتفاوُت أوصافها إلا الله — جَلَّ ثناؤُهُ — الذي هو خالقُها وبارئها ومنشئها ومصورها كيف شاء. (١٢) فصل في بيان كيفية سعادات الكائنات ومناحسها اعلمْ أن الفلك المحيط دائم الدوران كالدولاب من المشرق إلى المغرب ومن المغرب إلى المشرق، والكواكب أيضًا هكذا دائمة، وأن الحركات على توالي البروج كما هو بين في الزيجات والتقاويم، وهكذا أيضًا الكائنات دائمة في الكون والفساد متصلة لا تنقطع ليلًا ولا نهارًا ولا شتاءً ولا صيفًا، ولكن إذا اتفق في وقت من الزمان أن تكون الكواكبُ السيارةُ في أوجاتها أو إشرافها أو بيوتها أو حدودها أو يكون بعضها من بعض على النسبة الفُضلى التي تُسمى النسبة الموسيقية، وهي النصف والثلث والربع والثمن، سرت تلك القوى عند ذلك من النفس الكلية ووصلت بتوسط تلك الكواكب إلى هذا العالم السفلي الذي هو دون فلك القمر وحدث بذلك السبب الكائنات على أعدل مزاج وأصبح طبائع وأجود نظام ونشأت ونمت وتمت وكملت وبلغت إلى أقصى مدى غاياتها وتمام نهاياتها التي هي قاصدة نحوها، وتسمى تلك الأحوال والأوصاف وما يتكون عنها سعادة وخيرات، وإذا اتفق أن يكون شكل الفلك ومواضع الكواكب على ضد ذلك كان أمر الكائنات بالضد أيضًا، وتناقصت من بلوغ غاياتها وتمام نهاياتها، وسميت تلك مناحس الفلك وسبب الشرور ولا يكون ذلك بالقصد الأول، ولكن بأسباب عارضة كَمَا بَيَّنَّا في رسالة الآراء والمذاهب في باب علل الشرور وأسبابها، فاعرفْها من هناك — إن شاء الله وحده. (١٣) فصل في علة اختلاف تأثيرات الكواكب في الكائنات الفاسدات التي دون فلك القمر اعلم يا أخي، أيدك الله وإيانا بروح منه، أن إشراق الكواكب على الهواء ومطارح شعاعاتها على مركز الأرض على سَنن واحد، ولكن قبول القابلات لها ليس بواحد، بل مختلف بحسب اختلاف جواهرها. مثال ذلك أن الشمس إذا أشرقتْ من الأفق أضاءت الهواء من نورها، وسخن وجه الأرض من انعكاس شعاعاتها — كما بيَّنا في رسالة الآثار العلوية — وجف الطين، وذاب الثلج، ولان الشمع، ونضج الثمر، ونتن اللحم، وابيضت ثياب القصارين، واسودت وجوههم، وانعكس الشعاع من السطوح الصقيلة الوجوه كوجه المرايا، وسَرَى الضوء في الأجسام الشفافة كالزجاج والبلور والمياه الصافية، وقويتْ أبصارُ أكثر الحيوانات، وضعفت أبصار بعضها كالبوم والخفافيش وبنات وردان وما شاكلها من الحيوانات، فيكون اختلاف تلك التأثيرات في هذه الأشياء بحسب اختلاف جواهرها وتركيبها ومزاجها وقبولها، وإلا فالإشراقُ واحد، وعلى هذا المثال اختلافُ قبولها لتأثيرات سائر الكواكب في المواليد وتحاويل السنين. ومثال آخر، إذا اتفق للفلك شكل محمود من سعادة أحوال الكواكب في وقتٍ من أوقات الأزمان، ويولد في ذلك الوقت عدة مواليد مِن أجناس الحيوانات ومواليد الناس، ولكن يكون بعضُهُم من أولاد الملوك والرؤساء، وبعضُهُم من أولاد التجار والدهاقين وأرباب النعم، وبعضهم من أولاد الفقراء والمساكين والمكدين فلا يكون قبولهم لسعادة الفلك على سنن واحد، بل كُلُّ واحد منهم بحسب مرتبته، وذلك أن أولاد المكدين إذا حسنتْ أحوالهم من السعادة فهو أن يبلغوا مرتبة أولاد التجار وأرباب النعم وأوساط الناس، وإذا حسن أولاد التجار، فهو أن يبلغوا مرتبة أولاد الملوك، وأولاد الملوك إذا قبلوا سعادة الفلك ارتقوا وبلغوا سرير الملك والسلطان، وإن نحسوا قصر بهم عن ذلك، وكذلك كُلُّ واحدٍ من أولئك الذين تقدم ذِكْرُهُم ينحط من درجة إلى ما دونها في المرتبة. ومثال آخر، أنه اتفق عدة مواليد في طالع واحد ووقت واحد في بُلدان مختلفة، وشكل الفلك يدل على أن يكونوا شعراء خطباء، غير أن بعضهم في بلاد العرب، وبعضهم في بلاد النبط، وبعضهم في بلاد الأرمن، فقبولُهُم يختلف لأن العربي أسرع قبولًا لخَاصِّيَّة بلده، والنبطي دون ذلك، والأرمني دونه، وعلى هذا المثال والقياس تختلف تأثيرات الكواكب في الكائنات. وقد ذكرت علل ذلك في كتب الأحكام بشرح طويل، فاعرفْه من هناك. واعلمْ يا أخي، أيدك الله وإيانا بروح منه، بأن لهذه الكواكب السيارة في أفلاكها المختصة بها حالاتٌ مختلفةٌ. فمن ذلك: السرعة في السير والإبطاء في الحركة والوُقُوف والاستقامة والرجوع والارتفاع في الأوجات والانحطاط إلى الحضيض والكون في الميل والذهاب في العرض والبُلُوغ إلى الجوزهر وما يشاكل ذلك من الأوصاف المختلفة، ولها أيضًا في هذه البروج أقسامٌ وأنصبةٌ كالبيوت والوبال والشرف والهبوط والمثلثات والحدود والنوبهرات وما شاكل ذلك، ولها أيضًا مناظرات بعضها إلى بعض، واتصالات ومقارنات وانصرافات واحترافات وتشريق وتغريب، والكون في الأوتاد أو ما يليها أو الزوال عنها وما شاكل هذه الأوصاف المذكورة في كتب الأحكام بشرح طويل، وقد ذكرنا طرفًا من هذه الأوصاف فيما تقدم من هذه الرسالة. واعلم يا أخي أن هذه الكواكب السيارة تسير في مُوازاة هذه البُرُوج بحركاتها المختلفة، فربما اجتمع اثنان منها في بُرج واحد أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة أو ستة أو كلها، وذلك في الندرة في الأزمان الطوال، وأما في أكثر الأوقات فتكونُ متفرقة في البروج ودرجاتها، وتعرف مواضعها من البروج والدرج والدقائق من التقاويم والزيجات في أي وقت وأي زمان شئت. واعلم يا أخي أن الشمس من بين الكواكب كالملك، وسائرها كالأعوان والجنود في التمثيل، والقمر كالوزير وولي العهد، وعطارد كالكاتب، والمريخ كصاحب الجيش، والمشتري كالقاضي، وزحل كصاحب الخزائن، والزهرة كالجواري والخدم، والأفلاك لها كالأقاليم، والبروج كالبلدان والسوادات والحدود والوجوه كالمدن، والدرجات كالقرى، والدقائق كالمحال والأسواق في المدن والثواني في الدقائق كالمنازل في المحال والدكاكين في الأسواق، والكواكب في البروج كالأرواح في الأجساد، والكوكب في بيته كالرجل في بلده وعشيرته، والكوكب في شرفه كالرجل في عِزِّهِ وسلطانه، والكوكب في مثلثه كالرجل في منزله أو دكانه أو ضيعته، والكوكب في وجهه كالرجل في زِيِّهِ ولباسه، والكوكب في حده كالرجل في خلقه وسجيته، والكوكب في أوجه كالرجل في أَعْلَى مرتبته، والكوكب في حيزه كالرجل في حاله اللائقة به وفي أصحابه ورفقائه. والكوكب في وباله كالرجل المختلف المدبر، والكوكب في غير حيزه كالرجل في حال منكر، والكوكب في برج لا حظ له فيه كالرجل الغريب في بلدة غريبة، والكوكب في هبوطه كالرجل الذليل المهين، والكوكب في حضيضه كالرجل الوضيع الحال الساقط عن مرتبته، والكوكب تحت الشعاع كالبطل المحبوس، والمحترق كالمريض، والواقف كالمتحير في أمره، والراجع كالعاصي المخالف، والسريع السير كالمقبل الصحيح، والبطيء السير كالضعيف الذاهب القوة، والكوكب في التشريق كالرجل النشيط، والكوكب في التغريب كالهرم. والناظر كالطالع الذاهب نحو حاجته، والمنصرف كقاضي وطره، والمقترنان من الكواكب كالقرينين من الناس، والكوكب في الوتد كالرجل الحاضر للشيء الحاصل فيه، ومائل الوتد كالجاني المنتظر، والزائل كالذاهب أو الفائت، والكوكب في الطالع كالمولود في الظهور أو الشيء في الكون، وفي الثاني كالمنتظر الذي سيكون، وفي الثالث كالذاهب إلى لقاء الإخوان، وفي الرابع كالرجل في دار آبائه أو الشيء في معدنه، وفي الخامس كالرجل المستعد للتجارة أو الفرحان بما يرجو، وفي السادس كالهارب المنهزم المتعوب، وفي السابع كالرجل المبارز المنازع المحارب، وفي الثامن كالرجل الخائف الوجل، وفي التاسع كالرجل المسافر البعيد من الوطن الزائل من سلطانه، وفي العاشر كالرجل في عمله وسلطانه المعروف المشهور به، وفي الحادي عشر كالرجل الواد الموافق المحب، وفي الثاني عشر كالمحبوس الكاره لموضعه المبغض لما هو فيه. وإذا توارى كوكبان منها في درجة من الفلك فيقال: إنهما مقترنان، وإذا جاوز أحدهما الآخر فيقال: قد انصرف، وإذا لحق بالآخر فيقال: قد اتصل به، والاتصالُ قد يكون بالمقارنة وقد يكون بالنظر، وهو أن يكون بينهما ستون درجة سدس الفلك أو تسعون درجة ربع الفلك أو مائة وعشرون درجة ثلث الفلك، أو مائة وثمانون درجة نصف الفلك، فإذا تناظرا في التسديس فهما كالرجلين المتوادين بسبب من الأسباب، وإذا تناظرا في التثليث فهما كالرجلين المتفقين في الطبع والخلق، وإذا تناظرا في التربيع فكالرجلين المتعاملين اللذين يدعي كل واحد منهما الأمر لنفسه، وإذا تناظرا في المقابلة فهما كالرجلين المتنازعين أو كالشريكين المتغارمين، وهذا مثاله وصورته: فقد تبين بهذه الصورة أن مناظرة الكواكب بعضها إلى بعض من سبعة مواضع من درجات الفلك ومعنى مناظراتها ومطارح شعاعاتها. واعلم أن الكواكب تطرح شعاعاتها إلى جميع درجات الفلك فتضيئها وتملأها نورًا وضياءً، كما أن السراج يضيء جميع أجزاء الدائرة وبسيطها، وإنما ذكر علماء النجوم سبعة مواضع منها لظهور أفعالها وبيان تأثيراتها في هذا العالم من تلك الدرجات المعلومة لمناسبات بعضها بعضًا؛ لأن أفعال الكواكب وتأثيراتها في هذا العالم إنما هي بحسب مناسباتها من الأرض؛ أعني: نسب أجرامها إلى جرم الأرض وأبعادها من مركز الأرض، أو بحسب تناسُب حركاتها بعضها إلى بعض، وقد بيَّنا طرفًا من علم هذا النسب في رسالة الموسيقى. (١٤) فصل في أن المنجم لا يدعي علم الغيب فيما يخبر به من الكائنات واعلم أن كثيرًا من الناس يظنون أن علم أحكام النجوم هو ادعاء الغيب، وليس الأمر كما ظنوا؛ لأن علم الغيب هو أن يعلم ما يكون بلا استدلال ولا علل ولا سبب من الأسباب، وهذا لا يعلمه أحد من الخلق، كذلك لا منجم ولا كاهن ولا نبي من الأنبياء ولا ملك من الملائكة إلا الله — عز وجل. واعلم يا أخي أن معلومات الإنسان ثلاثة أنواع، فمنها ما قد كان وانقضى ومضى مع الزمان الماضي، ومنها ما هو كائن موجود في الوقت الحاضر، ومنها ما سيكون في الزمان المستقبل، وله إلى هذه الأنواع الثلاثة من المعلومات ثلاثة طرق؛ أحدها السماع والإخبار لما كان ومضى، والآخر هو الإحساس لما هو حاضر موجود، والثالث الاستدلال على ما هو كائن في المستقبل، وهذا الطريق الثالث ألطف الطرقات وأدقها، وهو ينقسم إلى عدة أنواع؛ فمنها بالنجوم، ومنها بالزجر والفأل والكهانة، ومنها بالفكر والروية والاعتبار، ومنها بتأويل المنامات، ومنها بالخواطر والوحي والإلهام، وهذا أَجَلُّهَا وأشرفها، وليس ذلك باكتساب، ولكن موهبة من الله — عز اسمُهُ — لمن شاء أن يجتبيه من عباده، فأما علم النجوم فهو اكتساب من الإنسان وتكلف وجهد واجتهاد في تعلم العلم وطلبه، وهكذا الزجر والفأل، والنظر في الكف وضرب الحصى والكهانة والقيافة والعرافة وتأويل المنامات وما شاكلها؛ كلها يحتاج الإنسان فيها إلى التعلُّم والنظر والفكر والروية والاعتبار، وهذا الفن من العلم يتفاضلُ فيه الناس بعضهم على بعض، وكل واحد يختص بشيء منه. واعلم يا أخي أن الكائنات التي يستدل عليها المنجمون سبعةُ أنواع، فمنها الملل والدول التي يستدل عليها من القرانات الكبار التي تكون في كل ألف سنة بالتقريب مرة واحدة، ومنها أن تنتقل المملكةُ من أمير إلى أمير، ومن أمة إلى أمة، ومن بلد إلى بلد، ومن أهل بيت إلى أهل بيت آخرَ، وهي التي يستدل عليها وعلى حُدُوثها من القرانات التي تكون في كل مائتين وأربعين سنة مرة واحدة، ومنها تبدل الأشخاص على سرير الملك، وما يحدث بأسباب ذلك من الحروب والفتن التي يستدل عليها من القرانات التي تكون في كل عشرين سنة مرة واحدة، ومنها الحوادثُ والكائنات التي تحدث في كل سنة من الرخص والغلاء والجدب والخصب والحدثان والبلاء والوباء والموتان والقحط والأمراض والأعلال والسلامة منها، ويستدل على حدوثها من تحاويل سني العالم التي تؤرَّخ بها التقاويم، ومنها حوادث الأيام شهرًا شهرًا ويومًا يومًا التي يستدل عليها من الأوقات والاجتماعات والاستقبالات التي تؤرخ بها في التقاويم، ومنها أحكام المواليد لواحدٍ واحد من الناس في تحاويل سنيهم بحسب ما يوجبُهُ لهم تشكُّل الفلك ومواضع الكواكب في أُصُول مواليدهم وتحاويل سنيهم، ومنها الاستدلال على الخفيات من الأُمُور كالخبر والسرقة واستخراج الضمير والمسائل التي يستدل عليها من طالع وقت المسألة والسؤال عنها. واعلم يا أخي أنه ليس في معرفة الكائنات قبل كونها صلاح لكل واحد من الناس؛ لأن في ذلك تنغيصًا للعيش واستجلابًا للهمِّ واستشعارًا للخوف والحزن والمصائب قبل حلولها، وإنما نظر الحكماء في هذا العلم وبحثهم عن هذه السرائر ليرضوا بذلك نفوسهم، ويستعينوا بهذا العلم على الترقِّي إلى ما هو أشرفُ منه وأَجَلُّ؛ وذلك أن الإنسان العاقل المحصل المستيقظ القلب إذا نظر في هذا العلم وبحث عن هذا السر وعن أسبابه وعِلَلِه واعتبرها بقلب سليم من حب الدنيا انتبهت نفسه من نوم الغفلة، واستيقظتْ من رقدة الجهالة، وانتعشتْ وانبعثتْ من موت الخطيئة، وانفتحتْ لها عينُ البصيرة، فأبصرتْ عند ذلك تصاريف الأُمُور، وعرفت حقائق الموجودات، ورأت بعين اليقين الدار الآخرة، وتحققت أمر المعاد، وعلمت عند ذلك بها ومن أجلها وتشوفت إليها، وزهدت في الكون في الدنيا، فعند ذلك تهون عليها مصائبُ الدنيا، فلا تغتم ولا تجزع ولا تحزن إذا علمت موجبات أحكام الفلك من المخاوف والمصائب، كما ذُكر عن رسول الله ﷺ أنه قال: من زهد في الدنيا هانت عليه المصائب. وتصديق ذلك قول الله تعالى: لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ. واعلم يا أخي أن في معرفة علم النجوم فوائد كثيرة، فمنها: أن الإنسان إذا علم ما يكون من حادث في المستقبل أو كائن بعد الأيام؛ أمكنه أن يدفع عن نفسه بعضها لا بأن يمنع ويدفع كونها ولكن يتحرز منها أو يستعد لها كما يَفعل سائرُ الناس ويستعدون لدفع برد الشتاء بجمع الدثار ولحر الصيف بأخذ الكن ولسني الغلاء بالادخار ولمواضع الفتن بالهرب منها والبُعد عنها وترك الأسفار عند المخاوف وما شاكل ذلك، مع علمهم بأنهم لا يُصيبُهُم منها إلا ما كتب الله لهم وعليهم. وخصلة أخرى أيضًا، وهي أنه متى علم الناس الحوادث قبل كونها أمكنهم أن يدفعوها قبل نزولها بالدعاء والتضرع إلى الله تعالى والتوبة والإنابة إليه وبالصوم والصلاة والقربان والسؤال إياه أن يصرف ما يخافون نزوله ويرفع ويدفع عنهم ما يحذرون منه. واعلم يا أخي أنك إن نظرت في أسرار النواميس، وتأملت سنن الشرائع وأحكام الديانات، علمت وتبين لك أن أجل أغراض واضعي النواميس كان هذا الذي ذكرت لك، وذلك أن موسى — عليه السلام — أوصى بني إسرائيل، فقال لهم: احفظوا شرائع التوراة التي أنزل الله عليَّ واعملوا بوصاياها، فإن الله تعالى يسمع دعائكم، ويرخص أسعاركم، ويخصب بلادكم، ويكثر أموالكم وأولادكم، ويكف عنكم شر أعدائكم، ومتى خفتم حوادث الأيام ومصائب الزمان، فتوبُوا إلى الله جميعًا توبةً نصوحًا، واستغفِروا، وصلُّوا له، وصوموا، وتَصَدَّقُوا في السر والعلانية، وادعوه خوفًا وتضرعًا حتى يصرف عنكم شر ما تخافون، ويدفع عنكم ما تحذرون، ويكشف عنكم ما ينزل بكم من محن الدنيا ومصائبها وحوادث أيامها، وعلى هذا المثال كانت وصية المسيح — عليه السلام — لأصحابه الحواريين، ولا حاجة بنا أن نُكرر وصية محمد ﷺ لأمته. ••• واعلم أن الفقهاء وأصحاب الحديث وأهل الورع والمتنسكين قد نَهَوْا عن النظر في علم النجوم وإنما نهوا عنه؛ لأن علم النجوم جزءٌ من علم الفلسفة، ويكره النظر في علوم الفلسفة للأحداث والصبيان وكل من لم يتعلم علم الدين ولا يعرف من أحكام الشريعة قدر ما يحتاج إليه وما هو فرض عليه ولا يسعه جهله وتركه، فأما من قد تعلم علم الشريعة وعرف أحكام الدين وتحقق أمر الناموس، فإن نظره في علم الفلسفة لا يضره بل يزيده في علم الدين تحققًا، وفي أمر المعاد استبصارًا وبثواب الآخرة وبالعقاب الشديد يقينًا، وإليها اشتياقًا وفي الآخرة رغبة وإلى الله تعالى قربة، وفقك الله وإيانا وجميع إخواننا طريق السداد وهداك وإيانا وجميع إخواننا سبيل الرشاد. (تمت الرسالة الثالثة في الأسطرنوميا من رسائل إخوان الصفاء، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطيبين الطاهرين.)

ثالثاً مواقع النجوم (منازل القمر والشمس)








هو أول نجوم المربعانية وأول منازل فصل الشتاء ونوء المربعانية وهي الفترة الأشد برودة بمقاييس الجزيرة العربية ذات الطابع الصحراوي وهو توقيت ثابت لا يتغير ولدخولها أمارات يستدل بها وهي مختلفة باختلاف الثقافات والأجناس فأهل الأنواء يستدلون على دخولها برؤية نجم الأكليل قبيل الفجر من الناحية الجنوبية الشرقية وهي ثلاثة نجوم واضحة ونيرة مصطفة رأسياً وتمثل الرأس في برج العقرب المشهور وأهل الزراعة يستدلون على دخولها ببداية جفاف اللحاء داخل غصون الأشجار خاصة البرسيم ولهذا تيبس غصون كثير من الأشجار في آخر موسم المربعانية أما أهل البادية فيستدلون على دخولها برؤية نجم النسر الواقع وهو نجم مشهور يرى من الناحية الشمالية الشرقية عند شروقه فيما يستدلون على نهايتها برؤية نجم النسر الطائر وهو نجم مشهور أيضاً ويرى من الناحية الشرقية ويقولون ( إذا وقع النسر دخلت المربعانية وإذا طار النسر خرجت المربعانية ) كناية عن النسر الواقع والنسر الطائر ففيها تسقط أوراق الشجر ويشتد البرد وتزداد قوته وتكثر فيها الغيوم والأمطار بإذن الله ويكثر فيها الفقع وتقول العرب ( إذا طلع الإكليل هاجت الفحول وشمرت الذيول وتخوفت السيول ) ففي هذا النجم ( الإكليل ) تغور المياه وتشتد أمواج البحر ويشتد البرد ويخرج الدخان من الجوف ويستحب فيه شرب الماء ساخناً إذا أحتيج إليه ومن المزروعات التي تزرع فيه الحلبة والجزر والقمح والشعير في الشمال أما في الوسط فتعتبر زراعة متأخرة تسقط فيه أوراق الشجر ويقطع فيه سعف النخيل وفواصل الأشجار ويقلل فيه سقي المزروعات ماعدا القمح والشعير ويستمر فيه تسميد النخيل وتشتل فيه العروات المتأخرة من الطماطم والبصل وفصوص الثوم والباذنجان والفلفل كذلك يعمل فيه وقاية لشتلات الطماطم والباذنجان والفلفل من أجل حمايتها من الصقيع الذي قد يهلكها كذلك تزرع فيه البقدونس والكزبرة والبابونج والخبيز والمرامية والعصفر ( القرطم ) والزعتر والترمس والبطاطس وقصب السكر والجزر والفول والعدس والبرسيم وتزرع فيه الحبوب المتأخرة وفيه هجرة القطا والكدري والجوني وفي هذا النجم تهيج الفحول




نوء القلب أو نجم القلب وعدد أيامه (13) يوماً وهو نجم أحمر بين نجمين يقال لهما النياط وعند المزارعين يقال له الأحيمر فيه أطول ليلة في السنة وهي آخر ليلة في برج القوس أي ليلة 21/12 ديسمبر ( كانون الأول ) وأقصر نهار في السنة وفيه يبدأ النهار في الزيادة من الليل وهو من النجوم اليمانية وتقول العرب ( إذا طلع القلب جاء الشتاء كالكلب وصار أهل البوادي في كرب ) ويشتد فيه البرد وتهب فيه الرياح الباردة ويظهر الضباب وتكثر الغيوم وهو ثاني نجوم المربعانية وثاني منزلة من منازل الشتاء ونوءه غير محمود ويكره فيه بعض الناس السفر إذا كان القمر نازلاً في هذا الطالع وهذا اعتقاد باطل لايقره الإسلام إذا قصدوا به التخويف من شدة البرد والجليد وتتشائم العرب بقلب العقرب وينسبون إليه النحوسة وفي هذا النجم يتلون الإترنج وتزرع فيه الحبوب زراعة متأخرة ويزرع فيه الشعير والفول والبرسيم والبطاطس والعدس والترمس والقرطم والحلبة وفي الرابع من هذا النجم تقطع الأخشاب ويستمر ذلك حتى نهايته ولا تروى إلا إذا كانت في حاجة للماء وليكن ذلك خفيفاً ويبدأ فيه غرس أشجار العنب وتقليمها وينهى فيه عن سماد الأشجار وتسمد فيه النخيل ويشتل البصل وبذور الطماطم والباذنجان والفلفل وفصوص الثوم ويستعمل فيه ماطبعه الحرارة كالزنجبيل والفلفل وتهاجر في هذا النجم طيور الوز الشتوي .



وعدد أيامه (13) يوماً نجمان متقاربان وسمي بالشولة من قول العرب شالت الناقة بذيلها إذا رفعته وهي مجموعة أنجم تشبه ذيل العقرب وكذلك سميت شولة تشبيهاً بشوكة العقرب وبها نجمان نيران وهو من النجوم اليمانية وهناك مقولة شهيرة يرددها أهل الجزيرة العربية عند رؤية نجم الشولة ( الشولة ترد البرد من أوله ) وهي دلالة على البرودة خلال هذه الفترة والشولة من أنواء العقرب وتقول العرب ( إذا طلعت الشولة طال الليل طولة وأعجلت الشيخ البوله وأشتدت على العائل العولة وقيل شتوة زوله ) والعولة هي الحاجة والعائل والعائل هو المحتاج الفقير الذي يعيل أهله ففي هذه الأيام الباردة يعجز الشيخ أن يذهب خارج البيت وتشتد الحاجة على صاحب العيال ليوفر لهم الأكل واللباس والدفء لأن الشتاء قاس على أهل البادية وشتوة زوله أي عجيبة منكرة لشدة البرد في ذلك الوقت ولقد جمع العرب القدماء جميع أعضاء العقرب ( الزباني والإكليل والقلب والشولة ) ونسبوها للعقرب برج العقرب إذ يقول ساجع العرب ( إذا طلعت العقرب جمس المذنب وقرب الأشيب ومات الجندب ولم يطر الأخطب) جمس بمعنى جمد الماء في مذانب الأودية والأشيب هو الثلج والجندب هو الجراد الصغير والأخطب هو طائر الشرقرق قرب الحرم وقيل للشتاء في ذلك الوقت ( شتوة زولة ) أي شتوة منكرة قاسية لشدة البرد والشولة هو ثالث نجوم المربعانية وآخرها والطالع الثالث من فصل الشتاء فيه تستمر البرودة والصقيع والضباب ويبدأ الرمث والارطى بالإبراض ويبدأ طلع ذكور النخيل بالظهور كذلك تبدأ بالظهور طلع النخيل البواكير ويقال فيه يهيض البلغم ويستمر نقص الليل وزيادة النهار وتزرع فيه الحبة السوداء والباذنجان والبطيخ والكزبرة والقرطم والمشمش والخوخ وآخر موعد لزراعة القمح شمال الجزيرة العربية وتتساقط فيه باقي الشجر ويجب تغطية الشجيرات والخضروات والإنتهاء من السماد العضوي وتقليم الأشجار ويستحسن تجهيز الأرض لزراعة الأشجار وتهاجر في هذا النجم اللقطا المعاعي ( النغاقي ) .






عدد أيامه (13) يوماً وهو ثمانية نجوم أربعة في المجرة وأربعة خارجة عنها وفيه زيادة البرد والصقيع وهو من النجوم اليمانية وتقول العرب ( إذا طلعت النعايم أبيضت البهائم من الصقيع الدائم وقصر النهار للصائم وخلص البرد إلى كل نائم وتلاقت الرعاة بالنمائم ) لأنهم حينئذ يفرغون لايشغلهم رعي فيتلاقون ويدس بعضهم إلى بعض أخبار الناس ويعرف عند الناس بشباط الأول وهو أول نجوم الشبط التي تسمى في الخليج برد البطين لأنهم يعتبرون المربعانية بداية البرد والبطين شدة البرد وبردها قارس وشديد ويتميز بالصقيع لأنه يتسم بالجفاف إذ يشتد البرد ولا سيما في الصباح الباكر وتكثر فيه هبوب الرياح المفاجئة أما في منتصفها فتتكاثر السحب الممطرة وفيها أيضاً برد الأزيرق وسمي بهذا لأن الأجسام تزرق من شدة البرد ويقول العامة ( الشبط مبكية الحصني ) وسميت بذلك لأن الحصني ( الثعلب ) يحفر جحره ويضع فتحة الجحر للشرق من أجل أن تدفئه أشعة الشمس عند الشروق لكن الهواء الشرقي البارد والذي يهب في موسم الشبط يلج إلى داخل الجحر فيبكي الحصني من شدة البرد ويروى في الأساطير الشعبية أن المربعانية عندما أرادت الخروج أوصت ولدها شباط بقولها ( أنا طلعت ماضريت عليك باللي أكله دويف ووقوده ليف ولاتقرب اللي أكله تمر ووقوده سمر ) وتقول أيضاً ( ياشباط ياولدي تراي مريت ولاضريت ماقويت إلا اللي شبوبة ليف وأكله دويف عليك باللي شبوبه سمر وأكله هبر ) وذلك أن برد المربعانية لايضر إلا ضعيفي الحال ممن لايجدون حطباً جيداً وطعاماً دسماً أما شباط فلم يترك أحداً لاغني ولافقير فالمقصود بـ ( الليف ) هو لحاء النخل ويستخدم لفلترة القهوة من الشوائب ومعروف أن الليف إذا أشعلت فيه فإنه يتآكل بسرعة لخفته ولايستخدمه للتدفئة إلا ميسور الحال و ( الدويف ) أكلة قديمة يأكلها الفقراء ويبدو أنها لاتحتوي على سعرات حرارية عالية لتدفئة الجسم أما ( السمر ) فناره قوية و ( التمر ) أكله يحتوي على سعرات حرارية عالية فيعمل على تدفئة الجسم وقد يستجمع البرد قوته في الشبط فيكون برده أقوى من برد الأربعينية وقيل في سبب تسميته بالشبط لأن نجميه النعائم والبلدة يبدأن في شهر فبراير (شباط ) وفي هذا النجم تبدأ النخيل البواكير في الطلع ولايغرس فيها شيء لبرودة الجو إلا بعض الحبوب كالبرسيم وهي زراعة متأخرة وتزرع فيه البطاطس وشتلات الطماطم والفلفل والباذنجان والفاصوليا واللوبيا وتبدأ فيه زراعة البطيخ وبعد (12) يوم من هذا النجم يظهر الهدهد ويجري الماء في عود التين .






 وتسمى شباط الثاني وعدد أيامه (13) يوم وهي رقعة في السماء لانجوم بها ظاهرة بين النعايم وسعد الذابح وهي المنزلة الخامسة من منازل فصل الشتاء والمنزلة الثانية من منازل نوء ( الشبط ) قلما يتخلف مطره بإذن الله وفيه يجمد الماء من برودة الطقس ويشتد فيها كلب الشتاء يكثر فيها هبوب الرياح الشمالية والشمالية الغربية بصورة مفاجأة ويشوب الجو فيها بعض الرطوبة فأوله محرق وآخره مورق فالجو فيه يكون بارد رطب غير جاف إلا أن البرد يبتدئ بالإنحسار تدريجياً الأمر الذي يجعل الماء يكثر جريانه في غصون الشجر وتبدأ أوراقها بالظهور فتحرث الأرض الزراعية وتسمد كيماوياً والبلدة نجم من النجوم اليمانية وتقول العرب ( إذا طلعت البلدة حممت الجعدة وأكلت القشدة وأخذت الشيخ الرعدة وقيل للبرد إهدأ ) فقولهم حممت الجعدة يعني طلعت فأخضرت الأرض منها والجعدة نوع من أنواع النبات ويبرض فيها شجرالرمث والأرطى تحرث فيها الأرض للزراعة ويستمر فيها إضافة السماد إلى النباتات ويستحب فيها تقليم العنب والتين وينقل في آخرها أفراخ النخيل وفي الثلاث الأيام الأخيرة من هذ النجم بداية بذرة ( الست ) الصالحة لبذر جميع الخضار والفواكة والأشجار وفيها تغرس النخيل وفي آخرها يزرع البطيخ وشتلات الموالح والعنب والقطن وقصب السكر و والبرسيم وهذا أفضل وقت لزراعته كذلك اللوز والجوز والخوخ والرمان والقرنبيط والفجل وشتلات الحمضيات والطماطم والفلفل والباذنجان والخس والجرجير والباميا والملوخية والكراث والقرعيات وفي البلدة تبداء الطيور في وضع أعشاشها حيث تتزاوج فيها الطيور وتظهر الخطاطيف وكذلك الهدهد .




سادس منزلة من منازل الشتاء ويسمى العقرب الأولى عقرب السم وسمي ذابح لأن برده قوي ويقتل كما يقتل السم فأكثر المواشي تموت فيه من قوة البرد وعدد أيامه (13) يوم فهما نجمان غير نيران بينهما في رأي العين قدر ذراع أحدهما مرتفع في الشمال والآخر هابط في الجنوب وهو من النجوم اليمانية وفي الثلاثة الأولى منه جزء من بذرة ( الست ) الصالحة لزراعة الأشجار ويعرف عند المزارعين بالعقرب الأولى وتقول العرب ( إذا طلع سعد الذابح حمى أهله النابح ونفع أهله الرائح وتصبح السارح وظهرت في الحي الأرايح وانحجرت الضوابح ) فالكلب يلزم أهله فلا يفارقهم لشدة البرد فيحميهم وينبح دونهم وينفع الرائح أهله فيأتيهم بالحطب ولم يبكر الراعي السارح بماشيته من شدة البرد فالأنافح والأرايح هي الأزهار أما النوابح فهي الكلاب والضوابح هي الخيل وتقول العامة ( إذا دخلت العقارب ترى الخير قارب ) وذلك أن العقارب إذا دخلت كان دخولها إشارة إلى قرب إنتهاء فصل الشتاء ببرده وجفافه وشح المرعى فيه وقرب حلول فصل الربيع بدفئه وعشبه والذابح نجم جاف والأمطار فيه قليلة والعقارب لها من النجوم ثلاثة الذابح وبلع والسعود هذا عند أهل الجزيرة أما العوام فيسمونها عقرب السم والدم والدسم وعند أهل البحر تعرف العقارب بالتسعين فالسم دلالة على البرد الشديد إذ أن بردها يقتل كما يقتل السم والدم دلالة على البرد الخفيف إذ أن بردها يدمي ولا يقتل أما الدسم فدلالة على الربيع فالذابح هو أول نجوم العقارب فيقوى فيه البرد ويتصف موسم العقارب بهجمات البرد المباغتة على فترات متباعدة حيث تهب فيه رياح شمالية وشمالية شرقية نسرية باردة إلا أن الرياح السائدة هي الجنوبية أو الجنوبية الشرقية وهو آخر شهور البرد لذا يكون الطقس فيه متقلب الأطوار حيث يتكدر فيه الجو وتكون أشعة الشمس حارة حيث يصعب الجلوس في حرورها كثيراً بينما يكون فيه الظل بارد ففيه تورق أشجار الفاكهة كالخوخ والرمان والمشمش والتوت واللوز وينعقد فيه أوائل الثمار ويبدأ جريان الماء في فروع الأشجار وينضر عود التين ويطلع فيه الإترنج ويكثر فيه طلع النخيل والعشب والكمأة ولا تقطع الأشجار والنخيل كي لاتسوس ويبدأ فيه تلقيح النخيل وتجهز الأرض للزراعة حيث يزرع فيه فسائل النخيل والبرسيم والبطيخ والشمام والخيار والقثاء والكوسة والذرة البيضاء والذرة الصفراء والقطن والباميا واللوبيا والملوخية والسبانخ والرجلة والنعناع والكراث والفول السوداني وقصب السكر والعنب والباذنجان والقرعيات وكافة الخضروات وكافة أشجار الفاكهة وفي هذا النجم تبيض سباع الطيور ( الجوارح ) وتكثر حشرة البعوض .





 النجم الثاني من العقارب ويعرف بالعقرب الثانية والنجم السابع من نجوم الشتاء وعدد أيامه (13) وفي السنة الكبيسة (14) يوم وهما نجمان أحدهما خفي والآخر ظاهر وسمي الظاهر ( بلعاً ) كأنه قد بلع قرينه الخفي وأخذ ضوءه وهو آخر نجوم الشتاء ويعرف عند أهل الحرث بالعقرب الثانية وهذا النجم من النجوم اليمانية وتقول العرب ( إذا طلع بلع أقتحم الربع ولحق أهله الهبع وظهر في الأرض لمع ) ومعنى أقتحم الربع وهو ولد الإبل أول النتاج يولد في الربيع ويوسع الخطو حال المشي ومعنى لحق الهبع وهو ولد الإبل آخر النتاج ويولد في الصيف يمد عنقه حال المشي لذا فهو نتاج متأخر ضعيف ومعنى ظهر في الأرض لمع أي لمع من العشب ويكثر فيه المطر بإذن الله وسمي بلع عقرب الدم دلالة على البرد الخفيف إذ أنه يدمي ولايقتل وتقول العامة ( إذا طلع الحوت البرد يموت ) وفي بلع تبتدي أيام العجوز بعد مضي تسعة أيام من هذا النجم وهي سبعة أيام وتسمى ( الحسوم ) وكثيراً مايكون فيها البرد شديداً وتقوى فيه الرياح ويتكدر الجو ويستمر فيه تلقيح النخيل ويزرع في منزلة سعد بلع فسائل النخيل والبرسيم والبطيخ والشمام والخيار والقثاء والقرعيات والباذنجان والكوسة والذرة البيضاء والذرة الصفراء والقطن والباميا واللوبيا والملوخية والسبانخ والرجلة والنعناع والكراث والفاصوليا والفول السوداني وقصب السكر والعنب والبطاطا الحلوة وكافة الخضروات وكافة أشجار الفاكهة .



 ويعرف بالعقرب الثالثة وتسمى عقرب الدسم دلالة على الربيع فهي أول نجومه وهو ثلاثة نجوم أحدهما نيّر والآخران دونه وأغلب نجوم هذا البرج خافتة وفي هذا النجم يعتدل الجو خاصة في النهار وتكثر فيه العواصف ويكثر فيه العشب متى ماأنزل الله المطر وتخضر الأرض وتسمن المواشي ويقال قران خامس وربيع طامس وتكثر فيه الكمأ ( الفقع ) وفي هذا النجم ترتفع الحرارة ويسخن الماء قليلاً وقت الظهيرة ويعرف عند أهل الحرث والمزارعين بالعقرب الثالثة وهو من النجوم اليمانية وتقول العرب ( إذا طلع سعد السعود لانت الجلود وذاب كل جمود وأخضر كل عود وأنتشر كل مصرود وكره في الشمس القعود ) وتقول العامة ( في سعد السعود يدور الماء في العود ويدفأ كل مبرود ) كما يقال في هذا النجم ( تخضر الأشجار وتفرخ الأطيار ويتساوى الليل مع النهار ) بحيث تبدأ أوراق جديدة تظهر على الشجر مثل العنب والرمان والخوخ وغيرها من الأشجار ففي هذا النجم أيام العجوز وبياع الخبل عباته كما تسمى عند العامة ويتساوى الليل مع النهار فكما هو معلوم أن ليل الشتاء طويل ونهاره قصير ثم يبدأ الوقت بالتدريج زيادة النهار ونقص الليل وبطلوع هذا النجم يعتدل الزمان وتزهر الأعشاب وتغرس النخيل ويستمر تلقيحها وترى دودة القز وتظهر به الحشرات كالبعوض والنمل ويزهر الورد ويورق الشجر ويثمر التوت وتزرع شتلات الموالح وتقلم أشجار العنب والتين وتروى الأشجار رياً خفيفاً عند الحاجة إذ أن تعطيشها ثم ريّها يتسبب في تساقط الأزهار كذلك تزرع الفاصوليا واللوبيا والباميا والقرعيات وزراعة البرسيم الربيعية أيضا يزرع فيه الذرة البيضاء والخيار والملوخية والقطن والفول السوداني والسبانخ والفجل والكراث والنعناع والكوسة والشمام والبطيخ والرجلة وكافة الخضروات وأشجار الفاكهة والحمضيات ويلاحظ في غرس الأشجار التي خضرتها دائمة ولاتسقط أوراقها في الشتاء أن تغرس بعروقها وترابها على سبيل المثال النخيل والبرتقال والليمون الإترنج واليوسفي أما الأشجار التي تطرح أوراقها فتؤخذ أغصانها الرطبة بدون تربة على سبيل المثال العنب والخوخ والمشمس والتين والرمان أما الأشجار التي أغصانها يابسة فهي غير صالحة للغرس وفي بداية هذا النجم هجرة الأوز الربيعي والكرك الصغير وتفرخ فيه الطيور والعصافير ويكثر فيه أصوات تغريدها حيث موسم التزاوج والتفريخ .

 



وبداية الحميمين وهما ( سعد الأخبية والمقدم ) ثاني منازل فصل الربيع حيث الإنقلاب الربيعي وهو اليوم الذي يتساوى فيه الليل والنهار ثم يأخذ النهار بالزيادة وسعد الأخبية أربعة كواكب نيّرة متقاربة واحد منها في وسطها وتمثل برجل بطه وسمي بذلك لأنه يطلع في وقت الدفء فيخرج من الهوام ما كان مختبئأً وهذا النجم من النجوم اليمانية إذ تقول العرب فيه ( إذا طلع سعد الأخبية خرج الناس من الأبنية ودهنت الأسقية ) ويعرف عند أهل الحرث بالحميم الأول ويزداد فيه الدفء وتكثر فيه الرياح المتغيرة الإتجاه المثيرة للأتربة والمسببة لتطاير الغبار خصوصاً مع بداية وقت المساء وتكون هذه الرياح متغيرة الاتجاهات حيث تتسبب بالتقلبات الجوية وتكثر العواصف الجالبة للمطر بإذن الله وتخضر الأشجار وتنمو ويكون ريّها على فترات ويكثر فيه تلقيح النخيل وغرس الفسائل وتحتاج فيه إلى التأبير وتزرع الخضروات مثل الطماطم والباذنجان والفلفل والخس والقرعيات والباميا والملوخية والبقدونس والخيار والذرة البيضاء والبطيخ والشمام والكوسة واللوبيا والقطن والنعناع والبقدونس والتين والرمان والعنب والقرع العسلي المسمى بالمصري والفجل والبطاطا الحلوة وكافة أشجار الحمضيات والفاكهة وتبذر فيه جميع البذور الصيفية وماغرس فيه يحتاج إلى لف عندما تشتد حرارة الشمس حتى لاتتأثر جمارتها من الشمس وفيه أوائل مجيء الخواضير ( طيور الصيف ) ويهاجر فيه الكرك الصغير فيه تخرج الهوام والحشرات من جحورها وكذلك الأفاعي وأيام هذا النجم صالحة لزراعة ( القت ) البرسيم .



يسمى عند العامة والمزارعين بالحميم الثاني ثالث منزلة من منازل فصل الربيع وهو نجمان مترادفان نيران متباعدان أحدهما شمالي ويقع حوله عدد من النجوم الصغار والآخر جنوبي نجم من النجوم اليمانية وتقول العرب ( إذا طلع الدلو هيب الجزو وانسل العفو وهذا يشمل المقدم والمؤخر ) فيه ترتفع درجة الحرارة وتهب فيه الرياح الشمالية الغربية الباردة وتحدث تغيرات للطقس مما تسبب إنخفاضاً في درجات الحرارة ومقدمات للسرايات ومراويح الصيف والتي تنشأ عنها السحب والعواصف الرعدية السريعة وتتغير إتجاهات الرياح بين السكون والهبوب العاصف ونوؤه محمود قد ينزل فيه المطر بإذن الله وفي هذا النجم ينعقد اللوز والتفاح ويزرع الأرز وحصاد الحنطة ويعتبر دخوله آخر طلع النخيل وآخر غرسها وتسمد فيه الأشجار وتقلم فيه أفرع العنب وتسمد أما الزروعات فيزرع فيه الخضار والكوسة والكراث والأرز والباميا واللوبيا والملوخية والرجلة والنعناع والفاصوليا والعنب والرمان والتين والفلفل والقرع والفجل والبطاطا الحلوة والذرة الشامية والذرة الرابعة ويشتل الباذنجان الأسود ويكثر الطلع لذا تحتاج النخيل إلى التأبير وفيه يتم حصاد القمح وتروى الأشجار بالماء حسب الحاجة وكذلك تسمد ويزرع البرسيم الربيعي وكل ماغرس فيه يحتاج إلى لف عندما تشتد الحرارة حتى لاتتأثر جمارتها من الشمس وفي هذا النجم نلاحظ مرور الطيور المهاجرة وهي تتنقل حيث الأجواء المعتدلة وتحدث فيه هجرة طيور الدخل والقميري حيث تعود إلى موطنها التي هاجرت منه ويسمع صوت طير الصقرقع ( الوروار ) الخضيري معلناً دخوله .




 ويعرف عند أهل الحرث بالذراع الأول وعدد أيامه (13) يوماً وهو نجمان مترادفان نيران متباعدان أحدهما شمالي والآخر جنوبي وهو رابع منزلة من منازل فصل الربيع فيه يعتدل الجو ليلاً ويميل للحرارة في الظهيرة وفي هذا النجم موسم السرايات المعروفة بأمطار الربيع الغزيرة التي تستمر حتى نهاية شهر نيسان ( إبريل ) وسميت بهذا الإسم لأنها تسري في الليل والناس نيام والسرايات اسم محلي يطلق على المنخفضات الجوية الحرارية المعروفة بالسحب الصيفية التي تتكون بفعل التسخين في نهاية فصل الربيع المعتدل وبداية فصل الصيف الحار فيتغير الطقس بشكل مفاجئ وذلك بسبب مرور منخفض ومرتفع جوي بسرعة فائقة أي أنها تتخلق نتيجة التمازج بين فصل وآخر حيث نلاحظ فارقا حرارياً كبيراً بين الليل والنهار فهذه الفترة تتسم بالعنف المناخي ولا تعرف الرتابة أبداً بل تجلب الفصول الأربعة في غضون يوم واحد ويسمع فيها قصف الرعد ويشاهد وميض البرق وهو موسم نزول حبات البرد إذا تهيأت الفرصة له وقد يشاهد قوس قزح إذا هطل المطر في منطقة دون أخرى كما تتسم هذه الفترة بعنصر المفاجأة في تحول الطقس من حالة الإستقرار إلى عدم الإستقرار ومن الممكن أن يتغير الجو في أي لحظة دون سابق إنذار ووقت تكون السرايات يكون في فترة الزوال أي زوال الشمس و تبدأ غالباً من بعد العصر وتتميز فترة السرايات بالتكونات السريعة للغيوم الركامية خلال فترة تتراوح بين نصف ساعة إلى ساعة وتهطل بعدها الأمطار الرعدية الغزيرة جداً خلال فترة قصيرة وتصاحبها رياح عنيفة لا تستقر في اتجاه معين مع تقلبات مفاجئة وتعرف السرايات في نجد بالمراويح وهي السحب التي تأتي عادة في فصل الربيع حيث في هذا النجم تهب الرياح من الشمال ومطره محمود وفي آخره يدخل موسم البوارح وهي رياح شمالية غربية محملة بالغبار والأتربة وهي رياح تمتاز بأنها غير مستقرة بل مستمرة يتقلب فيها الجو والبوارح يمتد موسمها من أواخر شهر نيسان ( إبريل ) حتى منتصف تموز ( يوليو) ويحمد فيه الفصد ( الحجامة ) وهو من النجوم اليمانية ويستحب فيه عرض الخيل على الحصن وفيه تزرع البذور الصيفية وتغرس فيه الأشجار ذات الثمار ويخضر فيه العشب وتسمد فيه الأشجار التي لم يتم تسميدها ويشتل فيه الباذنجان الأسود ويكثر فيه الطلع لذلك تحتاج النخيل إلى التأبير ويحصد فيه القمح وتقلم فيه أشجار العنب وتسمد ويزرع فيه الكوسة والفلفل والفجل والبطاطا الحلوة والبرسيم الربيعي والعنب والكراث والملوخية والرمان والتين والنعناع والقرع والرجلة والفاصوليا والباميا واللوبيا والذرة الشامية والأرز وفي هذا النجم تحدث هجرة الطيور الصغيرة والقمري عائدة إلى موطنها الذي هاجرت منه كما تخرج خنافس الليل في هذا النجم أما في نهايته فتغيب الثريا .


 آخر النجوم اليمانية وسمي بذلك تشبيهاً بالرشاء وهو الحبل عدد أيامه ( 13 ) يوم وقبل بدايته بيوم بداية الكنّه وعدد أيامها ( 40 ) يوم وقيل ( 39 ) والكنة هي وقت إختفاء الثريا ( الخفوق ) حيث تشاهد فجراً متدلية نحو الأرض وقريبة منها في جهة الغرب الشمالي وسرعان ما تخفق وتختفي نهائياً من السماء للمدة التي ذكرناها سابقاً وتسمى مدة الإختفاء هذه بـ ( الكنة ) والذي لا تشاهد فيه الثريا إلا بعد بداية القيظ في فجر ( 7 ) أو ( 6 ) يونيو حيث تطل وتوايق وتكون واضحة للعيان بعد كنتها وغيابها تلك المدة ويقول العامة حول خفقت الثريا وطلوعها ( لا خفقت الثريا ثم وايقت كل خضراء ودعت بسلام ) يعني معنى ذلك أن الثريا إذا خفقت ثم وايقت فإن كل عشبة خضراء قد ودعت بسلام حيث أنها يبست وانحمست بفعل حرارة شمس الصيف اللاهبة وعودة إلى نجم الرشاء الذي تحدثنا عنه في البداية فإن من خواصه أنه مجموعة كواكب كثيرة يمانية في مثل بطن السمكة وسمي بـ ( بطن السمكة ) نظراً لوقوعه ضمن مجموعة نجوم كثيرة خافتة ونوءه محمود وهو غزير المطر إذا أمطر بإذن الله في دخوله أيام مطر ( نيسان ) وهو آخر النجوم اليمانية من خواصة انعقاد اللؤلؤ في الصدف من ذلك المطر النازل ويستوي فيه الليل والنهار وهو الإستواء الربيعي ويعتدل فيه الجو ليلاً ويميل إلى الحرارة وقت الظهيرة وفي أوله يبدأ دخول موسم البوارح وهي الرياح الغربية المحملة بالغبار والأتربة إذ يمتد موسمها من أواخر شهر نيسان ( إبريل ) حتى منتصف شهر تموز ( يوليو ) وفي هذا النجم يحمد غرس النخيل ويعرف عند العامة وخاصة أهل الحرث بالذراع الثاني إذ تهب فيه رياح عالية يسميها العامة ( بارح المشمش ) ويعقبه كوكب الثريا وتقول العرب ( إذا طلعت السمكة تعلقت بالثوب الحسكة وأمكنت الحركة ونصبت الشبكة وطاب الزمان للنسكة ) ففي هذا الوقت يشتد ويقوى النبت بحيث يعلق الشوك بالثوب وتنصب الشباك لصيد الطير ويطيب الزمان للنساك الذين يحلون بالأرض فلا حر ولا برد فيه قوة فصل الربيع واستحكامه وهو المنزلة الخامسة من منازل فصل الربيع وفيه إمتداد ماء الفرات وفيه باكورة اليقطين ( القرع ) والتفاح وفيه غرس أفراخ النخيل ولا يزرع به القت ( البرسيم ) تتدلى فيه قنيان النخيل بعد مرور ثمانية أسابيع من نهاية التلقيح وفيه جني ثمر البن في مناطق جنوب الجزيرة وجمع الخيار والقثاء والمشمش وعسل النحل وتسمد فيه الأشجار ويزرع فيه البطيخ والفلفل والباميا واللوبيا والفاصوليا والبصل والكراث والملوخية والرجلة والفول السوداني والسمسم بالإضافة للقطن والقرع والكوسة والباذنجان والفجل والطماطم وفي هذا النجم تكثر الطيور كالقمري والصفاري والغرانيق وفيه هجرة طيور الصفار والخواضير والطيور الصغيرة .





( الناطح ) وعدد أيامه ( 13 ) يوم ويسمى عند عامة أهل الحرث ( ثريا القيظ ) ويطلع من ناحية الشرق فجراً ويغرب من ناحية الغرب مغرباً وعلامة طلوعة توسط سعد الذابح فجراً والزبرة عشاءاً أما رقيب الشرطين فهو الغفر يطلع من المشرق مغرباً ويغرب في المغرب فجراً في نفس اليوم وهو سادس منزلة من منازل فصل الربيع وأول النجوم الشامية والمنزلة الأولى من منازل نوء ( الثريا ) ومن خواصه نجمان بهما نجم صغير من النجوم الشامية وهو أولها وتقول العرب ( إذا طلع الشرطان اعتدل الزمان وحضرت الأوطان وتهادت الجيران وبات الفقير في كل مكان ) ومعنى قولهم حضرت الأوطان أي أنهم يرجعون من البوادي إلى أوطانهم ومياههم لأن الغدران بالبوادي حينئذ قد قلت وجفت وسميا شرطين لأنهم كالعلامتين وفي هذا النجم يميل الطقس إلى الدفء وتكثر فيه هبوب العواصف والرياح وتستمر فيه البوارح وهي الرياح الشمالية الغربية المحملة بالغبار والأتربة والتي تمتاز بأنها رياح مستمرة غير مستقرة لذلك فإن فرص تقلب الجو وهبوب الرياح المثيرة للغبار لا زال حدوثها متوافر ويمتد موسم هبوب البوارح من أواخر شهر نيسان ( أبريل ) حتى منتصف شهر تموز ( يوليو ) ومطره خفيف وتظهر فيه حشرة اليعسوب الطائرة وتتكاثر فيه الضبان ويتوقف فيه عن غرس النخيل وفيه زراعة الفول السوداني والذرة الشامية والذرة الرفيعة ( الدقسية ) والباميا واللوبيا والفاصوليا والكراث والملوخية والرجلة والفول السوداني والسمسم والقرع والكوسة والباذنجان والفجل والطماطم وباقي الخضروات المتأخرة من الخضار فيه بواكير التين والمشمش ويتوفر فيه الباذنجان واليقطين ( القرع ) والكوسة والتفاح والخيار .



تويبع الوسمي غير وسمي الخريف وعند العامة يعرف بـ ( بارح الحفار ) وعدد أيامه (13) يوم وفيه بداية مربعانية القيظ ( الثريا الثانية ) وهي التسمية المحلية لآخر طوالع فصل الربيع وعدد أيامها (39) يوماً وهذا النجم ( البطين) وهو النجم السابع من نجوم الربيع وآخرها وهو عبارة عن ثلاثة كواكب خفية وكأنها أثافي وقالوا أنه من أقل الأنواء مطر وفيه يجف العشب وهو من النجوم الشامية وتقول العرب ( إذا طلع البطين أقتضوا الدين وظهر الزين وأقتفى الصياد العين وأعتنى بالعطار والقين ) ومعنى اقتضائهم الدين أي أنهم يطمئنون ويقتضي بعضهم بعضاً ما له وما عليه من دين وقولهم ظهر الزين يراد أنهم عند التلاقي يتجملون بأحسن ما يقدرون عليه وإعتناؤهم بالعطار واصلاح القين وهو الحداد ما يحتاج إلى اصلاح من آنيتهم وآلاتهم وهو أول القيظ وفي الغالب تكون الرياح الشمالية فيه شديدة وتزداد فيه الحرارة والسموم خاصة في منطقة الخليج وما جاورها وهو من الفترات الجافة والخالية من الأمطار ويسمى هذا النوء أيضا بالبارح الصغير وهو من أقل المنازل مطراً ( بقدرة الله تعالى ) وفيه يجف العشب وتستمر فيه موسم ( البوارح ) وهي الرياح الشمالية الغربية المحملة بالغبار والأتربة التي تمتاز بأنها رياح مستمرة غير مستقرة لذلك فان فرص تقلب الجو وهبوب الرياح المثيرة للغبار العالق لا زال حدوثها متوافر حيث تهب الرياح مع طلوع الشمس ويشتد عصفها بالتدريج مع اشتداد الحرارة ثم تهدأ مع غياب الشمس ويترسب الغبار على الأشياء وللمعلومة فموسم هبوب البوارح يمتد من أواخر شهر نيسان ( إبريل ) حتى منتصف شهر تموز ( يوليو ) ومن مظاهر هذا النجم ابتدأ حبات العنب بالإحمرار حيث موسم طباخ العنب وكذلك التين وفيه وفرة القثاء والخيار والباذنجان وتجنى فيه باكورة البطيخ ويغرس فيه قصب السكر وتحتاج فيه الأشجار للسقي بكثرة ويكثر في هذا النجم تواجد العقارب .


بظهورها يبدأ فصل الصيف ( القيظ ) فهي أولى منازله وهي النجم الثاني من نجوم مربعانية القيظ أي المنزلة الثانية من نوء ( مربعانية القيظ ) والمنزلة الثالثة من منازل نوء ( الثريا ) وهذا النجم يعرف بالبارح الأول والثريا ( النجم ) أشهر العناقيد النجمية معروفة منذ أقدم الأزمنة ومعروفة عند العرب من أيام الجاهلية وترد في أشعارهم من غير تكلف وقد استعملوها كمقياس لقوة الأبصار ويهتم الناس برؤيتها عند الفجر حيث يمكن مشاهدتها عند طلوعها في جهة الجنوب الشرقي أقرب إلى الشرق منها إلى الجنوب وهي سبعة أنجم ظاهرة مجتمعة من النجوم الشامية وكان العرب يسمون الثريا باسمها لأنهم كانوا يتبركون بها وبشروقها ويقولون إن المطر الذي يحدث في أثناء شروقها أو غروبها يجلب الثروة وكانت الثريا هي المنزل الثالث من منازل القمر حيث أن العرب قسّموا المناطق التي يمر فيها القمر في السماء إلى ( 28) منطقة تفصل بينها مسافات متساوية أسموها منازل القمر وقد كانت تميّز ( 6) من نجومها بالعين المجرّدة وكانوا يشبهونها بعنقود العنب لتقاربها ونتيجة لذلك فقد سموها كلها مع بعضها ( النجم ) وقيل سميت لغزارة نوئها ولكثرة كواكبها وهي أشهر منازل القمر وفيها ترتفع أسباب التلف عن الثمار واشتهر أوانها بسرعة برء الجروح بإذن الله عز وجل لجفاف الجو وفيها يشتد الحر والسموم ويندر نزول الأمطار وتكثر فيها هبوب الرياح والعواصف وتغور المياه وترتفع عاهات الثمر ويرتج البحر وييبس العشب ويستمر فيها موسم ( البوارح ) وهي الرياح الشمالية المحملة بالغبار والأتربة والتي تمتاز بأنها رياح مستمرة غير مستقرة لذلك فان فرص تقلب الجو وهبوب الرياح المثيرة للغبار العالق لا زال حدوثها متوافر حيث تهب الرياح مع طلوع الشمس ويشتد عصفها بالتدريج مع اشتداد الحرارة ثم تهدأ مع غياب الشمس ويترسب الغبار على الأشياء وللمعلومة فموسم هبوب البوارح يمتد من أواخر شهر نيسان ( إبريل ) حتى منتصف شهر تموز ( يوليو ) فأهل الزراعة يعرفونها بالجوزاء الأولى والعرب يسمونها الثريا أو النجم وتقول العرب ( إذا طلع النجم فالحر في حدم والعشب في حطم والعاهات في كدم وقولهم إذا طلع النجم غديه ابتغى الراعي شكيه ) ومعنى حدم يراد بها شدة وفي كدم أي في ازدياد والشكيه هي القربة الصغيرة وتختفي فيها الحشرات الربيعية ويبدأ فيها تلون البلح في طلع بواكير النخل وبداية نضج الثمار المنزلة الثالثة من منازل نوء ( الثريا ) يطيب فيها ركوب الخليج العربي للغواصين لإستخراج اللؤلؤ ويحبس الماء فيها عن الأشجار وقت تزهيرها لئلا تسقط الثمر ولا تسقى إلا عند الضرورة ويجب فيه التوقف عن ري أشجار العنب عند بدء تلون حبات ثمرها ويجب العناية بري الأشجار حتى لا تتساقط من أثر كثرة الري أو قلته ويزرع في منزلة الثريا القرعيات والذرة والقثاء والملوخية والكوسة .





ويعرف بالتويبع أوالبارح الثاني عدد أيامه ( 13) يوم وهو آخر نجوم مربعانية القيظ والتويبع تصغير لفظة ( تابع ) والتابع أو تابع النجم هو اسم نجم الدبران وقد وصف بذلك تفاؤلاً من لفظه حيث أنه يتبع الثريا ويمشي خلفها ويأتي في دبرها يغيب أو يطلع بعدها ومن هنا أيضا جاء اشتقاق اسم الدبران ومن أسماء نجم الدبران ( الدوران وتالي النجم لكونه يطلع تلو الثريا وحادي النجم والمجدح وعين الثور وتابع النجم وقد يطلق فيقال ( التابع ) وسموا الدبران نسبة إليها حيث أنه يَدبرها ( أي يتبعها ) أثناء الدورة الظاهرية للكرة السماوية حيث أنه يُشرق ويَغرب بعد الثريا وقد سمى العرب الفجوة بين الثريا والدبران بالضّيقة وذلك لأنهم على عكس الثريا كانوا يتشاءمون بشروق الدبران وينتحسون به ويَقولون أنه عندما تمطر أثناء شروق أوغروب الدبران فإن السنة تكون جدباء وقد كان العرب يقولون عن الجوزاء ( الجبار ) أنها تردف الثريا حيث أن ( ردف ) جرم لجرم آخر تعني أن الأول أصبح ( ردفاً ) للثاني أي أصبح خلفه وكان العرب يقولون ( إذا الجوزاء أردفت الثريا ) وذلك لأَن الجوزاء خلف الثريا كالردف وحسب ماتناقلته الأساطير العربية كان الدبران شخصاً فقيراً معدماً في حين أن الثريا كانت فتاة جميلة وشابة وقد أبهرت الدبران فعزم على خطبتها لكنه كان يريد لأحد أن يرافقه إلى الخطبة ولم يجد أحداً فذهب إلى القمر وطلب منه أن يحاول بقدر استطاعته تزويجه منها فاستجاب القمر وذهب إليها لكنها رفضت وبعد أن ألحّ عليها قالت ( ما أصنع بهذا السبروت الذي لا مال له ؟ ) فرجع القمر وأخبر الدبران بما حدث لكن الدبران أصرّ على الزواج منها ولم يكن يملك إلا غنماً فأخذه كله إلى الثريا لكي تقبل بالزواج منه والعشرون غنمه التي ساقها الدبران إلى الثريا هي ماأصبح يسمى بالقلاص أوالقلائص والذي أصبح اسماً لعنقود نجمي يظهر قريباً من الدبران في السماء والنجمان القريبان من الدبران هما كلباه والذين اصطحبهما معه ومع الأغنام وهكذا أصبح الدبران يدبر ( يتبع ) الثريا في السماء إلى الأبد ومعه أغنامه يدبرها أينما ذهبت وبهذا أصبح الدبران رمزاً للوفاء في حين أن الثريا أصبح رمزاً للغدر وقد جاء في بعض الأمثال العربية أوفى من الحادي ( الدبران ) وأغدر من الثريا والدبران ثاني منزلة من منازل نجوم الصيف وهو نجم أحمر نيّر حوله مجموعة نجوم كثيرة ثاني يوم فيه أطول نهار في السنة وأقصر ليل وفي أثنائه ينتهي قصر الليل ويتوقف ثلاثة أيام ثم يأخذ الليل في الزيادة يكثر فيه السموم والغبار وتشتد فيه حرارة الجو وتسود فيه الرياح الشمالية الجافة والحارة والشمس فيه تنصرف إلى الجنوب تجاه خط الاستواء ويسود فيه موسم الرياح الشمالية المحملة بالغبار والأتربة التي تمتاز بأنها رياح جافة لافحة حارة غير مستقرة تنشط على فترات وتبلغ ذروتها وسط النهار وتقول العرب ( ماذكر وادي في التويبع سال ) وفيه مايعرف بحر الإنصراف حيث تقول العامة فيه ( ما حر إلا بعد الإنصراف ولا برد إلا بعد الإنصراف ) أي بعد انصراف الشمس من الجهة الشمالية إلى الجنوبية وهذا النجم من النجوم الشامية حيث ينضج فيه العنب ويحمر ويطيب أكله وفيه بداية تزهير شجر الأثل وباكورة الرطب في الإحساء وتنضج فيه ثمار البمبر ويزداد فيه تلون البلح في طلع النخل ويتوفر فيه التين والمشمش ويكثر فيه تواجد ثمار التين الشوكي ( البرشومي ) يستحب فيه تناول المبردات واستعمال ما طبعه البرودة والرطوبة وتحتاج فيه المزروعات إلى كثرة السقي ويحمد فيه أكل البقول والبصل ويبدأ في اليوم الرابع منه قطع الأخشاب إلى نهاية منزلة الهنعة ويستحسن تغطيتها بورقها لئلا تفطرها الشمس ومن المزروعات التي تزرع فيه الذرة الشامية والقثاء والملوخية والكوسة والبقدونس والجرجير ويبدأ فيه ازدياد تلون البلح وتقول العرب في دخوله ( إذا طلع الدبران توقدت الخدان ويبست الغدران واستعرت النيران واستنمرت الذيبان ورمت بأنفسها حيث شاءت الصبيان ) دلالة على اشتداد الحر والسمائم هي الريح الساخنة والخدان الأراضي العالية ويقولون أيضاً ( إذا طلع الدبران هبت السمائم وأسود العنب ) .






بداية طلوع الجوزاء الأولى من نجوم الراعي وتسميه بعض العامة محلف الشعرى وتقول العرب ( إذا طلعت الجوزاء توقدت المعزاء وكنست الظباء وعرقت العلباء وطاب الخباء ) ويعنون بطلوع الجوزاء الهقعة والهنعة معاً والمعزاء هي الأرض الصلبة تتوقد من شدة حر الشمس وقولهم كنست الظباء أي أنها تدخل الكنس من شدة الحر والكنس وواحدها ( كناس) وهو المخبأ فتصاد فيه ويقال ( إذا طلعت الهقعة تقوص الناس للقلعة ورجعوا عن النجعة وأردفتها الهنعة ) ومن أبرز الملامح الطبيعية لنوء ( الجوزاء ) هو سيطرة منخفض الهند على معظم أجواء الجزيرة العربية التي يتبع الظواهر التالية كاشتداد الحر ( جمرة القيظ ) وكثرة السموم والعواصف وكثرة الغيوم المتجهة من الشرق إلى الغرب وارتفاع الرطوبة النسبية وحدوث بعض فترات السكون التامة للرياح ونضوج ووفرة الفواكه الصيفية بالإضافة لنضوج بسر بواكير نخيل التمر ويسود السواحل خلال تلك الفترة ارتفاع في درجة الحرارة وفي معدلات نسب الرطوبة وتستمر بشكل متكرر والهقعة وخواصها ثلاثة كواكب تشبه الأثافي و ( الأثافي ) هي الحجارة التي توضع تحت القدر من ثلاث جهات وهو أي الهقعة نجم من النجوم الشامية والمطر فيه نادر ويكثر فيه السموم ويشتد فيه الحر ويقال إن فيه حبست الشمس ليوشع بن نون عليه السلام عند فتح عسقلان وسميت الهقعة تشبيهاً بدائرة تكون في عنق الفرس والهقعة المنزلة الثالثة من منازل فصل الصيف وأول منزلة من منازل نوء الجوزاء وفيه يستمر قطع الأعشاب حتى نهايتة وتغطى بورقها لئلا تفطرها الشمس ويزرع فيها بعض الخضروات والفواكه وينضج فيه العنب ويجب فيه التوقف عن ري أشجاره إلا عند الحاجة ويبدأ فيه نضج بواكير النخيل وتتوفر الفواكه الصيفية وينصح فيها المزارعون بكثرة سقي المزروعات مع تقصير فترات الري وعدم الإسراف ومن المزروعات التي تزرع في الهقعة البطيخ والشمام والباذنجان والذرة والقثاء والقرعيات والملوخية والكوسة والخيار والجرجير والقرع النجدي وقيل ( من غرس فيها شجراً بالتراب لا يسقط من ثمره شيء ) وفي الهقعة يكثر انتشار الذر ( النمل الصغير ) .


هي الجوزاء الثانية أوكلة القيظ التي تستمر أربعين يوم وفيها أشد أيام السنة حرارة وفيها فترة الباحورة التي تستمر مدة ثمانية أيام وهي الفترة التي يكون فيها الجو عادة شديد الرطوبة وخصوصا على المناطق الساحلية حيث يظهر الضباب ويلاحظ بأن الرياح تقل شدتها وتصبح أكثر هدوء من ذي قبل فيها نهاية الجفاف وبداية موسم الرطوبة الشديدة والحرارة العالية ويلاحظ في هذه الفترة أن الرياح تقل حدتها وتكون متقلبة الاتجاه كما تظهر بعض الغيوم التي تسبب بعض الرطوبة في الجو كما أن موسم السفر والغوص يبدأ في هذه الأيام والهنعة من نجوم الراعي وهذا النجم من النجوم الشامية ويعتبر الطالع الرابع من طوالع فصل الصيف آخر منزلة من منازل نوء الجوزاء وتعرف عند عامة أهل الحرث باسم ( الجوزاء الثانية ) وعدد أيامه (13) يوم وبدايته 16/7 يوليو ( تموز ) وهو كوكبان أبيضان مفترقان في المجرة بين الجوزاء والذراع بينهما قيد سوط وسميت هنعة من قول : هنعت الشيء إذا عطفته وثنيت بعضه على بعض فكأن كل واحد منهما منعطف على صاحبه وسبق أن ذكرنا في الجوزاء الأولى أن العرب تقول ( إذا طلعت الجوزاء توقدت المعزاء وكنست الظباء وعرقت العلباء وطاب الخباء ) ويعنون بطلوع الجوزاء الهقعة والهنعة معاً وفي هذا النجم ( الهنعة ) تزداد السموم حتى منتصف الليل وتكون الرياح ساكنة وتتكاثر الغيوم المتجهة من الشرق إلى الغرب ( منخفض الهند ) بما يتبعها من رطوبة وعواصف وفي هذا الطالع ينصح الزراعيون بالإكثار من ري المزروعات المزروعة وهي آخر زراعة القيظ حيث زراعة الملوخية والذرة والبطيخ والشمام والباذنجان والذرة والقثاء والملوخية والكوسة والقرع والثوم ويتوفر رطب النخيل وبنتهاء الهنعة يبدأ باطن الأرض بالبرودة وينصح المزارعون بكثرة سقي المزروعات مع تقصير فترات الري وعدم الإسراف وفيه تتساقط أوراق الشجر من شدة الحر ( جمرة القيظ ) وتهب في هذا النجم عواصف بحرية وتبدأ طيور الغرانيق بالمجيء .








و يسمى بالمرزم ( الشعرى اليمانية ) وهو أسطع النجوم في السماء ليلاً وأكثرها لمعاناً وبريقاً وهو رابع ألمع جرم في السماء بعد الشمس والقمر وكوكب الزهرة وبذلك يعتبر ألمع نجم في السماء يطلق عليه أهل البحر أسم ( التير ) ويسميه أهل البادية في منطقة نجد في الجزيرة العربية ( المرزم ) إذ يتزامن ذلك مع آخر باحورة القيظ وأول القدحة التي تتسم بشدة سطوع الشمس وعدد أيامه (13) وهو ذرع الأسد المقبوضة وهما نجمان بينهما مقدار سوط وهو محمود قلما يخلف مطره في البلدان الممطرة صيفاً حيث تتشكل فيه الغيوم ويشتد فيه الحر والسموم والرطوبة مع حدوث عواصف ترابية وغيوم ويعرف عند العامة بطلوع المرزم وهو من النجوم الشامية والنجم الخامس من نجوم الصيف وأحرّها والمرزم نجم كان يقال له عند العرب القدماء مرزم الذراع ويقال أيضاً في الأمثال الزراعية ( إذا غاب المرزم فالزم ) ويعني ذلك الإمساك عن أعمال الزراعة لفوات وقت زراعتها وتقول العرب ( إذا طلع الذراع حسرت الشمس القناع وأشعلت في الأفق الشعاع وترقرق السراب بكل قاع وكنست الظباء والسباع ) وتنشط فيه رياح السموم اللاهبة وتسود فيه الرياح الشمالية الشرقية وتهب فيه ( أحياناً ) العواصف الترابية ويكثر الرطب في كثير من النخيل وتقول العرب كذلك ( إذا طلع المرزم يملاء المحزم ) أي يملاء مافوق الحزام من باكورة الرطب وتقول العامة أيضاً ( إلا جاء المجر على المسر شبع الحصيني والجعر ) أي إذا جاءت المجرة على سر النائم على ظهره يشبع الحصيني والكلب من التمر أي بمعنى إذا توسطت المجرة في كبد السماء وتستمر فيه سقيا الأشجار بدون إسراف أوتقتير يزرع في منزلة الذراع فسائل النخيل والبطيخ والشمام والذرة الصفراء والقثاء والخيار والملوخية والجرجير والقرع والباذنجان والكوسة والبصل والفلفل والثوم والباميا والطماطم والملفوف وزهرة القرنبيط والسمسم ويعرف عند عامة أهل الحرث باسم ( المرزم ) و ( طباخ الرطب ) و ( صبّاغ اللون ) و ( طباخ التمر ) وينصح فيه المزارعون بكثرة سقي المزروعات مع تقصير فترات الري وعدم الإسراف فيه آخر زراعات القيظ ويتم فيه قلع فسائل النخيل وزراعتها حتى نهاية شهر أيلول ( سبتمبر ) ويتم فيه استخراج اللؤلؤ من قاع الخليج العربي ويتم فيه جني ثمار النخيل حتى منتصف شهر تشرين الثاني ( نوفمبر ) ينضج فيه الرمان ويكثر فيه ليمون أبو زهيرة ويكثر في آخره الرطب والفواكه الصيفية وخلال هذه الفترة يرتفع نشاط وهياج الأفاعي والزواحف بمختلف أنواعها وتنتشر بشكل كبير خلال فترة الليل بسبب ازدياد معدلات الرطوبة خصوصاً على السواحل وفيه بوادر موسم صيد الدخل .



المعروف بالكليبين من نجوم الراعي وتسمى ألف الأسد تطلع من ناحية الشرق فجراً وتغرب من ناحية الغرب مغرباً وعلامة طلوعها توسط الشرطين فجراً والقلب عشاءاً وعدد أيامه (13) يوماً وهما نجمان خفيان بينهما شبه سحابة من النجوم الشامية وهو النجم السادس من نجوم الصيف وتقول العرب (إذا طلعت النثرة أحمرّت البسرة وجني النخيل بكرة وآوت المواشي حجرة ويوشك بأن تظهر الخضرة ) وتقول أيضا ( الكليبين مد ومدين ) أي مايدرك من ثمار النخيل وفيه ( كنة سهيل ) ومن المتغيرات في هذا النجم هو أن باطن الأرض يبدأ بالبرودة ويتلطف الجو قليلاً خصوصاً في المساء ويستحب فيه تناول الأطعمة والأشربة الباردة ويستحب أيضاً الإستحمام عند كل غداة بالماء البارد وشرب المخيض من الألبان المنزلة السادسة من منازل فصل الصيف وينهى فيها عن أكل اليابس والحار ويقال إن كل يوم من نوء النثرة تظهر آفة لإفساد الثمر ويكثر في آخرها خراف التمر وتبدأ فيها الزراعات الخريفية المبكرة والعروات المبكرة من الخضروات والورقيات والدرنيات ويتم فيها قلع فسائل النخيل وزراعتها حتى نهاية شهر أيلول ( سبتمبر ) ويتم فيها جني ثمار النخيل حتى منتصف شهر تشرين الثاني ( نوفمبر ) وينصح فيه بكثرة سقيا المزروعات ويزرع في منزلة النثرة فسائل النخيل والبطيخ والشمام والباذنجان والذرة الصفراء والقثاء والخيار والملفوف والقرع والكوسة والباميا والفاصوليا واللوبيا والبصل والفلفل وزهرة القرنبيط والسمسم والجزر واللفت والسبانخ والطماطم ( زراعة خريفية ) مع ملاحظة جعلها في موضع دافئ وفي هذا النجم تغور المياه السطحية ويرى سهيل في منتصف هذا الطالع قبل طلوع الشمس وتهدأ العواصف وتزداد الرطوبة ويبدأ نضوج الرمان ويبدأ فيه شتلات الطماطم والفلفل والباذنجان والبصل .






أو سهيل الصفري وعدد أيامه ( 13 ) وهو النجم السابع من نجوم الصيف والنجم الأول من نجوم الصفري أي بمعنى أنه بداية نجم سهيل الذي يرى بالبصر وعدد أيامه ( 53 ) يوماً وسمي بسهيل اليماني حيث قسّموا العرب الأوائل القبة الفلكية إلى نصفين شمالي ونسبوا نجومه إلى الشام وجنوبي ونسبوا نجومه إلى اليمن وقسّموا منازل القمر الثمانية والعشرين إلى قسمين ( 14 ) منزلة شامية وتقع إلى شمال سمت الرأس و ( 14 ) أخرى يمانية تقع إلى جنوب سمت الرأس وذلك بالنسبة لعروض مكة وما حولها إذ كان العرب يعتبرون سمت مكة وسطاً فما وقع شمالها فهو شامي نسبة للشام وما وقع جنوبها فهو يماني نسبة لليمن ونجم سهيل يقع في النصف الجنوبي من القبة الفلكية بالنسبة لأفق الجزيرة العربية لذا سمي بسهيل اليماني أو البشير اليماني أما الطرفة فهي طرف الأسد وهما نجمان أحدهما نيّر واضح يرى قبل أوانه وهو من النجوم الشامية وتقول العرب ( إذا طلعت الطرفة بكرت الخرفة وكثرت الطرفة وهانت للضيف الكلفة ) بمعنى أن خرفة التمر تبكر في وقت طلوعه وتكثر الطرفة عندهم وتهون الكلفة للضيف لكثرة التمر في ذلك الوقت كما تقول العرب أيضاً ( إذا طلع سهيل طاب الليل وأمتنع القيل ولام الفصيل الويل ورفع الكيل وتقول العامة ( إذا طلع سهيل تلمس التمر في الليل ) وقد وصفت العرب الأجواء التي تصاحب خروج سهيل بقولها ( إذا طلع سهيل برد الليل وخيف السيل ونزل على أم الحوار الويل ) وتقول البادية ( سهيل يظهر بالسماء ويهيج بالقاع البعير ) والحاضرة تقول ( إنتبه لسهيل ياللبيب إذا زاد الماء بالقليب ) كما تقول العامة أيضاً ( سهيل مكذب العداد ) وأيضا قولهم ( الصيف أوله طلوع الثريا وآخره طلوع سهيل ) وهناك من يقول ( لا دلق سهيل لا تأمن السيل ) فعندما تكون الرياح جنوبية تبدأ رؤية الغيوم ويكون هناك أمل في الأمطار أما إذا أتت شمالاً فتكون فرصة هطول الأمطار ضئيلة ويبدأ الوقت في البرودة مبكراً لذلك نجد أن الليل يبرد في الطرفة ويتلطف الجو خاصة بعد غروب الشمس وفي المساء ويتحسن الطقس نهاراً خصوصاً في الصباح والمساء مع استمرار الحر في وسط النهار والسموم ويبرد فيه آخر الليل مع مرور الأيام أما الرياح في معظمها تهب من الجهتين الجنوبية والجنوبية الشرقية ومع بداية سهيل يبدأ منخفض الهند الموسمي بالتراجع جنوباً وتبدأ الرياح القوية هبوبها حيث يطلق عليها هبايب سهيل حيث تعمل على تلطيف الجو ويبدأ الغزو النسبي الحاد للرطوبة المرتفعة من بداية أغسطس وتتزامن ذروتها مع طلوع نجم سهيل وتستمر الى منتصف سبتمبر ويطلق عليه وعكة سهيل وفيه يطول الليل ويقصر النهار وفي نجم الطرفة يفيء الظل ويبداء نضج الليمون ويوجود فيه سائر الفواكه وينضج التمر ويكثر خرافة ونزوله إلى الأسواق والطرفة آخر نجوم الصيف وتغرس فيه فسائل النخيل والخضار فيه إبتداء نضج الرمان كما يزرع والبطيخ والشمام والبرسيم الخريفي والباذنجان والذرة الصفراء والقثاء والخيار والملفوف والقرع والكوسة والباميا والفاصوليا واللوبيا والبصل والفلفل وزهرة القرنبيط والسمسم واللفت والسلق والسبانخ والطماطم ( زراعة خريفية ) كما تنشر فيه الأقمشة الصوفية لئلا يدخلها السوس وتهاجر في الطرفة الطيور الصغيرة مثل الدخل وتهاجر طيور الصفار وفيه بداية هجرة طائر القمري ( القميري ) وتتواجد فيه بعض الطيور المهاجرة .


هو بداية أول نجوم فصل الخريف ( الجبهة ) الذي هو النجم الثاني من نجوم الصفري ولو عددنا نجوم هذا الفصل ( الخريف ) لوجدناها ( 7 ) نجوم هي على التوالي ( الجبهة ، الزبرة ، الصرفة ، العواء ، السماك ، الغفر ، الزبانا ) فالجبهة الذي تطلع من ناحية الشرق فجراً وتغرب من ناحية الغرب مغرباً وعلامة طلوعها توسط الثريا فجراً والنعائم عشاءاً عدد أيامها ( 14 ) يوماً وسميت بجبهة الأسد وهي أربع نجوم شامية بين كل كوكبين في رأي العين قدر سوط وهي معترضة من الجنوب إلى الشمال نوؤها محمود ويقال ( ماإمتلاء وادي من نوء الجبهة ماء إلا أمتلاء عشباً ) فمطره نافع بإذن الله ويقال ( إذا طلعت الجبهة تحانت الولهة وتنازت السفهة وقلت في الأرض الرفهة ) وتقول العامة ( أيلول لا قيلول ) ويعرف عند أهل الحرث بالأشراط وينهى فيه عن النوم ليلاً تحت أديم السماء فيه يتحسن الطقس نهاراً وفي هذا النجم إبتداء صرام النخيل ونضج الليمون ويستمر فيه غرس النخيل وشتل الأشجار وزراعة الخضروات ويتم فيه شتل الخس و يكثر في آخرها خراف التمر ويقلع فيه فسائل النخيل وتستمر فيه الزراعات الخريفية المبكرة والعروات المبكرة من الخضروات والورقيات والدرنيات ويزرع في منزلة الجبهة فسائل النخيل والبرسيم والشعير والذرة البيضاء والخيار والملفوف والبطاطا الحلوة والقرعيات والكوسة والفاصوليا والبصل والفلفل والبصل الأخضر والكراث وزهرة القرنبيط والبطاطس واللفت والفجل والشمندر والجزر والسلق والسبانخ والبقدونس والكراث والجرجير والخس والطماطم ( زراعة خريفية ) مع ملاحظة جعلها في موضع دافئ كذلك نباتات الزينة وفي هذا النجم تنشر الملابس الصوفية وتبدأ هجرة طيور ( القمري ) والكرك الصغير .


عدد أيامه ( 13 ) يوماً وهي زبرة الأسد أي كاهله والكاهل هو مغرز العنق وهما نجمان مضيئان شاميان ( أي من النجوم الشامية ) بينهما مقدار سوط وهما من القدرين الثاني والثالث ويقع هذا النجم بين نوء الجبهة في الشمال الغربي وبين نوء الصرفة في الجنوب الشرقي شمال خط الإستواء وفيه يبرد الليل مع السموم بالنهار ويرى فيه نجم سهيل بالبصر وهو النجم الثاني من نجوم الخريف والنجم الثالث من نجوم الصفري وتقول العرب ( إذا طلعت الزبرة طاب الزمان وجني البسر في كل مكان ) ويعرف عند أهل الحرث بـ ( الدلو ) من نجوم الراعي وفي آخره يتساوى الليل والنهار وبالتحديد في 27/9 سبتمبر ( أيلول ) ثم بعد هذا التساوي بين الليل والنهار يبدأ الليل بالزيادة وفي نوءه مطر بإذن الله وفيه يبرد الليل مع سموم في النهار وينصح بعدم النوم فيه تحت أديم السماء وتكون الرياح فيه مائلة للسكون وفي هذا النجم ينضج الليمون وابتداء صرام النخيل كذلك فيه تزرع فسائل النخيل ويشتل فيه الطماطم والباذنجان والبصل والخس والكراث والجرجير والجزر والفاصوليا والبقدونس والخيار والذرة البيضاء والبطاطا الحلوة والفجل والكوسة والجزر واللفت واللوبيا والقرع والباميا زراعة خريفية متأخرة والذرة الشامية والفلفل والملفوف والقرنبيط والشمندر والبرسيم وتسقى فيه النخيل بكثرة وتغرس فيه أشجار الزينة كالورد والأشجار الخشبية كالكافور والكينا والنجيل ( الثيّل ) وتهاجر فيه طيور القمري وفيه يستعد البحارة لختام موسم الغوص لإستخراج اللؤلؤ حيث كانت بداية موسمهم للغوص والبحث عن اللؤلؤ في أول إبريل ( نيسان ) وينتهي في آخر سبتمبر ( أيلول ) وكما هو معروف فقد إشتهر الخليج العربي بالغوص للبحث عن اللؤلؤ وكانت تلك الرحلات التي يقومون بها شاقة وخطرة لذا كانت أولى خطوات البحث عن اللؤلؤ هو بإختيار الوقت المناسب لإنطلاق الرحلة وأنسب الأوقات عندما تميل مياه الخليج للدفء وتكون عادة من شهر إبريل ( نيسان ) إلى شهر سبتمبر ( أيلول ) .



نجم من نجوم الخريف وعدد أيامه ( 13 ) يوماً وهو نجم واحد مضيء حول نجوم صغار طمس من النجوم الشامية تسمى قلب الأسد وسمي بالصرفة لإنصراف الحر عند طلوعة غدوة وفيه يتساوى الليل والنهار وتقول العرب ( إذا طلعت الصرفة احتال كل ذي حرفة وجفر كل ذي نطفة وامتيز عن الماء زلفة ) بمعنى قولهم احتال كل ذي حرفة أي أن الشتاء قد أقبل وكل ذي حرفة يضطرب ويحتال للشتاء بما يصلحه به وقولهم جفر كل ذي نطفة أي أن الحوامل من الإبل قد ظهر حملها وعظمت بطونها فليس يدنو منها الفحل وقولهم امتيز عن الماء زلفة أي أنهم يخرجون متبدين ويفارقون المياه التي كانوا عليها لطلب الكلأ ويقال ( الصرفة ناب الدهر ) لأنها تفتر عن فصل الزمانين وفي الصرفة يعتدل الجو نهارا وتزداد برودته في الليل وتختفي فيه السحب القادمة من جهة الشرق إلى الغرب وتتلاشى الرطوبة والسموم وفي منتصفها تبدأ ظهور السحب والمزن من جهة الغرب وغالباً ما يكون في نوئها مطر وريح وتبرد فيها درجة حرارة الماء صباحاً ويبدأ في نهايتها دخول أيام مطر نوء ( الوسمى ) المنبت للكمأ ومطر الصرفة يسمى ( الهرف ) في عرف مزارعي نجد وفيها تتم هجرة طيور الماء والبط والكراكي ( الغرانيق ) وتهاجر فيها طيور الحبارى والسمقان وللمعلومية فنجم الصرفة هو النجم الرابع والأخير من نجوم الصفري التي فيها نهاية موسم الغوص الكبير الذي هو موسم ( القفال ) أي عودة جميع الغواصين من رحلة الغوص على اللؤلؤ وفي هذا النجم تحرث الأرض للزراعة ويحصد الأرز ويستمر جني ثمار النخيل وينصح المزارعون بكثرة سقي المزروعات ومنها القمح والذرة البيضاء والشعير والحبة السوداء والبقدونس والكرفس والكزبرة واليانسون والخس والسبانخ والكراث والجرجير والنعناع والهندباء والبصل والفلفل والثوم والبطاطس والبطاطا الحلوة والفجل والشمندر والسلق والجزر واللفت والبازلاء والفاصوليا والفول والليمون والفراولة والبرسيم كما يستمر غرس فسائل النخيل وتزرع الخضار الشتوية .






هو أول طالع من نجوم الوسم الذي عدد أيامه ( 52 ) يوم وعدد أيام طالع العواء ( 13 ) يوماً وهو أربعة نجوم من النجوم الشامية تشبه حرف اللام المعكوسة ويقال أنها ورك الأسد وقيل له العواء لأنه يبدو يعوي كما الذيب ويعرف عند أهل الحرث بثريا الوسم وهو النجم الرابع من نجوم الخريف والأول من نجوم الوسم يعتدل الجو فيه نهاراً ويبرد ليلاً ومطره محمود وغزيز إن أمطر ونوء الوسم ليس نجم إنما هي صفة اتصفت بها مجموعة الأيام التي ينزل فيها المطر الواقعة بين نوء سهيل ونوء المربعانية حيث أن ذلك المطر النازل في تلك الأيام يسم الأرض بالإخضرار فينتج عنه بفضل الله سبحانه وتعالى أن ينبت الفقع والشيح والروض والنفل وكافة الأعشاب البرية لذلك قالوا عنه وسم وللمعلومة فأول أمطار الوسم يسمى ( عهاد ) والسحاب المبكر الذي يظهر مع دخوله يقال له ( المرابيع ) واحدها مرباع كمرابيع الإبل وهي التي تنتج في أول الزمان ويقال للمكان السريع النبات ( مرباع ) ومن أهم مظاهر وعلامات دخول الوسم ( نوء الوسم ) والتي تدل على دخوله تخلق السحب واتجاهها من الغرب إلى الشرق ويكون الجو رطب خاصة في الأيام الأولى منه أما الرياح فتكون متقلبة الإتجاه وسرعتها خفيفة ويلاحظ ازدياد برودة آخر الليل وفي الأيام الأولى من الوسم قد تسقط بعض قطرات المطر إلا أن هذه القطرات تتبخر قبل أن تصل إلى الأرض وفي آخر الوسم تهب الرياح الشديدة الباردة خاصة الجنوبية المؤذنة بدخول فصل الشتاء ومن منازل الوسم ( العواء والسماك والغفر والزبانا ) ففي المنزلة الأولى من منازل الوسم تقول العرب ( إذا طلعت العواء ضرب الخباء وطاب الهواء وكره العراء وشنن السقاء أي يبس ) ويقال العواء يمد ويقصر أي بداية شدة الزمان وينبت مع أول أمطاره الفقع والنفل والأعشاب البرية ويستمر فيه غرس النخيل والبرسيم والبطاطس والبصل والفاصوليا والطماطم والخس والثوم وغيرها من الخضروات والحبوب كالقمح والذرة البيضاء والذرة الرفيعة والشعير والحبة السوداء والبرسيم والبقدونس والكرفس والكزبرة واليانسون والسبانخ والكراث والجرجير والنعناع والهندباء والخبيز واللخنة والفلفل والبطاطا الحلوة والفجل والشمندر والسلق والجزر واللفت والبازلاء والفول والليمون والبنزهير والفراولة إضافة للخضار الشتوية وفي نجم العواء تتوالد الأغنام ويبدأ فيه هيجان الإبل وتبدأ هجرة الصقور وطيور الحباري والكروان والسمق .




آخر النجوم الشامية وعدد أيامه (13) يوم وهو نجم واحد مضيء أزهر نيّر يقال له الأعزل وطلوعه مع الفجر ويظهر في جهة الشمال ومطره غزير إن أمطر وينبت فيه النشر وهو نبت إذا رعته الإبل مرضت وتقول العرب ( إذا طلع السماك ذهب العكاك أي الحر وقل على الماء اللكاك أي الإزدحام عليه لقلة شرب الإبل للماء في ذلك الوقت ) ويقال أيضاً (لايطلع السماك إلا وهو غارز ذنبه في برد ) وهو النجم الخامس من نجوم الخريف والثاني من نجوم الوسمي وآخر النجوم الشامية تزداد فيه برودة الجو ليلاً وتهب فيه االرياح الجنوبية ويكون الهواء فيه رطباً وتكون الرياح فيه متقلبة الإتجاه وخفيفة السرعة وتهب فيه الرياح مثيرة الغبار والأتربة وفي هذا النجم تقل الرغبة لشرب الماء لإزدياد برودة الجو وتهيج فيه أمراض الحساسية بأنواعها المختلفة ( كالربو ) بسبب التقلبات الجوية وكذلك نزلات البرد ويزرع فيه القمح والذرة البيضاء والذرة الرفيعة الشعير والحبة السوداء والبقدونس والكرفس والكزبرة واليانسون والبابونج والخس والسبانخ والكراث والجرجير والنعناع والهندباء والخبيز واللخنة والسلق والبصل والفلفل والثوم والحلبة والعصفر والكمون والزعتر والترمس والبطاطس والبطاطا الحلوة والفجل والشمندر والسلق والجزر واللفت والبازلاء والفاصوليا والفول والحمص والعدس والليمون والبنزهير والطماطم والفراولة وتزرع العروة الخريفية من البرسيم وكل مايزرع في نجم العواء ويقلل من سقي النباتات وفيه يشتل البصل في الحقول المستديمة وتسمد الأشجار ويضاف إليها السماد العضوي ( الدبال ) ويقطع فيه الأثل وعسبان النخيل الجريد اليابس وبعد (10) أيام من هذا النجم يكون بداية زراعة البر زراعة شتوية وتحمى فيه خلايا النحل من البرد وفيه هجرة الكرك ( الأصلع ) وبداية هيجان الإبل .

عدد أيامه ( 13) يوم وهو ثلاث نجوم طمس خفية بين زباني العقرب وبين السماك الأعزل على خط فيه تقويس من القدر الرابع وهو أول النجوم اليمانية وتبدأ فيه المظاهر الشتوية وتزداد برودة الجو ليلاً أكثر من ذي قبل مع اعتدال في النهار وتهب فيه رياح الجنوب ويبدأ البحر فيه بالهيجان وتلبس الملابس الدافئة وتقول العرب ( إذا طلع الغفر أقشعر السفر وتربل النضر وحسن في العين الجمر ) ومعنى السفر المسافرون وتربل النضر ذهبت النضارة عن الأرض والشجر وهو النجم السادس من نجوم الخريف والثالث من من نجوم الوسم مطره ينبت الكمأة بإذن الله وتهب فيه رياح الجنوب ويبدأ البحر فيه بالهيجان ويغيب فيه نجم قلب العقرب وفي هذا الوقت يسكن النمل في باطن الأرض ويبدأ لون الأترنج بالإصفرار ولاتقطع فيه الأشجار والنخيل لئلا تأكله الأرضه ( السوس ) ويتم فيه قطع كرب ( تكريب ) النخيل وتزرع فيه الخضروات والشعير والقمح والفول والبرسيم والعدس والبصل والعصفر والكمون والكزبرة والبقدونس والثوم ويشتل الخس ويزرع كذلك فيه الكرفس والبابونج والخس والسبانخ والكراث والجرجير والهندباء والخبيز واللخنة والسلق والرجلة والحلبة والزعتر والترمس والبطاطس والشمندر وقصب السكر والجزر واللفت والبازلاء والحمص والمشمش والخوخ واللوز ويحبس الماء عن الأشجار التي تسقط أوراقها في الشتاء كالعنب والرمان والتين التي تربتها طينية أما الرملية فتقلل السقي ويصلح فيه نقل الأشجار والنخيل ويضاف الدفعة الثانية من السماد الكيماوي والسماد العضوي (الدبال) إلى الأشجار إذا لم يكن أضيف من قبل ويحتمل أن يظهر مرض الندوة العسلية ( الدباس ) وهو كثيراً ما يصيب المزروعات وعلى وجه الخصوص نبات الكوسة لذا يجب تعغيرها بالكبريت في وقت مبكر من الصباح وفي هذا النجم تذهب الحدأة والرخم والخطاف إلى الكهوف والغيران .


عدد أيامه ( 13) يوم وهو ثلاث نجوم طمس خفية بين زباني العقرب وبين السماك الأعزل على خط فيه تقويس من القدر الرابع وهو أول النجوم اليمانية وتبدأ فيه المظاهر الشتوية وتزداد برودة الجو ليلاً أكثر من ذي قبل مع اعتدال في النهار وتهب فيه رياح الجنوب ويبدأ البحر فيه بالهيجان وتلبس الملابس الدافئة وتقول العرب ( إذا طلع الغفر أقشعر السفر وتربل النضر وحسن في العين الجمر ) ومعنى السفر المسافرون وتربل النضر ذهبت النضارة عن الأرض والشجر وهو النجم السادس من نجوم الخريف والثالث من من نجوم الوسم مطره ينبت الكمأة بإذن الله وتهب فيه رياح الجنوب ويبدأ البحر فيه بالهيجان ويغيب فيه نجم قلب العقرب وفي هذا الوقت يسكن النمل في باطن الأرض ويبدأ لون الأترنج بالإصفرار ولاتقطع فيه الأشجار والنخيل لئلا تأكله الأرضه ( السوس ) ويتم فيه قطع كرب ( تكريب ) النخيل وتزرع فيه الخضروات والشعير والقمح والفول والبرسيم والعدس والبصل والعصفر والكمون والكزبرة والبقدونس والثوم ويشتل الخس ويزرع كذلك فيه الكرفس والبابونج والخس والسبانخ والكراث والجرجير والهندباء والخبيز واللخنة والسلق والرجلة والحلبة والزعتر والترمس والبطاطس والشمندر وقصب السكر والجزر واللفت والبازلاء والحمص والمشمش والخوخ واللوز ويحبس الماء عن الأشجار التي تسقط أوراقها في الشتاء كالعنب والرمان والتين التي تربتها طينية أما الرملية فتقلل السقي ويصلح فيه نقل الأشجار والنخيل ويضاف الدفعة الثانية من السماد الكيماوي والسماد العضوي (الدبال) إلى الأشجار إذا لم يكن أضيف من قبل ويحتمل أن يظهر مرض الندوة العسلية ( الدباس ) وهو كثيراً ما يصيب المزروعات وعلى وجه الخصوص نبات الكوسة لذا يجب تعغيرها بالكبريت في وقت مبكر من الصباح وفي هذا النجم تذهب الحدأة والرخم والخطاف إلى الكهوف والغيران .